الصقيع في أوروبا يؤثر على كل أوجه الحياة

انخفضت أعداد المترددين على المقاهي و المطاعم فيما زاد الإقبال على شراء الملابس الشتوية

ألماني يقوم بالصيد في احدى البحيرات المتجمدة في برلين من خلال ثقب في السطح (إ.ب.أ)
TT

تتعرض الدول الأوروبية لموجة صقيع شديدة، وانخفاض حاد في درجات الحرارة، لم يُشهد مثيله منذ عشر سنوات، أدى إلى تعطل الكثير من المرافق الحيوية، مثل المطارات التي أغلقت بعضها نتيجة للثلوج. ولكن تأثير موجة الصقيع تزايد مع توقف إمداد الغاز الطبيعي، وهو ما أثر كثيرًا على الحياة اليومية، وعانى من جراء ذلك كبار السن والمرضى في الغالب. ففي عدد من الدول أدى قرار روسيا قطع إمدادات الغاز المخصص لأوروبا عبر أوكرانيا إلى إيقاف التدفئة المركزية في كثير من المرافق والمنازل، في عدد من الدول الأوروبية، التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز الروسي. ففي البوسنة وصربيا وبلغاريا، أغلقت المصانع والشركات أبوابها، كما توقف عدد من المدارس والعيادات الطبية عن العمل، وتوقفت التدفئة في سبعين ألف منزل في سراييفو، واعتمد البعض على اللجوء إلى وسائل أخرى للتدفئة، في ظل توقف الغاز، فشهدت مبيعات الفحم والخشب ارتفاعًا واضحًا في الطلب.

وكما أن لكل مصيبة وجهين، فقد رأى بعض المرفهين في تساقط الثلوج فرصة للتزلج، ولكن المشردين، وهم مجموعة من البشر يطلق عليهم «بدون سقف أو بدون عنوان»، وهم غالبًا ما يختارون محطات القطارات أو المباني المهجورة للنوم فيها، تأثروا بشكل حاد من تدهور الأوضاع الجوية، حتى اضطرت السلطات في البرتغال إلى توزيع الخيام عليهم. وعلى الرغم من أن هولندا تعاني، مثل باقي دول أوروبا، من موجة الصقيع، ولا تزال موجة البرد المستمرة تصنع الأخبار الرئيسية على الصفحات الأولى للصحف، غير أن الصحف وجدت جانبًا آخر للصقيع، إلى جانب القصص الإنسانية، فنشرت جميع هذه الصحف صورًا للماراثون الوطني للتزلج. وهذه هي المرة الأولى، خلال 12 عامًا، التي تُنظّم فيها هذه البطولة على الجليد الطبيعي. وبسبب الطقس الملبد بالغيوم، يبدو أن أزياء المتنافسين أخذت اللون الأبيض المنطفئ. وفي نفس الوقت، هناك صورة لمشردين اثنين بمدينة آرنهيم الشرقية، وهما يتناولان الحساء، الذي وفرته لهما لجنة الصليب الأحمر المحلية، التي تبحث بحماس عن المشردين، الذين يصرون على النوم خارج المنازل. وبالرغم من أن جميع المجالس المحلية قد اتخذت تدابير لضمان قضاء جميع المشردين الليل داخل دور الإيواء خلال موجة البرد الحالية، فهناك 96 مشردًا، في المدن الأربع الكبرى، لا يزالون ينامون في الشوارع.

وكان من الطبيعي أن تؤثر الأحوال الجوية على الحياة اليومية للناس؛ حيث قلّت أعداد المترددين على المطاعم والمقاهي، في بلجيكا وهولندا، بدرجة كبيرة، كما قلّت حركة السيارات على الطرق السريعة، بسبب الثلوج وبرودة الجو، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 15 درجة تحت الصفر، وتأثرت حركة السفر بالقطارات والطائرات، وقلّت حركة البيع والشراء، لكن بعض المحلات شهدت رواجًا، مثل محلات الملابس، التي شهدت إقبالا على شراء الملابس الثقيلة، وأيضا الأغطية والقفازات.

وفي البرتغال التي وصلت درجة الحرارة فيها إلى 6 درجات تحت الصفر، أدى تساقط الثلوج إلى قطع كثير من الطرق الرئيسية في شمال البلاد. أما في بولندا، فقد أدت موجة الصقيع إلى مقتل شخص واحد خلال الليل، مما رفع حصيلة القتلى جرّاء البرد إلى 83 شخصًا، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غالبيتهم من المشردين. وارتفعت درجات الحرارة في البلاد، حيث تراوحت بين 5 درجات تحت الصفر في الجنوب، وثلاث درجات في الشمال.

وتعرَّض وسط إسبانيا لتساقط كثيف للثلوج، تسبب في إغلاق مطار مدريد الدولي، وشلّ حركة المواصلات في العاصمة، في موجة نادرًا ما تشهدها البلاد. وأُغلقت المدارج الأربعة في مطار باراخاس في مدريد، الذي يعد رابع أنشط المطارات الأوروبية، بسبب تساقط الثلوج.

وفي فرنسا عادت الحركة الجوية ورحلات القطارات وأوضاع الطرق تدريجيًا إلى حالتها الطبيعية، في المنطقة القريبة من جنوب مرفأ مرسيليا، بعد يومين من التعطل، جرّاء تساقط الثلوج بشكل كثيف، الذي كان أصاب المدينة بالشلل، وحرم نحو 1000 منزل من التيار الكهربائي. وفي ألمانيا، ارتفعت حصيلة قتلى موجة الصقيع إلى 3 أشخاص، بالتزامن مع تجلّد عدد من الأنهار، مما أدى إلى إعاقة حركة الملاحة النهرية، بحسب السلطات. وفي شمال البلاد غطى الجليد نحو 80 إلى 90 في المائة من مساحة نهر اللبي، الذي يربط مدينة دومنيتز بمرفأ هامبورغ، أكبر المرافئ الألمانية، بحسب ناطقة باسم مكتب المياه والسفن. وتواجه ألمانيا شتاءً هو الأكثر برودة على الإطلاق منذ مائة عام.

وفي خضم موجة الصقيع هذه، تعاني الكثير من الدول الأوروبية من آثار قرار روسيا قطع إمدادات الغاز المخصص لأوروبا عبر أوكرانيا. وحرم القرار الروسي بلغاريا من إمدادات الغاز في ظل تدني درجات الحرارة إلى مستوى 17 درجة تحت الصفر. وغطت الثلوج معظم أنحاء البلاد، في وقت استمر إغلاق كثير من المدارس وصل عددها إلى 64 مدرسة، بينما بقي ثلاثون ألف منزل من دون تدفئة. ويعتمد نحو 67 مليون شخص يسكنون في المدن الكبرى على محطات مركزية للتدفئة، توقفت السلطات البلغارية عن تشغيلها بالغاز ولجأت إلى النفط.