رحيل غاستون لونوتر صانع الحلويات الأشهر في فرنسا

أكبر سفراء فن المائدة الفرنسية

غاستون لو نوتر (أ.ف.ب)
TT

رحيل صانع حلويات ليس بالحدث الجلل بالطبع. إذ يوجد في العالم عشرات الآلاف من صناع الحلويات وبمعدل واحد على مائة ألف ثمة شخص مشهور جداً سواء في محيطه الجغرافي أو في العالم. لكن أن يكون أشهر صانع حلويات في العالم وشهرته تتجاوز شهرة نجوم السينما والسياسة، فإن رحيل هذا الشخص بحاجة الى تسجيل. ولد غاستون لونوتر Gaston Lenôtre في 28 مايو (أيار) 1920 في سانت نيكولا دو ساك وهي قرية صغيرة من قرى إقليم النورماندي شمال غربي فرنسا. لم يأت حبه للمهنة التي أبدع فيها ووصل الى هذه الشهرة من فراغ وعدم. فهو لم يكن الأول في العائلة الذي عمل فيها بل كان والده في النصف الأول من القرن العشرين طاهياً مهماً يعمل في أفخم فنادق باريس، ومنه اكتسب الفتى اليافع غاستون حبه لهذه المهنة الشيقة بالحقيقة. في بداية العام 1947 افتتح أول متجر له في النورماندي ثم ما لبث في العام 1957 أن افتتح أول متجر له في شارع دوتوي في باريس، وهو المتجر الذي لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن وصل الى درجة الوقوف صفوفاً طويلة لتناول حلوياته، حيث تميز بصناعة كعكة شارلوت وموس الشوكولا والمكرون الفرنسية. وكان بداية لشهرته التي ستجعله في ذلك الوقت أحد أهم صناع الحلويات في باريس. في العام 1960 توسعت أعماله كثيراً، وكان الطلب على ما يحضره من حلويات وأطباق كبيراً جداً، ليس في المتجر الوحيد فقط ولكن للمناسبات الرسمية والخاصة، فقام بتحويل متجره للحلويات الى مطعم باسم (غاستون) لكي يتمكن من تلبية الطلبات التي كانت تنهمر عليه من كل حدب وصوب. في العام 1971 افتتح أول متجر في سلسلة متاجر ومدرسة لونوتر Lenôtre التي تنتشر اليوم في عاصمة علمية وتقدم أفخر أصناف الحلويات الفرنسية، بوصفات خاصة جداً، لا يمكن تذوقها في أي مكان آخر، بنفس الطعم والنكهة. لكن منتجاته توجد في الكثير من الأماكن حول العالم. فقد انضمت مؤسسته الى مجموعة آكور المتخصصة بالفندقية والمطاعم حول العالم مما ساهم في انتشار كبير جداً لهذه المنتوجات. وهذا الأمر الذي جعل وزيرة الثقافة الفرنسية كريستين ألبانيل تصدر بيان تعزية بالراحل تقول فيه إن «فرنسا فقدت برحيله أكبر سفراء فن المائدة الفرنسية الشهية» هذا «الحامل لإرث الأسلاف وأحد أكبر الكبار في فن تحضير الحلويات الفرنسية الذي أدخل هذا الفن الى كل زاوية من زوايا العالم». في عيده الثمانين حضر غاستون لونوتر أكبر قالب حلويات في العالم، وذلك في حفل أقيم قبالة برج إيفل تناول منها ثمانمائة ألف شخص بمعدل قطعة لكل فرد، حيث تزامن احتفاله وقتذاك مع استضافة فرنسا لكل العالم في كرة القدم في العام 1998. في العام 1990 أقعد المرض غاستون لونوتر في منزله في سولون تحت رعاية رفيقة دربه السيدة كوليت. وقد رحل عن ثمانية وثمانين عاماً الخميس تاركاً إرثاً كبيراً في تاريخ فن التذوق الفرنسي والعالمي.