إسرائيل ترفض قرار مجلس الأمن.. وأولمرت: لا توجد جهة خارجية تحدد حق إسرائيل

حماس قالت إن القرار خدعة وغير معنية به.. والسلطة اعتبرته أقصى ما يمكن الحصول عليه

صورة وزعها الجيش الاسرائيلي أمس لعناصر من جنوده يقومون بدورية في منطقة لم يحددها في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

رفضت كل من اسرائيل وحماس، قرار مجلس الامن الدولي، الذي يدعو الى وقف اطلاق النار في قطاع غزة فورا. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت انه (القرار) «لا يمكن أن يعمل» مؤكدا أن الجيش سيواصل عملياته وسينجز المهمة المحددة له، وان اسرائيل لا توافق ان تحدد لها جهة خارجية ما هو حقها في الدفاع عن مواطنيها. وفي المقابل قالت حماس ان قرار مجلس الامن لا يعنيها، وانه منحاز وفيه تحايل على المقاومة ومستقبلها. اما السلطة فقد رحبت بالقرار وطالبت بتنفيذه فورا. وحال اتخاذ القرار ظهر أمس، راحت قوات الجيش الاسرائيلي تترجمه ميدانيا بتصعيد حربي شديد استخدمت فيه قوات سلاح الجو وسلاح البحرية والمدفعية، فضلا عن القوات البرية التي تحتل مواقع في قطاع غزة. وأصدر رئيس الحكومة، ايهود أولمرت، بيانا علل فيه قرار رفض قرار مجلس الأمن بالقول ان «من حق اسرائيل أن تدافع عن أمن مواطنيها، الذي تهدده صواريخ حماس. وقرار مجلس الأمن لم يعد ذا قيمة في اللحظة التي قررت فيه حماس رفضها له. وعليه فإن اسرائيل ستواصل عملياتها وفقا لخطط الجيش المقررة وحتى تحقق أهداف العملية الأساسية وهي: توجيه ضربة للبنى التحتية لقوات حماس تفضي الى انخفاض رغبة الارهابيين لقصف البلدات الاسرائيلية بالصواريخ ووضع حد لتهريب الأسلحة الى قطاع غزة من سيناء المصرية».

وكان الاسرائيليون قد ناقشوا مسودة قرار مجلس الأمن الدولي مع البريطانيين والأميركيين قبل الجلسة واتخذت قرارها برفضه في أعقاب اصرار الوزراء العرب على اصدار القرار في الليلة نفسها وعدم اعطائها المهلة لتأجيل ذلك 24 ساعة، وفي أعقاب رفض مصر القبول بنظام مراقبة على حدودها مع غزة، وفق اقتراح اسرائيلي أميركي مشترك.

وقد استمع المجلس، أمس، الى تقرير من الجنرال عاموس جلعاد، رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، وشالوم تورجمان، مستشار رئيس الحكومة السياسي، وفيه أوضحا ان لمصر قناعة بأن تهريب الأسلحة عبر حدودها هو أمر مرفوض ومضر لمصالحها، ولكنها في الوقت نفسه تجري حسابات أمنية وسياسية وعربية تجعل مصلحة وقف عمليات التهريب في مرتبة منخفضة في سلم أولوياتها. فهي لا توافق على بناء جدار أمني محكم بين سيناء وبين قطاع غزة وترفض وضع قوات دولية على الجهة المصرية من الحدود لمتابعة النشاطات عن كثب. وهي مصرة على أن الحل لهذه المعضلة يكون فقط في زيادة عدد الجنود المصريين المرابطين على الحدود، مما يعني استئناف الطلب المصري القديم بإعادة فتح اتفاقيات كامب ديفيد (الموقعة بين مصر واسرائيل في سنة 1979 والتي يحدد فيها عدد الجنود المصريين في سيناء)، وهو الذي ترفضه اسرائيل بشكل منهجي.

