سليمان يرفض «المزايدات» في فتح الجبهات.. والسنيورة يؤكد التزام حزب الله القرار 1701

لاريجاني يؤكد ضرورة «التشاور مع الحكومة الفلسطينية الشرعية» ويلتقي نصرالله

TT

ساد الهدوء أمس على طول الحدود الجنوبية اللبنانية بعد يوم حافل بالتوتر الذي تسبب به اطلاق صواريخ كاتيوشا من محيط بلدة طير حرفا باتجاه مستوطنات اسرائيلية ورد اسرائيل بقصف موقع انطلاقها، فيما لم تتوقف الارتدادات السياسية لهذه العملية، وأبرزها أمس موقف لافت لرئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي وصف الصواريخ بأنها «مشبوهة» مستهجناً «تدخل البعض في الشؤون اللبنانية ومطالبتهم بفتح الجبهات».

ورأى أن العبرة الاساسية هي انه «لو ان الفلسطينيين كانوا موحدين لكانوا صمدوا بشكل أفضل. ولو كان العرب موحدين لكانوا وفروا الحروب». وذكّر بأنه كان أول الداعين الى التضامن العربي، مشيراً الى انه كان في زيارة للجنوب عندما بدأت اسرائيل هجومها على غزة وأنه عندما اتصل به أمير قطر مساء اليوم نفسه في شأن قمة طارئة وافق وبلا أي شرط بالنسبة الى الزمان والمكان، حتى انه اقترح بيروت في حال كان هناك تباين أو خلاف على المكان.

واعتبر «ان مطلقي الصواريخ من الجنوب تحدوا الشعب والحكومة والجيش والمقاومة واليونيفيل، وإلا فكيف يطلق أحدهم هذه الصواريخ؟». وأشار الى «تضامن اللبنانيين حيال عدوان تموز 2006 ودور الجيش في فك الحصار عن المقاومة ومواجهاته مع العدو وسقوط نحو 50 شهيداً منه، حيث عرف العالم ان الدولة اللبنانية هي التي تتعرض للاعتداء وليس المقاومة وحدها». وقال: «ان هذا أدى الى نجاح لبنان. ونحن فخورون بذلك. ولهذا نحن استهجنا الصواريخ أمس (الاول). وهي صواريخ مشبوهة هدفها تحويل الانظار عن غزة. ومجلس الوزراء أمس (الاول) أجمع على ادانة الهجوم على غزة وكذلك ادانة موضوع الصواريخ». واستهجن «تدخل البعض في الشؤون اللبنانية وخصوصاً مطالبتهم بفتح الجبهات». وأكد أن «لا أحد يستطيع المزايدة على لبنان في هذا المجال. وموقف الدولة تم التعبير عنه في البيان الوزاري».

وكان الرئيس سليمان استقبل في بعبدا قبل ظهر أمس وفد الترويكا الآسيوية الذي يضم رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني ورئيس مجلس الشعب السوري محمود الابرش ورئيس البرلمان الاندونيسي اغون لاكونو وعدداً من النواب الآسيويين ومسؤولين في وزارات الخارجية. وقال لاريجاني أن «هناك المزيد من الجهود التي يجب أن تبذل حيال مشروع قرار الامم المتحدة المتعلق بوقف النار وفك الحصار عن غزة».

وكان وفد الترويكا الآسيوية زار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي رأى «ان حادثة اطلاق الصواريخ من الجنوب امس (الاول) كان يقصد منها جر لبنان الى ما لا تحمد عقباه» مشددا على ان «لبنان متمسك بتطبيق القرار 1701 وتنفيذه». وقال: «الدرس الاساس الذي يمكن استخلاصه في هذا الشأن هو أن الموقف العربي البارحة (امس الاول) من خلال توحد العرب جميعا عبر وزراء الخارجية، استطاع أن يخرج بموقف من مجلس الأمن. وفي المقابل عندما لم يكن هذا الموقف واضحا وجليا كان من المتعذر أن نخرج حتى برسالة يقدمها الأمين العام وهي لا تعني شيئا».

