أوباما يدافع عن فريقه ويؤكد أنه يعكس رؤيته بعدم اعتماد التعذيب واتباع الدبلوماسية مع إيران

أعلن رسميا تعيين بانيتا مديرا لـ«سي آي إيه» وبلير للاستخبارات المركزية وبرينان مستشاره لمكافحة الإرهاب

أوباما محاطاً ببلير وبانيتا خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس لإعلان تعيينهما في إدارته (رويترز)
TT

أعلن الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما، أمس، تعيينه رسميا لليون بانيتا مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي) وتعيين الادميرال المتقاعد دينيس بلير مديرا للاستخبارات الوطنية. كما أعلن تعيين جون برينان المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) مستشارا للبيت الابيض في شؤون مكافحة الارهاب. وكان اسم بانيتا قد سرب قبل أيام الى وسائل الاعلام، ما أثار استياء بعض اعضاء الحزب الديمقراطي الذين انتقدوا بانيتا لافتقاره للخبرة في المجال الاستخباراتي، واضطر أوباما بعد ذلك الى الاعتذار لقادة حزبه لعدم اخبارهم بخياره قبل ان يتسرب الى وسائل الاعلام. وخلال مؤتمر صحافي عقده أمس للاعلان رسميا عن التعيينات الاضافية في فريقه للامن القومي، دافع اوباما عن اختياره بانيتا ووصفه بأنه رجل نزيه ولديه خبرة طويلة، وشدد على انه «رجل يثق به»، وقال عن بانيتا وبلير: «كلاهما يتمتعان بنزاهة غير مشكوك فيها، ولديهما خبرة منوعة، ومهارات ادارية عالية وهما يتمتعان بالبراغماتية التي نحتاجها في هذه الأوقات الخطيرة». وامتدح بلير أيضا خبرات وقدرات بانيتا في كلمة مقتضبة ألقاها بعد أوباما، في حين لم يحاول مدير الـ«سي أي أي» المعين طمأنة الديمقراطيين القلقين من نقص خبرته في مجال الاستخبارات، بل اكتفى بالتأكيد على انه سيعمل على خدمة رئيس الولايات المتحدة بنزاهة وتزويده بالمعلومات اللازمة.

وسيتولى بلير منصبا أساسيا استحدث إثر اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 للاشراف على مجمل وكالات الاستخبارات الاميركية، ومنها الـ«سي اي أي». وسيخلف بلير الادميرال المتقاعد مايك ماكونيل الذي عين في هذا المنصب في فبراير (شباط) 2007.

وأعلن أوباما أيضا تعيين برينان مستشارا للبيت الابيض في شؤون مكافحة الارهاب، وقال عنه إنه «يملك من الخبرة والرؤية والنزاهة ما يمكنه من تحسين الأمن في الولايات المتحدة». وكان برينان مستشارا لأوباما خلال حملته الانتخابية وطرح اسمه في فترة كمدير لـ«سي اي أي»، غير ان أوباما عين في هذا المنصب ليون بانيتا السياسي الذي لا يملك خبرة في مجال الاستخبارات. ويعتقد ان برينان استبعد من هذا المنصب بسبب تأييده لبرنامج السي اي ايه موضع الجدل في ما يتعلق بإجراءات الاعتقال ووسائل الاستجواب الشديدة. وكان برينان مديرا لمكتب مدير السي اي ايه بين 1999 و2001 وعين مديرا للمركز الوطني لمكافحة الارهاب بين 2004 و2005. وامضى كل حياته المهنية في اوساط الاستخبارات، وهو يدير حاليا شركة استشارات هي «اناليزيس كورب» تتعامل مع الوكالات الفدرالية الاميركية وعدد من الشركات الخاصة في مجال مكافحة الارهاب. وبرينان على عكس بانيتا وبلير، لن يكون بحاجة الى الحصول على موافقة مجلس الشيوخ للحصول على المنصب، لأن مستشاري الرئيس لا يخضعون لهذا الاجراء.

وكرر أوباما موقفه حول وسائل التعذيب التي تعتمدها الادارة الحالية، وقال ردا على سؤال: «لقد كنت واضحا خلال حملتي وفي الفترة الانتقالية. ادارتي لن تعتمد التعذيب بل سنكون ملتزمين بتطبيق اتفاقية جنيف (لحماية حقوق الانسان) وهذا تكليف واضح أعطيته لكل من بلير وبانيتا». وأضاف: «الابتعاد عن اساليب التعذيب ليس فقط لإعادة تحسين صورتنا، بل لأن ذلك سيساعدنا على تغيير قلوب وعقول المتطرفين».

