معرض «تراث وحرف» في مبنى وزارة السياحة ببيروت

يؤرشف بالفن تاريخ لبنان

معرض «تراث وحرف» («الشرق الأوسط»)
TT

اختار معرض «تراث وحِرَف» وزارة السياحة في شارع الحمرا لتكون محطته الأخيرة للعام 2008، بعد ان جال في كل المناطق اللبنانية وعدد من بلدان العالم حاصدا الجوائز والتقديرات، ناشرا التراث اللبناني سلعا ثقافية مبدعة.

والمعرض هو حصيلة جهود منظمات أهلية وحرفيين لبنانيين. وقد ضم هدايا من الارتيزانا التي لا بد للسائح ان يحملها لتذكره بزيارته لبنان، وينقلها الى المغتربين اينما وجدوا في اقطار العالم. وضم ايضا لوحات فنية ومنحوتات وفسيفساء ونحاسيات والكثير من الأعمال اليدوية الأخرى.

كل حرفي شارك في المعرض، انطلق من وجهة نظر خاصة به وتبنى هدفا معينا سعى الى تحقيقه. رئيسة اللجنة الاجتماعية في رابطة أبناء بيروت لينا حريري المشاركة في المعرض قالت لـ«الشرق الأوسط»: «ان هدف مشاركتنا في المعرض يأتي ضمن تمكين المرأة من مساعدة زوجها اقتصاديا، فالسيدات اللبنانيات يملكن الكثير من الأفكار ويتمتعن بالقدرة على فعل أي شيء. لذا كان هدف الرابطة مساعدة هؤلاء النساء بتصريف أعمالهن، فنأخذ من كل عائلة أعمالها ونسوّقها في المعارض». وتضيف: «أنا مثلا أطرز الشراشف واخيط قطعا قماشية صغيرة لها عدة استعمالات، منها جيب مستقلة يمكن أن تضع فيها جهازها الخليوي او جهاز الموسيقى الخاص بها عند ممارستها الرياضة أو الأعمال المنزلية».

اما الفنان اللبناني جورج بيطار الذي يصنع الأعواد، فكان وجوده مميزا وسط المعروضات، ذلك انه الوحيد الذي عرض آلات موسيقية استعمل فيها أنواع خشب يختلف كل نوع فيها عن الآخر. والسبب هو أن كل نوعية خشب تعطي نغمات مختلفة. والخشب المستعمل هو خشب الجوز وخشب الكرز وفي بعض الأحيان يجمع النوعين في عود واحد. وكذلك ادمون بطرس وهو محترف حرفة الفسيفساء. ويفسر حبه لهذه المادة بأن غالبية المواد الأخرى لا تدوم كالفسيفساء. ويقول: «على امتداد الاجيال والقرون صمدت الفسيفساء في وجه عوامل الزمن ولم تتغير، وكانت الأكثر استعمالا عند الفينيقيين». هذه الحقبة هي الأحب الى قلب ادمون. كذلك الأمر مع الياس الهاشم المتأثر بالتاريخ الفينيقي وهو نحات ينحت على الصخر أشكالا فينيقية مختلفة.

اللوحات الفنية لم تغب عن المعرض. فالفنان جورج خوري يرسم اللوحات بدون استعمال الريشة بل يستعمل يديه فقط. واللوحة الأحب على قلبه مرسومة منذ فترة وجيزة عقب مقتل أخيه في زحلة. «هي عبارة عن شمس تتوسطها أرزة لبنان والكثير من الوجوه متوجهة صوبها. وهي تعني أن كل شهيد لبناني في رحلته الى السماء يأخذ معه الشعب اللبناني كله».

مادلين معلوف مكرزل، رئيسة «التجمع الحرفي اللبناني» ومنظمة المعرض، قالت لـ«الشرق الأوسط» «ان هذا المعرض يضم مصنوعات واعمالا فنية لأكثر من 70 حرفة. وهو الأكبر هذا العام ونحن كتجمع ندرس متطلبات السوق لنساعد الحرفيين ونوجههم في عملهم. اما اختيارنا للاعمال الحرفية فيعود الى انها خير موسوعة لأرشفة التاريخ. فكل الدول بدأت حرفية وأصبحت صناعية. لذا نحن اليوم نحاول احياء القديم بلمسة وحمايته من الاندثار بسبب التطور». يستمر المعرض لغاية 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ولا يكتفي بالأعمال المعروضة، وانما يلوّنها بالفلكور من خلال مشاركة فرق الدبكة وجلسات عفوية تحركها القصائد الشعبية. كما يحفز زواره على المشاركة من خلال جوائز توزع عليهم. اما مفاجأة المعرض فستكون يوم الأثنين المقبل الموافق 29 الجاري، وهي لوحة السلام العملاقة التي يشارك في تشكيلها الفنان جورج خوري و150 من تلاميذه، وهي لوحة يتجاوز طولها 30 مترا ويفترض ان يرسمها الاستاذ وتلاميذه خلال أقل من ساعة.