السعودية: الأماكن العامة تتجه لتشغيل أصحاب العضلات في وظائف «حراس أمن»

ملمون بفنون القتال والدفاع عن النفس بهدف «التخويف» ومنع التجاوزات

بنية جسمانية رياضية ضخمة، مع ضرورة الإلمام بفنون الدفاع عن النفس وكمال الأجسام والألعاب القتالية من شروط العمل كحارس أمن للاسواق في السعودية («الشرق الاوسط»)
TT

لجأت إدارات عدد من المراكز التجارية والترفيهية إلى طريقة جديدة للحد من السلوكيات الخاطئة الصادرة من بعض الشباب المرتادين لتلك الأماكن، والمتمثلة في توظيف حراس أمن بمواصفات خاصة، تتضمن بنية جسمانية رياضية ضخمة، مع ضرورة الإلمام بفنون الدفاع عن النفس وكمال الأجسام والألعاب القتالية.

ويكثر وجود هؤلاء الأشخاص الذين يسموّن بـ «البودي جاردز» في المواسم والعطلات والأعياد، وذلك بسبب زيادة معدل المشاجرات والمشاكل التي عادة ما يكون أبطالها مجموعات من الشباب لا يردعهم سوى «تخويف» بنيات ضخمة قد تتدخل في أي وقت لفض تلك النزاعات.

وتتشابه آراء مجموعة من الشباب حول تجاوبهم السريع مع فئة حراس الأمن ضخام الجثة «حسب وصفهم»، إذ يؤكد هشام ألفي، 24 عاما، أنهم ينفذون ما يطلبه منهم حارس الأمن ذو البنية الجيدة بشكل أكبر من حراس الأمن العاديين، ويقول إن هؤلاء لا يلجأون إلى الضرب من أول مرة، وإنما يستعملون أسلوب الحوار في بداية الأمر، غير أنهم يتشابكون مع الشباب بالأيدي إذا دعت الحاجة، مبينا أن البودي جاردز وضعوا في المرافق العامة من أجل فض النزاعات والمشاجرات فقط.

ويضيف «يستطيعون إخراج أي شاب من المكان بكلمة واحدة منهم، إضافة إلى أنهم قضوا على المجادلات التي عادة ما تنشأ بين الشباب وحراس الأمن عند بوابات الدخول أو في طوابق المركز التجاري، لافتا إلى أن وجودهم لم يغيّر قوانين معظم المرافق العامة التي تشدد على دخول الشباب دون عائلاتهم».

فيما ذكر محمد فهد البالغ من العمر 25 عاما أن من ينوي ارتكاب السلوكيات المخلّة هو الوحيد الذي يخشى من حراس الأمن الكبار، وقال لو كانوا أصحاب أجسام ضعيفة فإنهم عادة ما يتعرضون إلى الاعتداء بالضرب من قبل شباب رياضيين، بينما يخضع الفرد إلى الطاعة العمياء لمن هو ضخم الجثة خوفا على نفسه دون أن يفكر بالجدال معه أصلا.

ولازال محمد يتذكر زيارته لإحدى المراكز التجارية بجدة مع صديقه، إذ أنهما كانا يتصرفان بحذر شديد تفاديا للاحتكاك بهم، مؤكدا على تأييده التام لوجود البودي الجاردز في الأماكن العامة بسبب ما يفعله بعض الشباب من تجاوزات.

أما أحمد قربان يرى أن هؤلاء الحراس يحتاجون إلى إعادة تأهيل في التعامل مع الغير، ويقول يتعاملون من الكل بأسلوب جاف وحاد، على الرغم من اختلاف نوعيات الشباب المرتادين للأماكن العامة والأسواق التجارية، إذ ليس بالضرورة أن يقصد الشاب تلك المحلات من أجل التسكع.

ويضيف «وضع البودي جاردز لإرهاب الشباب، في ظل اختلاف السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها بعضهم» غير أن الرادع الوحيد لهم هو قناعتهم الذاتية، منوها إلى أن أحدهم منعه من الدخول إلى السوق الذي كان يريد تسلم نظارته الطبية لمدة أربعة أيام، بعد أن احتد معه في الحديث أثناء وقوفه عند المدخل الرئيسي، ما جعله يصطحب عائلته من أجل التسوق في المراكز التجارية.

وقد تصل تبعات الالتحاق في هذه الوظيفة إلى خارج أسوار مقر العمل، إذ ذكر عبد الله عبد الجواد حارس الأمن البالغ طوله 180 سم ووزنه يتجاوز 92 كجم، أنه يتعرض في حالات خاصة إلى التهديد بالسلاح خارج مقر عمله، وقال إن المشاجرات التي تحدث داخل المركز التجاري الذي يعمل فيه عادة ما تكون موثقة بتصوير فيديو، بهدف حماية حقوق الحراس امام الأمنية المختصة، «لاسيما أننا لا نلجأ إلى الضرب إلا عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، مؤكدا أن الإلمام بفنون القتال أمر ضروري للعمل في ذلك المجال الذي كان هوايته منذ الصغر، «على حد قوله».

وأشار عبد الجواد إلى أن فريق العمل الذي يبلغ عدده حوالي 20 شخصا داخل حجرة مخصصة لهم ليتم استدعاؤهم عند وقوع مشاجرة أو تصرف خاطئ.

ولا تخلو أجواء عمله العنيفة من مواقف مضحكة تلطف عليه مهنته، إذ فوجئ في إحدى المرات بهروب أكثر من 12 شابا بعد أن رأوا اثنين منهم يتعرضون للضرب، فما كان منه إلا أن انفجر بالضحك حينما رأى ذلك المشهد أمامه، مؤكدا على أن من يتعامل معهم بالقوة يردون عليه بالقوّتين، «بحسب قوله».

من جهته أوضح عسير البارقي نائب المدير العام لإحدى المجمعات التجارية الكبرى في مدينة جدة أن حراس الأمن أصحاب البنية الجسمية الضخمة عادة ما يكونون في المقدمة، فيما يتم توزيع الآخرين خلفهم، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط» تختلف الحاجة إلى البودي جاردز باختلاف المكان، إذ أن ما يحدث في المراكز التجارية من قبل بعض الشبان يحتم ضرورة وجودهم للحد من استهتارهم بالأنظمة والقوانين، مؤكدا أن الحراسات الأمنية في المرافق العامة تعد جهة مساندة للسلطات الأمنية العليا.

وأضاف ان رواتبهم الشهرية لا تتجاوز 2600 ريال سعودي، شريطة أن يكونوا على وعي تام في أساليب التعامل، إضافة إلى تميزهم بالذكاء الذي يساعدهم في اكتشاف الأخطاء، لافتا إلى أن حراس الأمن مرتبطون ببعضهم عن طريق شبكة داخلية خاصة من الصعب اختراقها.

وبيّن نائب المدير العام أن صلاحيات حارس الأمن لا تسمح له بأن يمد يده على أي فرد إلا إذا تعرض للاعتداء من قبله، مشيرا إلى أن وجود حراس الأمن يمكن العائلات من قضاء يوم هادئ في الأماكن العامة دون أن تتعرض للمضايقات.