الكونغرس يشرع في «استجواب» وزراء أوباما

مخاوف من تأثير سلبي للتنافس بين حكومة الرئيس المنتخب ومستشاريه

TT

بدأ أعضاء حكومة الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما في المثول امام لجان الكونغرس لنيل الثقة حتى يصبح للمصادقة على تعيينهم، وسط مخاوف من منافسة بين وزراء اوباما ومستشاريه في الادارة المقبلة.

وكان توم داشيل وزير الصحة أول من مثل امس امام لجنة الصحة والتعليم والعمل والتقاعد في مجلس الشيوخ، وذلك في إطار جلسات استماع شبيه بالاستجواب تجريها اللجان لجميع المرشحين لمناصب رفيعة في إدارة اوباما. ولن تصوت لجنة الصحة التي يرأسها السيناتور ادوارد كنيدي على تثبيت داشيل في منصبها، إذ ان هذه الصلاحية تناط بلجنة المالية. وإلى جانب توليه وزارة الصحة كلف اوباما داشيل للعمل مديراً لمكتب جديد تابع للبيت الابيض وهو مكتب الاصلاحات في مجال الصحة. ويتوقع ان لا يواجه داشيل اية عقبات تذكر لنيل ثقة مجلس الشيوخ، إذ سبق له ان كان عضواً لفترة طويلة في المجلس كما تولى منصب زعيم الأغلبية الديمقراطية وكذا الأقلية في مجلس الشيوخ.

ومن المقرر ان تمثل اليوم أمام اللجنة نفسها هيلدا سوليس وزيرة العمل وهي" اليسارية" الوحيدة في حكومة أوباما ومسارها يماثل كثيراً مسار اوباما نفسه، إذ هي ايضاً ابنة مهاجر كما جاءت للسياسة عبر نشاطها في لوس انجلوس للمطالبة بحقوق الطبقات الفقيرة، كما هو شأن اوباما الذي دخل الحياة السياسة عبر العمل المحلي في شيكاغو عندما عمل مرشداً اجتماعياً ومدافعاً عن حقوق الفقراء. ويمثل باقي الوزراء تباعاً أمام لجان الكونغريس ابتداء من الثلاثاء المقبل، وستكون هيلاري كلينتون المرشحة لمنصب وزيرة الخارجية من بين الذين سيمثلون الثلاثاء حيث ستقدم ايضاحات امام لجنة العلاقات الخارجية حول أفكارها بشأن ما تعتزم القيام به على رأس الديبلوماسية الأميركية.

وبينما انجز اوباما مهام اختيار وزراء ادارته، يعمل الآن على تشكيل طاقم جديد وقوي من المستشارين قبل أيام قليلة من دخوله المكتب البيضاوي، وهو الطاقم الذي من المتوقع أن تنافس سلطته ـ إن لم تتخط ـ سلطة مجلسه الوزاري. ولطالما سعى الرؤساء إلى تركيز النفوذ داخل البيت الأبيض، وغالباً ما كان يضايق ذلك وزراء حكوماتهم. وانتهت محاولات الرئيس الاميركي السابق ريتشارد نيكسون في هذا الصدد إلى السعي لتشكيل جماعة من المستشارين يكونون داخل الجناح الغربي من البيت الأبيض لديهم تفويض، وسلطة للتعامل مع البيروقراطية التقليدية. ومن المفترض أن يقوم «المجلس الوزاري الأعلى» الناشئ التابع لأوباما بضمان أن أولوياته الداخلية، التي تتضمن الإصلاح الصحي، والقضايا الحضرية والبيئية، لن تعاني من الروتين الحكومي في مؤسسة ما، أو أنها ستعاني من التجاهل في غمرة الأزمات الاقتصادية والدولية الحالية. وستشغل قيادات معروفة عددا كبيرا من المناصب الجديدة لديهم خبرة في التعامل مع الروتين الحكومي. ومع ذلك، يرى البعض احتمالية نشوب الفوضى داخل الإدارة جراء تلك القضية. ويقول توماس دونوهو، رئيس غرفة التجارة الأميركية: «إننا ماضون نحو فترة يكون لدينا فيها الكثير من المسؤولين الكبار. وسيكون هناك قدر كبير من الهزل حيث سنرى نقاشات كثيرة بين المسؤولين الكبار والمنظمين، والمسؤولين الكبار والوزراء». وستتولى كارول براونر، والتي تولت مسؤولية وكالة الحماية البيئية في إدارة بيل كلينتون، حقيبة وزارية جديدة موسعة تقع على عاتقها مسؤولية الأجندة الطموحة الخاصة بالرئيس أوباما فيما يتعلق بالبيئة والطاقة والتغير المناخي. وثمة توقع أن يشغل السياسي أدولفو كاريون من برونكس منصبا جديدا داخل البيت الأبيض، وذلك لتنفيذ أجندة الإسكان والتعليم الخاصة بأوباما بالنسبة للمدن. وسيصبح السيناتور السابق توماس داشل أول وزير داخل المجلس الوزاري منذ عقود يشغل منصبًا داخل ويست وينغ، إلى جانب المنصب المنفصل المنشأ حديثًا، ألا وهو: مدير مكتب الإصلاح الصحي. وأوضحت ستيفاني كاتر ـ الناطقة باسم أوباما: «مع ضخامة التحديات التي نواجهها، من المهم أن يكون لدينا شخص ما في البيت الأبيض كل يوم، يقدم التقارير إلى الرئيس، وينسق السياسة، ويولي تلك القضايا التركيز الهام التي تحتاجه، وسيتيح هذا الأمر فعالية، وانسيابية اتخاذ القرار».

من ناحية أخرى، يقول بروس هيرستشينسون، أستاذ السياسة الخارجية بجامعة بيبردين، والذي شغل منصب النائب المساعد الخاص للرئيس نيكسون، أن خطط أوباما بالنسبة للبيت الأبيض قد تؤتي نتائج عكسية. وأفاد هيرستشينسون: «(من شأن هذه الخطوة) أن تضيف طبقة أخرى من البيروقراطية بدلاً من التخلص منها فعليًا. فسيصارع كل شخص الآخر، إذ سيحدث صراع مع كل مسؤول داخل المجلس الوزاري، حيث سيكون لكل واحد منهم مسؤول يتابعه داخل الجناح الغربي» أو في مبنى مكتب أيزنهاور التنفيذي. ويقول كيلفين ماكنزي ـ أستاذ العلوم السياسية في كولبي كوليدج أن أوباما يخاطر بإقحام البيت الأبيض في تفاصيل من الأفضل أن يتم تركها إلى الهيئات الوزارية. واستطرد ماكنزي: «إن الجانب المظلم لهذا أن البيت الأبيض سيقحم نفسه حتمًا في إدارة الأمور الصغيرة، وقد يقلل هذا الأمر من أهمية وزراء المجلس الوزاري، والأمر الذي يجعل الأمر أقل حتمية أنهم سيبدأون في هذا الكيان البداية الصحيحة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص «الشرق الأوسط»