أزمة البرلمان تستفحل.. والمالكي وحلفاؤه يخشون إسناد المنصب للحزب الإسلامي

مجلس النواب يمهل «التوافق» أسبوعاً لتسميته خليفة للمشهداني.. والجبهة مصرة على السامرائي

TT

أرجأ أعضاء البرلمان العراقي أمس مناقشة تسمية رئيس لهم، خَلَفًا للرئيس المستقيل محمود المشهداني، واكتفوا ببحث الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة. ومن جهتها، جددت جبهة التوافق العراقية تأكيداتها على أن منصب رئاسة البرلمان العراقي من حصتها، بناء على توافقات مع الكتل السياسية الكبرى في البرلمان، اعترضت كتل سياسية صغيرة على «انفراد» الجبهة بالترشيح، باعتبار أن المنصب من حصة السنة، لكن ليس بالضرورة لجبهة التوافق، التي انخفض عدد مقاعدها مؤخرًا بسبب الانسحابات المتكررة.

وبحسب المحاصصة الطائفية في البلاد، فإن منصب رئاسة البرلمان يشغله السنة، فيما كان نصيب رئاسة الوزراء من حصة الشيعة ورئاسة الجمهورية ذهبت للأكراد. وكان من المفترض أن يناقش البرلمان في جلسة أمس تسمية رئيس للبرلمان، باعتبارها أول جلسة في الفصل التشريعي الجديد.

وقالت النائبة إيمان حميد من كتلة الائتلاف العراقي الموحد الحاكم «إن جلسة البرلمان عقدت اليوم (أمس)، وكان النصاب كاملا، غير أن الجلسة خصصت للحديث عن فلسطين والأوضاع في غزة فقط». وأضافت النائبة إيمان، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» من بغداد أن «رئيس البرلمان العراقي يجب أن يكون من جبهة التوافق، لأن عندما شكلت الحكومة بصيغة محاصصة، كان هذا المنصب من حصة التوافق».

وأضافت النائبة إيمان «لا نستطيع أن نتدخل (في الترشيح)، فمنذ أن قدم د. محمود استقالته، قلنا لهم (للتوافق) إن الحصة (رئاسة البرلمان) لكم كاتفاق، ولا نستطيع أن نكسر الاتفاق، حتى لو كنا غير مقتنعين بأن الحصة لهم». وقالت النائبة عن حزب الدعوة الإسلامية- تنظيم العراق: «إن جبهة التوافق لم تعد كتلة واحدة، بل مجموعة قوى»، وأضافت «ولهذا، نعطيهم مجالا للمناقشة ورفع الأسماء، وربما الاسم (المرشح) لن يكون من جبهة التوافق، بل من جبهة أخرى متحالفة معهم»، مؤكدة على إعطاء مهلة لجبهة التوافق حتى السبت القادم لمناقشة الترشيح.

وكانت جبهة التوافق مكونة أصلا من «الحزب الإسلامي العراقي» بزعامة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، و«مؤتمر أهل العراق» بزعامة عدنان الدليمي، و«مجلس الحوار الوطني» بزعامة خلف العليان.

وانسحب مجلس الحوار الوطني في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي من جبهة التوافق، متهمًا الحزب الإسلامي بـ «التآمر» على المشهداني لإقالته.

وشهدت جبهة التوافق أول من أمس ثاني انشقاق لها خلال شهرين، إذ أعلن النائب طه اللهيبي الأمين العام «للتجمع الديمقراطي الوطني» انسحابه منها، متهمًا الحزب الإسلامي أكبر مكونات الجبهة، بممارسة سياسة الإقصاء والتهميش والانفراد بالقرارات.

والمعروف أن اللهيبي كان منضويًا في مجلس الحوار الوطني، إلا أنه انشق عنه في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبقي داخل جبهة التوافق ككيان مستقل. وكان عدد المنضوين في «جبهة التوافق» 44 نائبًان لكنهم حاليًا باتوا أقل من ثلاثين نائبًا.