وكان الجيش الاسرائيلي قد طلب من الحكومة أن تحدد الأهداف المقبلة للعمليات الحربية، مؤكدا ان المرحلة الثانية المقررة من الحرب ما زالت مستمرة ولدى الجيش كمية من الأهداف المهمة لتحقيقها ولكن ينبغي ابلاغ الجيش عن الرغبة في الانتقال الى المرحلة الثالثة، التي تهدف الى تحطيم حكم حماس، أم لا. وقال رئيس أركان الجيش ان العمليات الحربية ناجحة للغاية. وان من أبرز نتائجها موت مئات المقاتلين من حماس وفرار مئات آخرين واختباء القيادات السياسية والعسكرية وانقطاعها عن الجمهور وانخفاض معدل عدد الصواريخ التي تطلق باتجاه البلدات الاسرائيلية من حوالي 100 في بداية الحرب الى 25 صاروخا حاليا. ولكنه أكد ان القوة العسكرية للحركة ما زالت قوية وتحارب بمهنية و«نحتاج الى وقت لكي نحطمها». وتجلى مرة أخرى الخلاف في القيادة السياسية للحرب، ولكن حدة الخلاف بدت في اجتماع المجلس الوزاري أقل مستوى من الخلاف الذي ظهر في اجتماع القادة الثلاثة: ايهود أولمرت، رئيس الحكومة، ونائبيه، ايهود باراك، وزير الدفاع، وتسيبي لفني، وزيرة الخارجية. وبدا واضحا ان أولمرت معني بالاستمرار في العمليات حتى يظهر الضعف على موقف حماس بشكل يجعلها تطلب وقف النار، بينما باراك يرى ضرورة التوقف عند هذا الحد والبقاء في قطاع غزة لمراقبة تصرف حماس. بيد ان لفني دعت الى الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة واعادة الاجتياح من جديد في حالة اطلاق صاروخ واحد باتجاه البلدات الاسرائيلية. وأيد باراك قبول قرار مجلس الأمن لكن لفني وأولمرت عارضاه. ومع اتخاذ القرار الرسمي برفض قرار مجلس الأمن راح الجيش يترجمه الى لغة الفعل الميدانية. ومن جانب حماس قال رافت ناصيف، عضو القيادة السياسية لحركة حماس، ان حركته لديها 3 شروط، لقبول اي مبادرة، وهي وقف العدوان على قطاع غزة بما يشمل الانسحاب الاسرائيلي فورا من كل القطاع. ورفع الحصار بما يضمن فتح كل المعابر بما فيها معبر رفح وعدم وضع قيود على حركة البضائع والناس. وعدم المس بمشروع المقاومة، وبدون ذلك، فلن توافق حماس على اي قرار او مبادرة. واعتبر ناصيف، ان قرار الامم المتحدة، خطير، ويساوي بين الضحية والجلاد ولا يتحدث عن وقف العدوان وانما عن وقف النار، وترى حماس ان القرار خادع ويتحدث عن وقف نار دائم، وهذا يعني وقف المقاومة، وبحسب ناصيف «هذا لن يكون». وتابع «القرار يتحدث ايضا عن اجراءات تهدف لتقييد المقاومة تحت شعارات تأمين الحدود وهذا مرفوض». وردا على سؤال حول موقف حماس من قوة دولية، اذا ما كان يمكن ان تقبل ذلك؟، قال ناصيف ان حماس ترفض جملة وتفصيلا فكرة وجود قوات دولية او جسم رقابي. واضاف «لن نستبدل احتلال باحتلال وكل هذه التضحيات نقدمها حتى نعيش بحريتنا». وتابع «مسألة القوات الدولية محسومة وهي تأتي لحماية الاحتلال، ومسألة قوة دولية ايضا مرفوضة لان اي مقاومة ليس من مهمتها ان تحاصر نفسها، والاصل ان نبحث عن وسائل وطرق لدعم المقاومة وليس حصارها».

ومن المقرر ان يصل وفد من حماس اليوم، ليشرح للحكومة المصرية ملاحظات حماس على المبادرة المصرية. وقال ناصيف ان وفدا سيصل القاهرة من حماس ليناقش المصريين ويضع ملاحظاته حول المبادرة. وحسب ناصيف فان الملاحظات ستتركز على رفض كل ما يعترض حرية عمل المقاومة. (مراقبة الحدود والانفاق). اما حول البدء في حوار مصالحة وطنية كما اشارت الى ذلك المبادرة المصرية، فيبدو ان لدى حماس اعتراض عليها كذلك، وقال ناصيف الملفان منفصلان ولا يمكن البدء بأي شيء قبل انتهاء العدوان. وفي الوقت الذي رحبت فيه السلطة الفلسطينية بقرار مجلس الامن. فانها اعتبرت ان القرار الصادر عن مجلس الامن بوقف اطلاق النار هو «اقصى ما يمكن الحصول عليه، ويشكل فرصة»، كما قال نمر حماد مستشار الرئيس الفلسطيني السياسي. وانتقدت السلطة رفض حماس للقرار، وقال حماد «اعتقد انه من غير المناسب من اي طرف او جهة رفض القرار، ان كان الهدف هو وقف شلال الدم في غزة». معبترا ان اي تحفظ يعطي ذريعة لاسرائيل باستمرار عدوانها على غزة.

وصرح صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، بأن الرئيس محمود عباس رحّب بقرار مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار. ويرى عباس ان وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يعتبر مدخلا لكافة الإجراءات الأخرى. وقال نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة، امس، إن قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة يعتبر خطوة هامة، والمطلوب الآن هو التنفيذ من خلال وقف العدوان، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وإنهاء معاناة المواطنين. وتابع "أن مصداقية المجتمع الدولي هي على المحك، إذ أن المطلوب الآن ترجمة الأقوال إلى أفعال».

وتوالت ردود الفعل، على قرار وقف النار، فلسطينيا واسرائيليا، وقالت لجان المقاومة الشعبية ردا على قرار مجلس الامن 1860، ان القرار منحاز للاحتلال ولا يعني شيئا للمقاومة. ورد وزير الصناعة والتجارة والأشغال الاسرائيلي إيلي يشاي، بغضب على قرار مجلس الأمن، وقال إن «العالم أصبح إلى جانب حماس وإسماعيل هنية». وأضاف أن هذا القرار سيبقى على الورق فقط، وأن المصلحة الإسرائيلية هي الأهم.