انتخابات مجالس المحافظات في العراق: حلفاء الأمس يتحولون إلى خصوم اليوم

الصراع تحول من طائفي إلى تنافس حامي الوطيس داخل الطائفة الواحدة

TT

بخلاف الانتخابات السابقة في العراق، التي طغى عليها الصراع الطائفي الشيعي – السني، يبدو أن انتخابات مجالس المحافظات، المقرر إجراؤها في 31 يناير (كانون الثاني) الحالي، ستفجر صراعات داخل كل طائفة، من شأنها أن تزيد المشهد السياسي في البلاد تعقيداً.

وقد أدى الصراع الطائفي الدموي في العراق خلال المرحلة الماضية، وما رافقه من عمليات تهجير جماعي للملايين، إلى إقرار حالة جديدة في العراق، تمثلت في تكوين مجتمعات وكيانات سكنية على أساس طائفي، إذ اضطرت عشرات الآلاف من الأسر إلى هجر منازلها ومناطق سكنها؛ بحثاً عن مناطق أخرى أكثر أمناً، تنتمي إلى نفس الطائفة. وجاء في تقرير لوكالة رويترز أن «هذه الحالة تمخضت عن تجمعات سكانية على أساس الطائفة، فقد أصبح شائعاً الآن في العراق إدراج المناطق، وحتى المحافظات، تحت تسمية مناطق أو محافظات شيعية أو سنية. ووسط هذه الصراعات جرت انتخابات مجالس المحافظات الماضية نهاية عام 2005، التي قاطعتها الغالبية العظمى من السنة العرب، وهو ما أدى إلى تهميش وجودهم في مجالس المحافظات الحالية».

ويقول هاشم الطائي، عضو البرلمان عن قائمة التوافق السنية: «مما لا شك فيه أن المرحلة الماضية شهدت استقطابًا طائفيًّا وفرزًا طائفيًّا يمكن أن نقول عنه إنه أصاب جميع المحافظات العراقية، من دون استثناء». ويضيف أن «الصراع بين الأحزاب في الانتخابات القادمة قد يكون سنيًّا سنيًّا، أو شيعيًّا شيعيًّا، أو حتى علمانيًّا، أو قوميًّا».

ومن المتوقع أن يتنافس ما يقرب من 14300 مرشح في الانتخابات المقبلة. وسيتنافس المرشحون على 440 مقعداً في 14 محافظة. وستُستثنى محافظات الإقليم الكردي، وعددها ثلاث، إضافة إلى محافظة كركوك الشمالية، من هذه الانتخابات.

وانقسمت التحالفات التي شاركت، سواء في الانتخابات المحلية الماضية، أو في الانتخابات البرلمانية التي جرت في قوائم مغلقة، إلى قائمة شيعية اشتركت فيها كل الأحزاب والتيارات الشيعية، وأخرى سنية ضمَّت الأحزاب والتيارات السنية. ولم يُكتب لهذه التحالفات العمر الطويل، حيث ما لبثت أن تفككت بعد قليل من تشكيلها، بسبب الخلافات السياسية فيما بينها، حيث انشق التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر وحزب الفضيلة عن التحالف الشيعي، الذي مثلته قائمة الائتلاف العراقي الموحد، كما انشق مجلس الحوار الوطني وكتلة «مستقلون» من جبهة التوافق التي تمثل التحالف السني.

وأعلن حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، والمجلس الإسلامي الأعلى العراقي الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم، اللذان كانا، حتى وقت قريب، يمثلان بقية التحالف الشيعي، أنهما سيدخلان الانتخابات المقبلة بقوائم مستقلة. كما أعلن الحزب الإسلامي، وهو الحزب الأبرز لما تبقى من جبهة التوافق، عن عزمه دخول هذه الانتخابات بتحالفات جديدة، ليس لها علاقة بالتحالفات الماضية.

وقال حازم النعيمي، وهو محلل سياسي وأستاذ جامعي في العلوم السياسية: «إن التحالفات والقوائم التي بُنِيَت في الماضي على أساس الطائفة انتهت وتفككت إلى أحزاب وتيارات منفردة، يضاف إليها ولادة قوى سياسية جديدة.. وبدأ كل حزب ينافس تلك الأصوات التي حصلوا عليها، عندما كانوا يشكلون تحالفات وقوائم مشتركة». وأضاف «بكلام آخر.. يمكن القول إن أصدقاء الأمس الذين أسسوا تلك التحالفات، تحولوا اليوم إلى أعداء متنافسين فيما بينهم».