كاتبو معاريض ومعقبون يتحولون من «الورق» إلى «الكومبيوتر»

حولوا مكاتبهم وصناديق سياراتهم إلى مكاتب إلكترونية متنقله

مكاتب خدمات متحركة امام ادارة الجوازات في جدة («الشرق الاوسط»)
TT

احمد الشمراني، شاب لم تقعده إصابته بالشلل، فقد استطاع أن يفتتح ويدير العمل في مكتب متنقل يقدم خدماته لمراجعي مكتب العمل، ويتكون مكتبه المتنقل من جهاز حاسب آلي وآلة تصوير وطابعة، وآلة للتغليف، وبعض اللوازم المكتبية البسيطة، ولتلطيف الجو وضع مروحة هواء صغيرة، وتعمل جميع أجهزة مكتبه المتحرك بواسطة مولد كهربائي صغير.

معظم العاملين في هذا المكان هم من المعقبين الذين يقومون بتيسير المعاملات لمراجعي مكاتب العمل والجوازات وبقية الدوائر الحكومية الاخرى، يجتهدون للحاق بالتحول الالكتروني وتحقيق الحكومة الالكترونية التي تسعى لها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتم تنفيذها بالفعل في مكاتب الجوازات. يصل أحمد بمكتبه المتحرك باكرا قاصدا مكانه المعتاد ليبدأ في ممارسة عمله المعتاد يدشنه بفتح المولد الكهربائي وينجز مهام المراجعين من تعبئة الاستمارات وادخال البيانات وذلك تمشيا مع التحول الالكتروني الذي فرضته سلطات وزارة العمل والجوازات ثم يقفل راجعا الى منزله عقب جمع (غلة) اليوم.

يقول إنه كان يعمل في مكتب خدمات براتب 1500 ريال ولكن الفضول هو ما جعله يتجه إلي الأعمال الحرة، وفكر بأن يستأجر مكتبا، ولكن التكلفة وقفت حائلا لانها أكبر من مدخراته المالية، فكانت فكرة المكتب المتنقل الذي يقوم بجميع المهام التي يحتاجها مراجعو الدوائر الحكومية، وقال انه اكتشف ان دخله من العمل الجديد هو أضعاف ما كان يتقاضاه عندما كان موظفا في مكتب الخدمات.

يجاور الشمراني في الموقع، محمد وهو شاب متخرج حديثا من معهد التجارة، في تخصص الحاسب الآلي، يقول بأنه توظف في إحدى الشركات التجارية، لكن ظلت رغبته في تأسيس عمل خاص به أحد هواجسه، فأشار إليه احد أقاربه بتجهيز المكتب المتنقل، والوقوف أمام أحدى الدوائر الحكومية لخدمة المراجعين، ويرى محمد أن عمله الحالي افضل كثيرا من وظيفته التي كان يعمل بها عقب التخرج.

قبالة الشمراني ومحمد، يجلس العم حماد حسين بطاولته التي تحتوى آلة كاتبة قديمة ومظلة تحميه من وهج وحرارة الشمس، ويذكر العم حماد بأنه يعمل ويرزق على الرغم من وجود منافسين لديهم أدوات أكثر تطورا مما لديه كما أنهم يمتلكون خبرات كبيرة في مجال العمل، لكنه يستدرك بالقول «العمل بسيط ولا يحتاج إلى تكلفة كبيرة، وأنا أقوم بعمل يختلف عن العمل الذي يقوم به بقية زملائي ـ المنافسين ـ فأنا منشغل بكتابة الخطابات والمعاريض وتعبئة الاستمارات، وتفويض بعض المراجعين في تخليص معاملتهم»، وعن غياب جهاز الحاسوب عن معداته يقول بأنه لا يحتاجه ويستدرك «وليس لدي الوقت الكافي لأتعلم العمل على جهاز الحاسب الآلي».

أمام مبنى ادارة الجوازات في جدة، كان علي الصائغ يرتب مكتبه المتحرك ويتأفف اثناء تحركه هنا وهناك ليبدأ في مباشرة مهامه، بينما كانت آلته الكاتبة تصدر صريرا وهو يهيؤها بتعبئة الاوراق، قال «أعمل هنا في كتابة المعاريض، والعمل يسير بخير لكن هناك من ينغص علينا وهم عمالة افريقية تعمل في مجال التعقيب لا التزام لهم ولا صدق في المعاملات وهم يعملوا على تشويه سمعة العاملين في مجال التعقيب، فهم يقبضون اموال سداد رسوم الخدمات من تأشيرات وغيرها ثم يلوذون بالفرار، وهذا الفعل يقود صاحب المعاملة برفع شكوى على جميع العاملين في مجالنا ويتم ابعادنا من هنا دون ذنب، وهذه العمالة تحتاج الى من يضبطها ويمنعها كي لا تتسبب في الضرر لعاملين يعولون أسرهم وأبنائهم من هذا العمل».