وعلق السنيورة على حادثة اطلاق الصواريخ، معتبرا انه «كان يقصد منها جر لبنان إلى ما لا تحمد عقباه. واللبنانيون أظهروا بوضوح أنهم لا يريدون أن يكون بلدهم منصة يصار إلى استعمالها من أجل توريط لبنان ولا أن يصار إلى استعمال لبنان صندوق بريد لتقاذف أو تبادل رسائل من هنا وهناك، إقليمية أو دولية. ومن خلال الاتصالات التي أجريتها مع مختلف الاطراف تبيَّن بما لا يقبل الشك أن اللبنانيين يريدون أن ينأوا ببلدهم عن أن يكون ساحة جديدة من أجل أن تستعملها إسرائيل لضرب التضامن العربي وضرب اللبنانيين والوحدة اللبنانية. اللبنانيون موحدون في هذا الشأن». واضاف: «أثبت اللبنانيون، ومن خلال ما أصدرته من بيانات وبعد ذلك ما أقره مجلس الوزراء الذي ترأسه الرئيس ميشال سليمان وكان الموقف بالتنسيق بيني وبين فخامة الرئيس، ان لبنان متمسك بالقرار 1701 وبتنفيذ هذا القرار. وهذا كان رسالة واضحة أرسلناها إلى المجتمع الدولي وجميع المعنيين في لبنان والخارج وفي العالم العربي بأن لبنان يرفض ويدين هذا العمل اللامسؤول أيا يكن من يقوم به. والتحقيق الآن جار في هذا الشأن، لكن لبنان أكد التزامه بالقرار 1701». وشدد على عدم وجود تحفظ على قرارات الحكومة من جانب وزراء حزب الله.

من جهته، اعتبر لاريجاني «ان اي حل او انجاز في هذه المسألة لا بد ان يتضمن وقفا فوريا لإطلاق النار وإعادة الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفتح المعابر وانسحاب القوات الإسرائيلية (...) وأي مساعدة في هذا المجال لا بد لها ان تكون بالتشاور مع الحكومة الفلسطينية الشرعية والتي تكون منبثقة من إرادة الشعب». وقال: «نحن نستمر في جهودنا في هذا المجال. ونرحب بالأفكار المطروحة من الدول الأخرى. وبما ان لبنان اليوم يتمتع بمكانة رفيعة نظرا الى مقاومته، فإننا كترويكا بدأنا بزيارتنا من لبنان. ونتمنى أن تستعاد الحقوق للشعب الفلسطيني المظلوم».

وكان وفد الترويكا زار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وافادت معلومات ان البحث تطرق الى «الاوضاع في غزة والمنطقة والجهود التي تبذلها الترويكا الآسيوية لوقف العدوان على غزة واهلها وفك الحصار المفروض عليها».

من جهة اخرى، جال امس الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة في لبنان مايكل وليامز على رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة. وأبدى «قلق الامم المتحدة حيال اطلاق الصواريخ من الجنوب». وقال عقب لقائه بري: «توافقنا على ان المطلوب الحذر الشديد في هذه المرحلة لتفادي اي تأزيم يمتد الى لبنان. وتركزت مباحثاتنا على الحادثة التي حصلت امس (الاول) على الحدود الجنوبية اللبنانية. ان الامم المتحدة كانت متشجعة بالتدابير الفورية التي قام بها الجيش اللبناني بالتنسيق الوثيق مع قوات اليونيفيل. وقد ابلغت دولة الرئيس (بري) قلق الامم المتحدة جراء التأزم الذي ولده هذا الحادث والحاجة الى اقصى درجات ضبط النفس من قبل كل الاطراف في هذه المرحلة الدقيقة للغاية خصوصا بعد صدور قرار مجلس الامن الداعي الى وقف النار في غزة.