القصف المتواصل يبقي معظم المحال مغلقة ويقلص رغبة الغزيين في مغادرة منازلهم

الشلل التام هو سمة مدن القطاع

TT

رغم أن صالونه الأنيق قد تمت تسويته بالأرض، إلا أن علامات الرضى كانت بادية على وجه فهمي العودات، 34 عاما، وهو يقف على ركام الصالون. ففهمي أحد الحلاقين المشهورين في مخيم المغازي للاجئين، وسط قطاع غزة كان يشعر أن قراره بعدم فتح صالونه منذ أن شرعت إسرائيل في حملتها العسكرية على القطاع خطوة سليمة. فصالونه يتاخم تماماً مركز الشرطة الوحيد في المعسكر، الذي دمره سلاح الجو الإسرائيلي مساء اول من أمس. فألقت طائرة حربية نفاثة من طراز «إف 16» على المقر قنبلة تزن طناً، فدمرت المركز، وسوت معه صالون فهمي بالأرض. ما حدث لصالون فهمي يفسر لجوء الكثير من المحال التجارية التي تقع في محيط المؤسسات الحكومية والأمنية العامة الى إغلاق أبوابها في هذا المخيم، وفي غيره من المناطق في غزة. لكن مظاهر شلل وتشويش الحياة في القطاع في ظل القصف لا يعكسها فقط اغلاق المحال التجارية القريبة من المؤسسات الحكومية العامة، بل إن بقية المحال والمرافق الخاصة في ظل القصف المتواصل إما أنها أغلقت أبوابها، أو قلصت من ساعات عملها بشكل واضح، باستثناء بعض المحال التي تشهد اقبالاً واضحاً من الجمهور لتقديمها مواد أساسية يحتاج اليها الناس. كثير من المحال والمرافق تقلصت الحاجة اليها في ظل القصف، وأصبح ما تقدمه يعتبر بالنسبة للكثيرين هنا مجرد نوع من الكماليات التي يتوجب الزهد فيها في ظل هذه الأوضاع. فمذبح سالم الحساينة الذي يختص في بيع الدجاج في قلب مخيم النصيرات، وسط غزة مغلق. وقال الحساينة لـ«الشرق الأوسط»: «آخر ما يفكر فيه معظم الناس هنا، هو شراء الدجاج، ليس لأن الناس لا يملكون المال الكافي لذلك، بل بسبب المزاج العام الذي يسود لديهم». وما ينطبق على مذابح الدجاج، ينطبق على مطاعم الكباب والشاورما التي كانت تعج بالزبائن في الأوضاع التي سبقت الحملة العسكرية. ويجلس نهاد أبو جياب صاحب أحد مطاعم الكباب التي كانت تحظى بإقبال كبير من قبل الناس في المنطقة الوسطى في قطاع، في مطعمه بدون عمل تقريباً. وحتى مطاعم الفول والفلافل لا تشهد إقبالاً، بعد أن تغلبت على النقص في الوقود عبر استخدام الكيروسين الأبيض في انضاج الفول والفلافل. فمعظم مطاعم الفلافل تعمل لفترة واحدة، إما صباحاً أو مساء. وقال محمد عوني، 23 عاماً، الذي يقطن غرب مخيم المغازي للاجئين، وأحد الذين يداومون على شراء الفول والفلافل في الصباح والمساء، انه لم يعد يقدم على ذلك منذ أن شرعت إسرائيل في حملتها. ويفسر محمد تغيير عادته هذه بقوله لـ«الشرق الأوسط». قائلاً «لقد قررت تقليص خروجي من البيت تجنباً لأي خطر قد ينجم عن عمليات القصف، للوصول الى أي محل فول يتوجب عليك أن تسير مسافة كبيرة في الشارع الرئيسي من المخيم، وهذه مخاطرة لأنه قد يتم قصف سيارة أو بيت بالقرب منك، فيحدث لك ما لم يكن في الحسبان». في نفس الوقت، فأن المقاهي قد أغلقت أبوابها، حيث اكتفى زبونها الدائمين بقتل وقتهم في التجمع مع جيرانهم عند قارعات الطرق. ولكن ورغم ذلك، فإن المرء يمكن أن يشاهد فجأة انقضاض الناس على محل تجاري بعدما يتبادر الى مسامعهم وصول أحد السلع الأساسية التي تنقصهم. فأول من أمس اضطرت الشرطة الى بذل جهد كبير في تنظيم الطابور الذي اصطف أمام محل أحد المحال التجارية في قلب مدينة دير البلح، وسط القطاع، بعدما تسلم هذا المحل كمية من الطحين. في غضون ساعة تجمع المئات أمام المحل، وبعد ساعتين نفدت الكمية التي وصلت من الدقيق، حيث أن هناك نقصا شديدا في هذه السلعة الأساسية.