توقف العمل في 40% من المشاريع الإنشائية.. و80 ألفاً فقدوا وظائفهم العام الحالي

انكماش الاقتصاد 14.4% وهبوط الإنتاج الصناعي بنحو 30% بأوكرانيا

TT

تتناثر عشرات المباني غير المكتملة في كييف تجسد هياكلها الضخمة المهجورة الضرر الذي ألحقته الازمة المالية العالمية بأوكرانيا. وتشير مواقع البناء الساكنة الى نهاية العصر الذهبي لازدهار الإنشاءات ليبدأ عهد إشهار الإفلاس، وفقد عشرات الألوف من العاملين وظائفهم وتعثر سداد ديون المستهلكين في الجمهورية السوفياتية السابقة. واتفقت أوكرانيا على قرض قيمته 16.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لكن توقعات اقتصادها قاتمة مع استمرار الخلافات بين الرئيس ورئيسة الوزراء فضلا عن خلاف على الغاز مع روسيا ودلائل على استياء عام يتنامى.

وقال أوليكسندر أوميلتشينكو، عضو البرلمان ورئيس بلدية كييف السابق، «قطاعنا على الأرجح هو الأكثر أهمية والأكثر احتياجاً.. لذلك فإنه الاكثر تضررا من الازمة». وأضاف «40 في المائة من مواقع الإنشاء توقف العمل فيها فعلياً. لكن السلطات لا تدرك أن وقف المشروعات أكثر تكلفة في نهاية الامر من استكمالها». وتضرر قطاع الانشاءات مثل قطاع صناعة الصلب بشدة بالأزمة الاقتصادية. وكان القطاع يوفر 1.5 مليون فرصة عمل ويجتذب أعدادا كبيرة من العاملين الى العاصمة المزدهرة من القرى الهادئة، لكن توقف الائتمان الميسر والانخفاض الحاد في قيمة العملة (الهريفنيا) أدى الى توقف مفاجئ في القطاع. واوضحت وكالة رويترز للأنباء ان شركات الإنشاءات ذكرت ان التوقعات سيئة، وتدعو الحكومة لتحمل نصيبها من المسؤولية. وقال ميكولا تولماتشيوف أحد ملاك شركة تي.ام.ام، واحدة من أكبر الشركات في أوكرانيا، «الناجون لن يكونوا الاقوياء بل اصحاب الحس والخبرة بالنجاة». وأضاف «لم يكن أحد يتوقع أزمة بهذا الحجم. وصراحة لم تظهر بعد كل آثارها والسلطات لم تتخذ الخطوات التي قد تسهل الأمور». وهياكل المباني غير المكتملة والرافعات العاطلة وأكوام الطوب التي لم تستخدم بعد تشاهد في الكثير من المواقع على الضفة الشرقية لنهر دنيبر. وقال أولكسندر نستيروك، 35 عاما، وهو يقف وسط الثلوج خارج موقع بناء توقف العمل فيه «قالوا ان شقتنا ستكون جاهزة في الربع الاول من عام 2007. ومنذ عام ونصف العام وأنا أتلقى خطابات تأجيل». ويقول المسؤولون ان 80 الفا من عمال البناء فقدوا عملهم هذا العام. ويتوقعون عددا مماثلا عام 2009. وعشرات الالوف سيفقدون عملهم في قطاعات مرتبطة بقطاع الإنشاءات. وقال فاسيل كويبيدا وزير التنمية الإقليمية والإنشاءات «بحلول العام المقبل، نتوقع ان يفقد ما بين 75 ألفا و80 ألف عامل وظائفهم. وستتراجع مشروعات بناء المساكن بنحو ما بين 40 و50 في المائة». وانكمش الاقتصاد بنسبة 14.4 في المائة وهبط الإنتاج الصناعي بنحو 30 في المائة بمعدل سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع تراجع الطلب على الصلب واضطرت الكثير من الشركات الى منح عمالها اجازات اجبارية. وهبطت قيمة العملة بشدة. وفي لحظة معينة هذا الشهر، بلغت نصف قيمتها في سبتمبر (أيلول) قبل أن تنتعش قليلا. وهذا وحده أثر بشدة على حياة الاوكرانيين. فنصف الائتمان الاستهلاكي والاسكاني مقوم بالدولار، وأصبحت المدفوعات أعلى بكثير الآن. وتوقع مسؤول بارز أن يتخلف المستهلكون عن سداد نحو 60 في المائة من قروض البنوك، مما يثير الاضطراب في القطاع المصرفي.

ويقول فيكتور الذي يرزح تحت وطأة رهن عقاري بقيمة مائة ألف دولار ان سعر الفائدة الجديد «خلق وضعا مأساويا لا مثاليا». وأضاف «الكثيرون مستعدون للذهاب لميدان الاستقلال وبدء ثورة»، مشيرا الى الثورة البرتقالية عام 2004 عندما تظاهر محتجون على تزوير الانتخابات. وقال «لا نريد القيام بذلك. لكن هناك من لديهم طفل أو اثنان أو ثلاثة». وتضرر قطاع الانشاءات أكثر من غيره. وتم رصد تراجع بنسبة 13 في المائة في 11 شهرا والعمل مستمر في 36 من 186 موقعاً للبناء بالعاصمة. وتوقف العمل في خمسة آلاف موقع في البلد الذي يقطنه 46 مليون نسمة. ورحب القطاع باقتراح اصدار سندات رهون عقارية تضمنها الحكومة بقيمة مليار هريفنيا للسماح باستكمال مبان سكنية على مساحة 250 الف متر مربع لكن بعض المسؤولين قالوا انها مجرد قطرة في بحر. ولكن مثل مبادرات حكومية أخرى تم تهميشها بسبب خلافات استمرت شهوراً بين الرئيس فيكتور يوشينكو وحليفته السابقة رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو. وقال أولكسندر شلاباك، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس، «اذا كانت كل القرارات المتفق عليها ستنفذ بهذا الشكل، فليس هناك أمل يذكر في الخروج من الأزمة». وأقرت الحكومة تفاصيل ائتمانات يتم التصريح بها لمشروعات الانشاءات لتوفير قروض يمولها البنوك والمقاولون معاً.

ومنع البرلمان البنوك من رفع أسعار الفائدة على التمويل العقاري والحجز على العقارات. ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذت لإنعاش القطاع اقتراح بتيسير دفع دفعات مقدمة على المشترين وتخفيف العبء الضريبي على المقاولين. وهناك اقتراح آخر بأن يبيع البنك المركزي 200 مليون دولار للبنوك كل عام بسعر صرف تفضيلي للمساعدة في تغطية القروض العقارية المعدومة. وتقول البنوك ان الفكرة جيدة لكنها لا تغطي كل الديون وقد يساء استغلالها. ويقول العديد من المسؤولين إن الدفعة القوية للقطاع ستأتي من أكبر مشروع تنمية تشهده أوكرانيا، وهو استضافة بطولة الامم الاوروبية لكرة القدم عام 2012 بالاشتراك مع بولندا. وهذا المشروع الذي تضرر بالفعل بسبب خلافات بشأن التنظيم وتأخير بناء الملاعب الرياضية يشمل اقامة فنادق وتحديث طرق وشبكات سكك حديدية وطيرانا جويا.

وقال الوزير كويبيدا «يورو ـ 2012» سيكون السبيل الرئيسي لتحفيز قطاع الانشاءات.. ان تنفيذ هذا البرنامج هو بوضوح الأولوية الاولى لحكومتنا».