مختصون سعوديون يحذرون من كآبة الأطفال

حملوها مسؤولية العنف الأسري

TT

ربط عدد من المختصين في مجال الصحة النفسية بين ازدياد حالات العنف الأسري والإيذاء، وبين ارتفاع نسب الإصابة بمرض الكآبة وعدم اللجوء لأي علاج طبي أو إرشادي للتغلب على المرض الذي يعد ثالث الأمراض عالمياً من حيث نسبة المصابين به بحسب الدكتورة سميرة الغامدي الأخصائية النفسية بمستشفى الأمل بجدة. وبحسب مدير مستشفى الصحة النفسية بجدة، الدكتور نواف الحارثي، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الحماية بمحافظة جدة، وعضو لجنة الحماية ومكافحة العنف بالشؤون الصحية بجدة، فإن أكثر من نصف حالات التعنيف الأسري والإيذاء يكون المعنف فيها مصابا باضطراب الاكتئاب وهي الحالة التي تتبين بعد إخضاعه للتشخيص والملاحظة.

ودعت الغامدي إلى حملة توعوية للتعريف بالمرض الذي وصفته بـ «الصامت» وخطورة تجاهله، لافتة إلى أن نوعاً منه آخذ في الانتشار، يصيب الأطفال ويجب ملاحظته وتداركه بسرعة، وأعراضه انزواء الطفل وخموله الدائم، ومواجهته لمشاكل في التحصيل، وصعوبات النوم، وأسبابه قد تكون من بينها ولادة طفل جديد، قلق انفصال الوالدين وله أعراض مشابهة للاكتئاب، الخوف، عدم الأمان، تعرضهم للإيذاء، موت أحد الوالدين، وجود تاريخ مرضي في الأسرة، مشاهدة الطفل للاضطرابات الاجتماعية، مشيرة إلى أن نسب الإصابة به في ارتفاع، ولافتة في الوقت نفسه إلى أهمية تعزيز الحملات الإعلامية حول الاكتئاب وخطورته، وأفضل السبل والطرق لمعالجته والتي من بينها الاستعانة ببرامج إدارة الغضب، وبرامج إدارة الوقت، اللجوء إلى المستشار النفسي في حال تغير السلوك والعادات اليومية والحديث عن الإحباطات اليومية. وفي السياق ذاته أكد الدكتور نواف الحارثي أن نسبة انتشار الاكتئاب بالعودة إلى الاحصاءات تشير إلى أن المسجلين يتراوحون بين الـ 15 بالمائة، إلى 25 بالمائة، وبأن نسبة إصابة السيدات بالمرض تصل إلى 2 مقابل كل إصابة لرجل، بمعنى أن السيدات أكثر عرضة للإصابة به. وقال الحارثي إن الأسباب التي تجعل النساء أكثر عرضة بالإصابة هي طريقة استجابتهم للضغوطات والالتزامات اليومية وحس المسؤولية العالي لديهن، إضافة إلى استخدام بعض الأدوية مثل أدوية منع الحمل، والتغيرات الهرمونية التي ترتبط بالحمل والولادة، إلا أن نسبة النساء اللاتي يراجعن للعلاج من الاكتئاب هي امرأة مقابل كل رجل، وهذا يعني أن نصف السيدات لا يتلقين علاجاً، وهذا يعود في الغالب إلى أنهن يفضلن المعاناة بصمت بدلا من الشكوى، وأحياناً لا تكون شكواهن مسموعة. وأضاف «خطورة الاكتئاب تكمن في أنه يمكن أن يصاب به الشخص دون أن يشعر بذلك، إلا في الحالات المتقدمة، وهناك عدة عوامل أكثر خصوصية في المجتمع السعودي تجعل اكتشافه أصعب حتى للمريض نفسه، منها أن مستوى التحمل لدى الفرد عال، وعدم وجود المعرفة والوعي الكافيين بالمرض، إلى جانب ثقافة العيب الاجتماعي التي تجعل من اللجوء إلى الطبيب النفسي وصمة عار أو سراً لا يرغب الكثيرون في البوح به». وأشار الحارثي إلى أن 57 ألف حالة مرضية يتم علاجها في مستشفى الصحة بجدة فقط تشكل نسبة المصابين منهم بالقلق والاكتئاب أو الاكتئاب إلى جانب أمراض أخرى حوالي الـ 40 بالمائة، بواقع أربعة مكتئبين بين كل 10 مراجعين لمستشفى الصحة النفسية، إلا أنه أكد أن الإيجابي في الأمر أن أكثر من 70 إلى 80 بالمائة من الحالات تستجيب للعلاج بشكل ممتاز، لافتاً إلى أن مضاعفات الاكتئاب إذا لم يتم علاجه تتضمن تأثر الوضع العائلي والاجتماعي، العجز عن القيام بالمهام الأساسية، تأثر العمل بشكل سلبي والقدرة على الإنتاج والإبداع، وفي مرحلة متقدمة تراود المكتئب أفكار انتحارية، تتحول إلى قناعات وقد تصل إلى حد الإقدام عليه. وقال الحارثي إن هناك 17 مستشفى للصحة النفسية في المملكة، وما يقارب الـ44 عيادة، وأن الكشف عن الاكتئاب بسيط يمكن ألا يستغرق أكثر من 10 دقائق فقط يملأ فيها الشخص استمارة تتضمن أسئلة يمكن من خلالها أن يحدد الطبيب إصابته بالكآبة من عدمها، ويحدد درجة الحالة ثم يصف علاجاً مناسباً قد يتراوح بين جلسات استشارية وإرشادية لنصحه حول أفضل الطرق للتعامل مع الضغوط، وقد تتطلب العلاج بواسطة الأدوية والعقاقير في حالات متقدمة.