وردا على سؤال آخر حول ايران، قال أوباما انه سيقول المزيد عن طهران بعد تسلمه مهامه في 20 من الشهر الجاري، إلا انه أضاف: «ايران تشكل خطر كبيرا لأمننا القومي، ولكن أكرر انه يتعين علينا ان نعتمد الدبلوماسية لتحقيق أهدافنا في الأمن القومي، وخياري لفريقي يعكس ذلك». وبعد يوم من اعلان خطته الاقتصادية التي تعرضت لانتقادات من اعضاء في داخل الحزب الديمقراطي، دافع أوباما ايضا عن خطته وقال انه كان يعرف منذ البداية ان تمرير قرارات تتعلق بالاقتصاد لن يكون سهلا، ولكنه أكد تصميمه على التوصل الى حل يرضي اعضاء الكونغرس، وقال: «ادارتي والكونغرس لديهما اهداف مشتركة في الاقتصاد، كلانا نريد تأمين فرص عمل اضافية وتحسين العجلة الاقتصادية. لذلك فالخلاف ليس على الهدف. ونحن نتشاور حول الطريقة الافضل لتحقيق ذلك، وفريقي مجتمع في الكابيتول هيل (مبنى الكونغرس) مع قادة الكونغرس للاستماع الى المقترحات والتشاور لتحقيق هذه الأهداف المشتركة». وأضاف: «ولكن أعدكم اننا سنتوصل الى حل، لأنه لا يمكننا الانتظار خصوصا وان نصف مليون شخص اضافي فقدوا وظائفهم. عملي ان أحرص على ابقاء الكونغرس مركزا على الهدف والتوصل الى اتفاق، وأعلم ان هذا ليس بالأمر السهل». وتحدث أوباما بعد صدور تقرير حكومي أظهر ارتفاع معدل البطالة في ديسمبر (كانون الاول) في الولايات المتحدة الى 7.2 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) 1993، وارتفاعا من 6.8 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وفي اطار التعيينات أيضا، اعلن الفريق الانتقالي في بيان ان الرئيس المنتخب عين اربعة من قدامى ادارة كلينتون في مناصب اساسية في وزارة الدفاع، منها منصب نائب وزير الدفاع. وسيعين كلا من ويليام لين نائبا لوزير الدفاع، اي المسؤول الثاني في وزارة الدفاع، وميشيل فلورنوي مساعدة لوزير الدفاع مسؤولة عن سياسات الوزارة، وروبرت هايل مراقبا للحسابات وجي تشارلز جونسون مستشارا عاما.

وكان ويليام لين مرشحا ليصبح نائبا لوزير الدفاع، وهو المنصب الذي عادة ما يخصص للاشخاص الذين يتمتعون بخبرة كبيرة. وكان لين الذي يشغل في الوقت الراهن منصب نائب رئيس مجموعة رايثيون الاميركية لصنع الاسلحة، مراقبا للحسابات في وزارة الدفاع من 1997 الى 2000 في ادارة كلينتون. اما ميشيل فلورنوي فتتولى رئاسة الفريق المسؤول على مستوى وزارة الدفاع عن تأمين المرحلة الانتقالية بين الادارة المنتهية ولايتها والإدارة الجديدة. وقد عملت في ادارة الرئيس بيل كلينتون مستشارة عسكرية. وكان روبرت هايل مراقبا لسلاح الجو الاميركي، وجي تشارلز جونسون المدعي الفدرالي السابق مستشارا عاما سابقا لسلاح الجو في ادارة كلينتون.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع ان وزير الدفاع روبرت غيتس «قد اجتمع بكل واحد منهم، وتأثر بشخصياتهم وكفاءاتهم المهنية، وأوصى الرئيس المنتخب بتعيينهم». وسيتيح تسلم هؤلاء الاشخاص مناصبهم لوزير الدفاع إحراز تقدم سريع حول مسألتين أساسيتين: اغلاق سجن غوانتانامو وموازنة وزارة الدفاع لعام 2010 التي عادة ما تقدم مطلع فبراير (شباط).

الى ذلك، أيدت لجنة برلمانية في ولاية إيلينوي توجيه اتهام بالفساد لحاكم الولاية رود بلاغوفيتش الذي اتهم الشهر الماضي بمحاولة بيع مقعد باراك أوباما في مجلس الشيوخ الذي اصبح شاغرا بعد انتخابه رئيسا للبلاد. وأوصت اللجنة الخاصة المنبثقة عن مجلس نواب ولاية إيلينوي بالإجماع بتوجيه اتهامات بالفساد إلى بلاغوفيتش أمام المجلس التشريعي للولاية بكامل هيئته.

وتوقع رئيس برلمان إيلينوي مايك ماديغان، وهو ديمقراطي ومنافس سياسي لبلاغوفيتش منذ فترة طويلة، أن يوافق مجلس النواب على توصية اللجنة التي جاءت بتأييد جميع أعضائها وعددهم 21 نائبا، ليصبح مصير منصبه مرهونا بقرار مجلس الشيوخ. يشار إلى أن قانون إيلينوي يمنح حاكم الولاية سلطة تعيين سيناتور جديد في مقعد شاغر بمجلس الشيوخ الأميركي، وقد عين بلاغوفيتش بالفعل مدعيا عاما سابقا في الولاية هو رونالد بيرس، ليشغل المقعد، إلا ان الكونغرس رفض ادخال بيرس عندما توجه الاخير الى مبنى الكابيتول هيل لحضور الجلسات وطلب اليه المغادرة. وقال زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد، ان بيرس لن يشغل المقعد لأن جيسي هوايت سكرتير ولاية ايلينوي لم يوقع على قرار تعيينه، وهو توقيع ضروري لجعل التعيين نافذا.

وتوجه السلطات الاتحادية عدة اتهامات إلى بلاغوفيتش، منها محاولة الحصول على رشاوى وخدمات سياسية من المرشحين المحتملين لشغل مقعد مجلس الشيوخ عن الولاية الذي شغر بانتخاب أوباما رئيسا للبلاد. ويواجه بلاغوفيتش حكما بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاما في حالة الإدانة.