استئناف ضخ الغاز الروسي عبر أوكرانيا.. وأوروبا تأمل في حل طويل المدى

اجتماع طارئ لوزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي اليوم في بروكسل

TT

بعد جولة من رحلات الوساطة المكوكية، توصل ميريك توبولانك رئيس الحكومة التشيكية رئيس الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، الى توقيع اتفاق حول تأمين عبور صادرات الغاز الى البلدان الاوروبية عبر الاراضي الاوكرانية، بعد انضمام رئيسة حكومة اوكرانيا يوليا تيموشينكو الى الاتفاقية، التي سبق وتوصل اليها في موسكو مع فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية. وكان الكسي ميللر رئيس مؤسسة غازبروم، قد وقع الاتفاقية نيابة عن الجانب الروسي مع مارتين رجيمان، وزير الصناعة والتجارة التشيكي، في حضور كل من رئيسي الحكومتين الروسية والتشيكية في نوفواوغاريوفو بضواحي العاصمة الروسية. وتنص بنود الاتفاقية على تأمين وجود المراقبين من روسيا واوكرانيا وممثلي الجانب الاوروبي، الذين طرح بوتين ايضا انضمام الصحافيين الروس والاوكرانيين والاوروبيين اليهم . وحول اهم بنود هذه الاتفاقية قالت تيموشينكو انها تتلخص في الاعتراف بان اوكرانيا تظل امينة على عبور الغاز، وانها لم تكن مسؤولة عن وقف صادرات الغاز الروسية عن اوروبا، وانها لم تقتطع شيئا لنفسها من كميات الغاز المخصصة لاوروبا اعتبارا من اول يناير (كانون الثاني) الجاري . كما اشارت رئيسة الحكومة الاوكرانية الى ان بلادها ليست مدينة لروسيا، وانها سددت كافة المستحقات المالية عن صادراتها الى اوكرانيا من الغاز عن عام 2008. غير ان النقاط الثلاث الاولى التي اشارت اليها تيموشينكو تبدو على طرفي نقيض من كل التصريحات، التي سبق وصدرت عن الجانب الروسي خلال الايام القليلة الماضية، والتي تقول ان اوكرانيا «سرقت» ما يزيد عن 86 مليون متر مكعب من الغاز المخصص لاوروبا وانها لا تزال مدينة لروسيا بقيمة ما استوردته من غاز في نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، علاوة على غرامات التأخير. ويتوقف المراقبون عند تباين الكثير من التقديرات والتصريحات، ومنها ما اوردته بالامس شبكة نيوزرو الالكترونية حول ان مستحقات مؤسسة غاز بروم الروسية لدى نفطوغاز الاوكرانية تبلغ 614 مليار دولار، بموجب حسابات شهري نوفمبر وديسمبر، وليست ملياري ونصف المليار دولار، حسب التقديرات الروسية. اما عما قيل حول ان القيادة الاوكرانية بررت سرقة كميات الغاز الروسي، بقولها ان هذه الكميات استهلكت لتأمين عمليات الحفاظ على الضغط اللازم لعبور الغاز الى الشركاء الاوروبيين، فقد نقلت نيوزرو، عن تيموشينكو قولها، ان اوكرانيا استخدمت في ذلك ما لديها من غاز لضمان الضغط اللازم للعبور الى اوروبا، مشيرة الى ان روسيا تظل مسؤولة عن تعويض هذه الكميات من الغاز، الذي يسمى بالغاز التكنولوجي، وهو ما  قدرت كميته بسبعين مليون متر مكعب، وهو ما اعتبره البعض اعترافا ضمنيا بـ«سرقة» الغاز الروسي. واعلن توبولانك رئيس الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، ان استئناف ضخ صادرات الغاز الروسية سوف يستأنف بعد 36 ساعة، اعتبارا من مساء اول من امس، وانه لم تعد هناك عقبات تحول دون البدء في هذه العملية، بعد ان التزمت اوكرانيا بتنفيذ كل الشروط التي طرحها الجانب الروسي. ازاء ذلك، وفي اطار نفس الجدل الذي يتواصل بين رفيقي «الثورة البرتقالية» فيكتور يوشينكو ورئيسة حكومته يوليا تيموشينكو، اعلن رومان بيسميرتني نائب رئيس سكرتارية الرئيس الاوكراني ان شكوكا تراوده حول مدى التزام تيموشينكو بمراعاة مصالح بلادها، وانها حاولت طوال فترة احتدام الازمة حول صادرات الغاز الروسية التزام الصمت وتجاهل المشكلة وكانها كانت تريد ان تنأى بنفسها عن كل ما من شأنه اثارة اعصاب بوتين على حد قوله. غير ان هذه التصريحات التي تبدو اقرب الى الاتهام بالعمالة لموسكو تقف على طرفي نقيض مما سبق وقالته تيموشينكو حول عدالة مواقف بلادها من اشتعال ازمة الغاز مع موسكو وانكار مديونية اوكرانيا لروسيا، وإن كان هناك من يقول ان الازمة الراهنة ورغم ما شهدته من تباين المواقف والتصريحات بددت الكثير من هيبة الرئيس الاوكراني وقدرته على ادارة الازمة، فيما كشفت عن انحياز الكرملين الى جانب تيموشينكو في صراعها على السلطة مع الرئيس الاوكراني الذي تقول استطلاعات الرأي ان شعبيته بلغت ادنى مستوياتها منذ جاء الى قمة السلطة في نهاية عام 2004، ما يعني تزايد احتمالات الهزيمة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في العام المقبل، التي يظل يوشينكو الاقرب الى الفوز بها.

من جهة أخرى وقبل ساعات من انعقاد الاجتماع الطارئ لوزراء الطاقة في دول الاتحاد الاوروبي، المقرر اليوم الاثنين في بروكسل، لبحث تداعيات الازمة الاخيرة بين روسيا واوكرانيا، وما ترتب على ذلك من اثار سلبية على دول اعضاء في الاتحاد الاوروبي، من جراء وقف موسكو ضخ امدادات الغاز، التي كانت تمر عبر الاراضي الاوكرانية، اصدرت المفوضية الاوروبية ببروكسل بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي، بيانا رحبت فيه بالتوصل لاتفاق بين موسكو وكييف، يسمح من جديد باستئناف ضخ الغاز الى دول الاتحاد.

وقد أكد مجلس الاتحاد الاوروبي، على ضرورة التزام روسيا واوكرانيا بتعهداتهما، بالاستمرار في تأمين امدادات الغاز الى الاسواق الاوروبية.

وشدد على ضرورة ايجاد حل طويل المدى يضع حدا للازمة الحالية التي تأتي في منتصف فصل الشتاء، حيث «من غير المقبول لدى الاتحاد الاوروبي ان يرى مواطنيه يعانون من نقص في الغاز اثر عدم احترام روسيا واوكرانيا متطلبات اتفاقاتهما مع الاتحاد».