وعقدت الجبهة اجتماعات مكثفة أول من أمس للتوصل إلى اسم المرشح، وأصدرت لاحقًا بيانًا أكدت فيه حقها في منصب رئاسة البرلمان، وقال البيان «إن الجبهة تدارست المشهد السياسي الراهن والأسماء المرشحة، ثم اعتمدت آلية التصويت داخل الجبهة وتوصلت بالاتفاق والتصويت إلى تسمية أحد المرشحين الذي ستقدمه في أول جلسة لمجلس النواب (أمس) بعد إكمال مشاوراتها مع الكتل الأخرى».

وتحفظت الجبهة بشدة على ذكر اسم المرشح، وقال عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق العراقية لـ «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس «إن الجبهة حسمت أمرها، وانتخبت مَنْ يمثلها في البرلمان». وعند سؤاله عن اسم المرشح، أو فيما إذا كان من الحزب الإسلامي، اكتفى الدليمي بالقول «إن المرشح من جبهة التوافق». وأكد مجددًا أن الجبهة لديها أسبوع كامل، أي حتى السبت المقبل، لتسمية رئيس البرلمان. وأكد الدليمي أن مشكلة الترشيح لا تكمن في جبهة التوافق، وأضاف أن «المبدأ الآن، هل أن المنصب من حصة جبهة التوافق، أم لا». وأكد أن «الكتل السياسية الكبرى مثل التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد مع جبهة التوافق، لكن بعض الكتل الصغيرة تريد إبعاد جبهة التوافق»، معربًا عن أمله في تسوية الأمر. غير أن النائب ظافر العاني، عضو الجبهة أكد ترشيح القيادي في الحزب الإسلامي إياد السامرائي للمنصب. ويواجه ترشيح السامرائي لمنصب رئاسة البرلمان عقبتين. فقد أعرب برلمانيون عن اعتراضهم على ترشيحه للمنصب، لحيازته الجنسية البريطانية. وبحسب الخبير القانوني العراقي طارق حرب، فإن المادة 18 من الدستور العراقي تمنع كل من يحمل جنسية ثانية، بالإضافة إلى الجنسية العراقية، من أن يُنَصَّب بمنصب سيادي أو أمني رفيع، ما لم يتخل عن الجنسية الأجنبية قبل إشغاله المنصب. وأضاف حرب لـ «الشرق الأوسط» أنه جرى العمل في العراق على أن أعلى المناصب السيادية في العراق هي رئاسة السلطة التشريعية (البرلمان)والتنفيذية (الحكومة) ورئاسة مجلس القضاء الأعلى. أما العقبة الثانية، فهي أن السامرائي ينتمي إلى الحزب الإسلامي، وبحسب بعض البرلمانيين، فإنه لا يمكن لحزب واحد أن يشغل منصبين مهمين في السلطة التشريعية. ويذكر أن طارق الهاشمي، الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي، يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية. وأوضح العاني، لـ «الشرق الأوسط» أن «حزب الدعوة ورئيس الوزراء والمتحالفين معه قلقون من أن يأتي المرشح من الحزب الإسلامي، لا سيما أن لديهم تكدرًا بالعلاقات مع المجلس الأعلى (المنافس للمالكي) والتحالف الكردستاني، وعليه فإن انضمام الإسلامي ربما قد يشكل ضغطاً على المالكي لتحقيق مكاسب سياسية»، مؤكدا أن «بعض الكتل تحاول عرقلة وصول أي مرشح من الحزب الإسلامي، خشية من الضغط على حكومة المالكي، وهذا ما لاحظناه مؤخراً على البرلمان، حيث بدا مجاملاً جداً للحكومة بسبب العلاقة بين المشهداني ورئيس الوزراء».

وفيما إذا تعذر قبول إياد السامرائي للمنصب، أكد العاني أن «جبهة التوافق ليس لديها إلا مرشح واحد (إياد السامرائي)، وهو ما يضمنه استحقاقه السياسي والانتخابي، حيث قدمت الجبهة مقابل هذا المنصب 10 نقاط (ما يعادل 3 وزارات سيادية) وقوائم من الشهداء من أجل إشراك السنة في العملية السياسية»، وأضاف أن «التوافق ستطرح إياد السامرائي مرشحاً للمنصب، وسيكون إلى جواره مرشحون من قوائم سياسية أخرى، ولدينا ثقة بأن مرشحنا هو مَنْ سيثبت على منصة البرلمان».