«الاستقلال» المغربي ينتخب الفاسي أمينا عاما.. بعد انسحاب منافسه الخليفة

أعضاء تقل أعمارهم عن الـ 40 ترشحوا للجنة التنفيذية للمرة الأولى

TT

انتخب المجلس الوطني لحزب الاستقلال المغربي، قائد الائتلاف الحكومي، في مؤتمره الخامس عشر، منتصف الليلة قبل الماضية بالرباط، عباس الفاسي، أمينا عاما لولاية ثالثة، بالإجماع. وحاز الفاسي ثقة أعضاء المجلس الوطني البالغ عددهم 800 عضو، والمنتخبين من قبل المؤتمرات الإقليمية، بعدما سحب محمد الخليفة ترشيحه في آخر لحظة من التنافس حول منصب الأمانة العامة.

وقال الفاسي إنه رفض أن يتم تمديد ولايته للمرة الثالثة على التوالي، مؤكدا أن اللجنة التنفيذية، هي من ألحت عليه مواصلة عمله كأمين عام للحزب، باعتباره يتولى منصب رئيس الوزراء. وأقسم الفاسي، أنه رفض أن يتم تمديد ولايته للمرة الثالثة، «لكن تحت ضغط أعضاء اللجنة التنفيذية، الذين حضروا اجتماعا، غاب عنه 3 أعضاء من أصل 20، اضطرت إلى الامتثال من اجل مواصلة مشواري، لكن على أساس أن أتقدم بترشيحي أسوة بأي عضو في الحزب أراد التنافس حول منصب الأمين العام»، مشيرا إلى أن لجنة القوانين، والمؤتمرين، صادقوا على تعديل بسيط، احتفظ بالصيغة الأولى، التي تقول: «إن الأمين العام ينتخب لولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، أي أن له حق تولي المنصب لولايتين اثنتين»، وأضيفت إليه جملة واحدة، تقول «إنه في حالة استثنائية، يجوز للأمين العام أن يرشح نفسه لولاية ثالثة، إذا كان يتولى منصب رئاسة الوزراء». من جهته، قال محمد الخليفة لـ«الشرق الأوسط»، قبل أن يقدم ترشيحه، إنه أراد أن يهيئ الجيل القادم من الاستقلاليين، لاتخاذ القرار الجريء، والشجاع، والرامي إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع أثناء انتخاب الأمين العام، على أساس برامج يتنافس بها من هم أهل لتولي هذا المنصب، وأن هدفه لم يكن، ولن يكون التنافس على المناصب، كونه قادرا على خدمة حزبه من أي موقع وجد فيه. وأكد الخليفة أمام قيادة الحزب، وأعضاء مجلسه الوطني أن ترشيحه ذو مغزى نضالي، وأنه يعارض التمديد للأمين العام لولاية ثالثة، كون ذلك يعد ممارسة ضارة بالديمقراطية، معتبرا أن الاقتراح الصائب، هو خوض غمار التنافس بالترشح لذات المنصب. وقال الخليفة «إن أعظم حدث وقع في المؤتمر 15، هو إعلان، عبد الواحد الفاسي، رئيس المؤتمر، فتح باب الترشيحات لتولي منصب الأمين العام، خلافا للسابق، حيث كان الأمر مقتصرا على التوافق»، مشيرا إلى أن فتح باب الترشيحات هو قطع دابر ألسنة من يتقول على الحزب أنه يعين ولا يرشح. وأجمع غالبية الاستقلاليين على أهمية الإبقاء على الفاسي، في موقعه، كونه يتولى منصب رئيس الوزراء، وذلك حفاظا على تماسك الحزب، استنادا الى غالبيته البرلمانية، وعلى دور وزرائه، معتبرين أن صيغة تعديل القانون الأساسي كانت «ذكية»، لتفادي أي طارئ أو مفاجأة، لو تولى شخص آخر منصب الأمين العام، مطالبين بالتنصيص في القانون الأساسي، على رفض تولي الأمين العام للحزب، أي منصب وزاري، في حالة الفوز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، ما عدا منصب رئيس الوزراء. إلى ذلك، ترشح 64 عضوا من المجلس الوطني، لعضوية اللجنة التنفيذية (قيادة الحزب)، بينهم ثماني نساء، وتسعة شباب يقل عمرهم عن أربعين عاما، في سابقة أولى من نوعها في مجال انتخاب الأجهزة المسيرة لحزب الاستقلال.

وينتظر أن يتم رفع عدد أعضاء اللجنة التنفيذية إلى نحو 22 عضوا بدلا من 20، على أمل أن يفوز عضوان يقل عمرهما عن 40 عاما، كما يتوقع فوز بعض وزراء الحزب، من قبيل ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، التي لقيت مساندة من قبل منتسبي الحزب بمدينة الدار البيضاء.

وفي السياق نفسه، صادق المؤتمرون على تقارير اللجان المختصة، مثل لجنة القوانين، والشؤون الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والتشريع وحقوق الإنسان، والوحدة الترابية، والتقرير السياسي والمالي.

وقال محمد سعد العلمي، القيادي في حزب الاستقلال، إن موازنة 2008 أظهرت أن الحزب صرف 7 ملايين درهم (الدولار يساوي 8.2 درهم)، من أصل 9 ملايين درهم المودعة في الحساب المصرفي، والمتأتية من الدعم الذي تمنحه الدولة، وفق المعايير المحددة في قانون الأحزاب، معتبرا أن 85 في المائة من المصاريف تخص إيجارات فروع الحزب، وتعويضات العاملين بها، وأداء فواتير الهاتف والفاكس، والاجتماعات وتكاليف بنزين سيارات المسؤولين المحليين للحزب.

وأجاب العلمي على جملة تساؤلات المؤتمرين، الذين طالبوا من حكومة الفاسي التدخل في المناطق، لحل المشاكل العالقة، إذ لم يناقش المؤتمرون فقط تقارير اللجان المختصة، بل ألحوا على ضرورة حل معضلة فك العزلة عن القرى، عبر مد الطرق، وبناء المدارس، والمستشفيات، والمستوصفات، وتعيين أطقم طبية ذات الاختصاصات المتنوعة، في المحافظات الصحراوية، وحل مشاكل الفلاحين الصغار، والمأجورين، إلى درجة أن البعض اعتقد أن المؤتمرين وضعوا أسئلة شفوية على حكومة الفاسي.

وعلى صعيد آخر، قال عبد الواحد الفاسي، رئيس المؤتمر، في مؤتمر صحافي، عقد مساء أول من أمس، إن مؤتمر الحزب مر في أجواء عادية، وطبيعية، وأن عدد الذين شاركوا في لجنة القوانين ناهز ألف مؤتمر، ما يدل على أهمية التعديلات التي همت القانون. وأضاف رئيس المؤتمر في معرض جوابه عن سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أن التعديلات التي نوقشت من قبل ألف مؤتمر خلال يوم واحد، لم تقتصر على فسح المجال للأمين العام بالترشح للمرة الثالثة كحالة استثنائية، بل جدد فيها المؤتمرون التأكيد على أهمية إعادة النظر في تنظيم الحزب على المستوى الجهوي (المناطق)، وذلك بإحداث منصب رئيس مجلس الجهة (المنطقة) الحزبية، ومنح صلاحيات واسعة للمسؤولين الحزبيين المحليين في اتخاذ القرار.