مؤسسات حقوقية في إسرائيل تتوجه للقضاء المحلي والدولي لوقف العدوان ومحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب

رافضة محاولات تبرير قصف المدنيين والمدارس

TT

توجهت تسع جمعيات ومؤسسات اسرائيلية، يهودية وعربية، الى محكمة العدل العليا في اسرائيل لإجبار الحكومة على وقف الحصار والعقوبات الجماعية للمدنيين في قطاع غزة، بينما توجهت المؤسسة العربية لحقوق الانسان في اسرائيل برسائل الى كل من «مجلس حقوق الانسان» والمدعي العام في «المحكمة الجنائية الدولية» بالمبادرة لفتح ملفات وإجراء تحقيقات في جرائم الحرب التي يقترفها الجيش الاسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة، وتقديم المسؤولين عن اقتراف هذه الجرائم امام المحكمة الجنائية الدولية، التي اقيمت خصيصاً بموجب اتفاقية روما للعام 1998 لمحاكمة مجرمي الحرب وضمان عدم افلاتهم من العقاب.

وجاءت هذه النشاطات لتفرض على الحكومة الاسرائيلية التوقف عن استخدام العقوبات الجماعية ضد الأهالي العزل بهدف الضغط على حكومة حركة حماس. وحسب أحد المتابعين، فإن الضغوط السياسية والجماهيرية على اسرائيل لا تكفي وينبغي ان تتابع بضغوط قضائية محلية وعالمية أيضا.

وقال محمد زيدان، رئيس المؤسسة، ان اسرائيل ليست فوق القانون الدولي ولذلك لا بد من أن يحاكم كل مشتبه بارتكاب جرائم حرب فيها. وأضاف انه مع تصاعد العدوان الاسرائيلي العسكري على غزة، تكثف اسرائيل قصفها المدفعي والجوي على المنشآت والمناطق المدنية، كما ظهر خلال استهداف ثلاث مدارس تابعة لوكالة غوث اللاجئين (الاونروا) اسفرت عن قتل حوالي 50 معظمهم من الاطفال، على الرغم من ان الامم المتحدة أبلغت اسرائيل بأمر فتح مدارسها كملاذ آمن للمدنيين الذين اضطروا لترك منازلهم خوفاً من القصف، او الذين تدمرت بيوتهم نتيجة القصف المستمر منذ احد عشر يوماً. وحسب منسق الامم المتحدة في غزة، فانه جرى تقديم الخرائط للجانب الاسرائيلي. ويؤكد تعنت اسرائيل ومواصلتها للقصف واستهداف الاحياء السكنية وحتى المنشآت التابعة للامم لمتحدة، دونما اي اعتبار للقواعد التي وضعتها الاتفاقيات الدولية لحماية المدنيين وقت الحرب، ان الاصوات الصادرة عن الامم المتحدة والمجتمع الدولية عامة ليست كافية لالزامها بقواعد القانون الدولي الانساني، ولا تشكل رادعاً لاستمرار جرائم الحرب والاستهداف المقصود للمدنيين.

ورفضت المؤسسة محاولة اسرائيل تبرير قصفها المدارس بسبب اطلاق صواريخ من قبل حماس من تلك المواقع، وقالت ان هذا التبرير يخفي في طياته اعترافا بالجريمة وبالدوس على القانون الدولي بشكل فظ وواضح، لان القانون الدولي لا يجيز قصف المواقع المدنية والمباني السكنية التي يحتمي بها المدنيون، حتى وان استعملت من قبل الطرف الثاني لاطلاق النار.

وأشارت المؤسسة العربية لحقوق الانسان الى ان تعداد الاطفال والنساء تجاوز نصف التعداد الكلي للشهداء والجرحى، وهو ما يؤكد وجود نمط مقصود وواضح باستهداف المدنيين بهدف ترويعهم وانزال اكبر عدد من الضحايا بينهم، مما يشكل جريمة حرب واضحة ومخالفة جسيمة للقانون الدولي الانساني. ولذلك فاننا نطالب «الامم المتحدة» وخاصة «مجلس الامن الدولي» للقيام بواجبه باتخاذ التدابير الفورية لحماية المدنيين الفلسطينيين، واتخاذ اجراءات عقابية ضد اسرائيل لارتكابها جريمة العدوان، واستهدافها للمواقع المدنية الآمنة وبضمنها المدارس والمساجد والمباني السكنية. كما تطالب المؤسسات الدولية المعنية بتوفير الحماية للطواقم الطبية والاسعاف لتمكينها من نقل الجرحى والشهداء خارج اماكن القصف، وتقديم الدعم المادي الطبي للمشافي الفلسطينية لتمكينها من القيام بواجبها على افضل وجه.

وأما التوجه الى المحكمة العليا الاسرائيلية فجاء بعد ان اتضح ان فتح المعابر مرة في اليوم ولمدة 3 ساعات لا يكفي لسد حاجات الحد الأدنى للمواطنين. وقالت المحامية شيري بيشي، التي تمثل منظمة «جيشا» في هذه الدعوى، ان شبكات المياه والكهرباء والمجاري على حافة الهاوية في قطاع غزة وستنهار في غضون أيام وربما ساعات، إذا لم يتم تزويد القطاع بخمسة أضعاف الكميات التي تدخل اليوم من الوقود.

وكان منسق الشؤون الانسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التابع للأمم المتحدة، قد أشار في تقرير له أمس الأول، الى انه بسبب العدوان الاسرائيلي، يعاني اليوم 800 ألف مواطن من مجموع 1.45 مليون نسمة في غزة من انقطاع دائم في المياه، بينما يعاني الباقون من تلوث المياه والعجز عن تطهيرها. وغالبية شبكات المجاري التي بنيت خلال فترة السلطة الفلسطينية قد هدمت بسبب القصف الاسرائيلي، مما جعل الأحياء تغرق في المياه الآسنة، التي تتسبب في الأمراض وفي انتشار روائح كريهة وتجعل حياة المواطنين مستحيلة. ومن مجموع 56 عيادة لرعاية الأم والطفل لا تعمل سوى 3 عيادات، وحتى هذه يصعب وصول الأمهات اليها لتطعيم الاطفال ومراقبة نموهم. وطواقم الاسعاف الطبي تتعرض للقصف، وقد استشهد خمسة من أفرادها وجرح ثلاثون وقصفت 11 سيارة اسعاف. والمستشفيات تعمل تحت طائلة ضغوط غير انسانية حيث تعمل على 4 مولدات للكهرباء بسبب قطع التيار الكهربائي وينقصها العديد من الأدوية والأجهزة.

وكانت ثمان من جمعيات حقوق الانسان المذكورة أعلاه قد توجهت في وقت لاحق الى المحكمة العليا في القدس طالبة استصدار أمر بمنع الجيش الاسرائيلي من قصف سيارات الاسعاف والطواقم الطبية.