تجار غزة استغل بعضهم الأوضاع وشنوا حرب أسعار.. بإخفاء السلع

مدير الشرطة لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على ملاحقة المحتكرين ومعاقبتهم * داعية: هم يمثلون الاحتلال الخفي

TT

في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة عدوانا إسرائيليا عنيفا لليوم الرابع عشر على التوالي والذي أسفر عما يزيد على 800 شهيد، وأكثر من 3400 جريح، بالإضافة إلى مشاهد الدمار والخراب التي خلفتها القذائف والصواريخ الاسرائيلية المنهمرة على رؤوس المواطنين ومنازلهم، استغل بعض التجار الوضع القائم منذ اليوم الأول للعدوان وقاموا برفع أسعار السلع إلى الضِعف مما شكل عبئاً على المواطن الذي أنهكه القصف والدمار الإسرائيلي، فيما قام البعض الآخر من التجار بإخفاء السلع الضرورية للاستفادة منها كلما اشتدت الأزمة.

وقالت المواطنة (أم أحمد، 45 عاماً، والتي تقف في طابور كبير للحصول على ربطة «خبز» أمام مخبز الشلفوح بمخيم جباليا شمال القطاع لـ«الشرق الأوسط»: «بعد نفاد الطحين أقف كل يوم ما يقارب ثلاث ساعات لأحصل على ربطة خبز»، وأضافت أنها بحثت عن شراء شوال «طحين» فوجدت سعره ارتفع من 120 شيكلا إلى 180 شيكلا، مما اضطرها لعدم التعاطي مع التجار الذين يستغلون حاجة الناس لأهم السلع الأساسية في ظل وجود المخابز التي توفر وزارة التموين في الحكومة المقالة لها كل يوم الطحين والغاز. وتابعت: «للأسف الشديد الاحتلال يقتلنا بقذائفه وصواريخه فيما يأتي بعض التجار لينهشونا ويُكملوا علينا بفعل جشعهم وطمعهم، غير آبهين بمعاناة الناس التي يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان، رُغم أنهم عرضة للقصف والقتل من آلة الحرب الاسرائيلية الحاقدة التي لا تفرق بين بشر وشجر وحجر». فيما طالب المواطن محمد سعيد، 37 عاماً، بتنزيل أقصى العقوبات بالتجار المحتكرين، متسائلاً: أيعقل أن نحارب بلقمة عيشنا من أبناء جلدتنا في ظل ما نعانيه من قهر الاحتلال وجبروته وظلمه؟ من جانبه، قال «أبو العبد عوض (صاحب ميني ماركت في جباليا»: «منذ اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي بدأت السلع بالاختفاء من قبل التجار، كما ارتفع سعرها بعد ثلاثة أيام»، وأضاف أنه لم يتعامل مع التجار الذين رفعوا الأسعار واكتفى بما لديه من بضاعة ليسوقها للمواطنين والتي أوشكت على النفاد. وتابع أن كافة السلع طرأ عليها ارتفاع أسعار حتى في الأسواق من خضروات ولحوم ووقود، مشيداً بدور عناصر الشرطة التي تتابع وتراقب هذه الظاهرة وتلاحق التجار المحتكرين، الأمر الذي حدَّ الى حد كبير من تفاقم هذه الظاهرة.

وسجل سعر كيلو الدجاج بعد بدء العدوان 18 شيكلا للكيلو الواحد، بعد أن كان سعره 9 شيكلات، كما أن سعر لتر السولار المصري من 1.7 شيكل للتر الواحد، إلى 4.5 شيكل، وكذلك الأمر بالنسبة للخضروات.

بدوره قال الناطق باسم الشرطة في الحكومة الفلسطينية المقالة اسلام شهوان لـ«الشرق الأوسط»: «رغم ما تتعرض له الأجهزة الأمنية من استهداف مباشر من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي وملاحقة وتدمير لمقراتها، إلا أن الشرطة الفلسطينية تواصل منذ اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي ملاحقة التجار المحتكرين ومحاربتهم في كل مكان من قبل جهاز المباحث. وأضاف أنه تم إنشاء وحدة مكافحة غلاء الأسعار وتعميم رقم طوارئ لاستقبال شكاوى المواطنين للتبليغ عن التجار المحتكرين والذين يتلاعبون بالأسعار. وتابع أنه تمت معالجة 500 شكوى من المواطنين بهذا الخصوص، وفيما يتعلق بالإجراءات التي يتم اتخاذها بحق التجار المحتكرين، قال شهوان: «يتم تغريم التجار ألف شيكل اي ما يعادل 265 دولارا أميركي، وإلزامهم بالبيع بالسعر الطبيعي، أما التجار الذين لم ينصاعوا للأوامر فيتم بيع كافة المواد لديهم للناس ومن ثم تغريمهم». وأضاف أن أكثر المواد التي يتم التركيز عليها هي الطحين والسكر والوقود والخبز والعديد من السلع الاستهلاكية الأساسية.

فيما اعتبر الشيخ الداعية عماد حمتو في حديث مع «الشرق الأوسط»: «أن التجار المحتكرين (تجار الحروب) يمثلون الاحتلال الخفي، ويعاملون معاملة المحتل في مثل هذه الظروف لأنهم ينهشون جسد الأمة من الداخل، مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من احتكر طعام المسلمين أصابه الله قبل موته بالإفلاس والجذام».