بوادر انفتاح دبلوماسي تركي على كردستان العراق

رئيس الإقليم يبحث مع مبعوث أردوغان ملفات أمنية واقتصادية

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى لقائه بمراد أوزجليك مبعوث رئيس الوزراء التركي في أربيل («الشرق الأوسط»)
TT

تشير البوادر الأولية إلى أن العلاقات الفاترة بين إقليم كردستان العراق وتركيا ستشهد انفراجا كبيرا، وستنتقل في المستقبل القريب جدا إلى مرحلة أكثر تقدمًا، خصوصًا على الصعيد الدبلوماسي، الذي لطالما نأت أنقرة بنفسها عنه، منذ انبثاق حكومة إقليم كردستان عام 1992، حتى الأمس القريب. فمنذ البداية، انفردت تركيا، من بين جميع دول الجوار العراقي، باتخاذ موقف متصلب حيال الكيان السياسي الكائن في الإقليم، ورفضت، وما برحت، الاعتراف بوجودها أو تسميتها بحكومة إقليم كردستان، واكتفت دومًا في مخاطباتها ومواقفها الرسمية بوصفها بالإدارة الكردية المحلية في شمال العراق، لكن الأشهر القليلة الماضية شهدت تحولا، يمكن وصفه بالجذري في الموقف التركي الرسمي حيال إقليم كردستان، وطبيعة التعامل مع الحكومة القائمة فيه، إذ بدأت أنقرة، وتحديدًا حكومة رجب طيب أردوغان، تتخذ خطوات غير مسبوقة للتقرب من حكومة الإقليم، أبرزها إرسال مبعوث رسمي عنها إلى بغداد، ثم أربيل، للقاء كبار المسؤولين الكرديين، تمهيدًا، على ما يبدو، لتدشين عهد جديد من العلاقات الدبلوماسية، ربما بعد أن أدركت تركيا أخيرًا أن القطيعة مع هذا الإقليم، الذي يعتبر الممر الأهم بين بغداد وأنقرة، تأتي بنتائج مغايرة لما تطمح إليه. فللمرة الثانية، منذ أقل من ستة أشهر، أوفدت الحكومة التركية مبعوثها الخاص مراد اوزجليك إلى أربيل للقاء رئيس الإقليم مسعود بارزاني، الذي كان قد التقى أوزجليك في بغداد أيضا في الربع الأخير من العام الماضي، وقد تناول لقاء بارزاني - أوزجليك، في منتجع صلاح الدين بأربيل أول من أمس، سلسة من القضايا والمسائل موضع الاهتمام المشترك، التي ربما ستكون مفتاح انفراج العلاقات الثنائية بينهما. وقال الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان: إن «هذا اللقاء هو الثاني من نوعه بين الرئيس بارزاني وأوزجليك في أربيل، إضافة إلى لقائهما الأول في بغداد. وقد بحث الجانبان سلسلة من المسائل والقضايا التي تهم تركيا وإقليم كردستان على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى استعراض الأوضاع الراهنة على الساحتين العراقية والكردستانية بشكل عام، والموقف السياسي والأمني في العاصمة بغداد على نحو خاص، لا سيما المشاكل التي برزت مؤخرًا في البرلمان العراقي، إلى جانب بحث تفاصيل الاتفاق المبرم بين العراق والولايات المتحدة، وآلية تنفيذه، إضافة إلى تقييم العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وبغداد». وأضاف حسين، الذي حضر لقاء بارزاني وأوزجليك، في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» أن اللقاء «تناول أيضًا سبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين إقليم كردستان وتركيا». وفي رده حول احتمالات تطور العلاقات الدبلوماسية بين الإقليم وتركيا غداة زيارة أوزجليك، قال رئيس الديوان مازِحًا: إن «أوزجليك يجلس إلى جانبي الآن، وبوسعكم طرح هذا السؤال عليه شخصيًّا». وتابع يقول «لاشك في ذلك، ولكني لا أستطيع الجزم بطبيعة ذلك التقدم، أما بشكل عام.. فالعلاقات بين العراق وتركيا جيدة، وهناك اتفاقات هامة بين الجانبين، ومن المؤكد أنها ستنعكس بالإيجاب أيضا على العلاقات بين الإقليم وتركيا، أيضا لو استمرت الجهود الدبلوماسية المشتركة فاعلة بهذه الوتيرة». وفيما إذا كان الجانبان بَحَثا، أو يعتزمان بحث، قضية حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، قال حسين «لقاءاتنا مع المبعوث التركي مستمرة، وستتواصل خلال الساعات القادمة أيضًا، ومن المحتم بحث مسألة حزب العمال والقصف والغارات التركية على المناطق الحدودية لإقليم كردستان، ولكننا سنحرص على طرح هذه المسائل بالشكل الذي يخدم مصالح شعبينا، ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة ، لا سيَّما أن اللجوء إلى العنف لا يخدم مصالح أي طرف». في هذه الأثناء، دعت شخصيات قانونية في إقليم كردستان، سكان القرى والمناطق الحدودية التي طالها القصف والغارات التركية، إلى رفع شكاوى قضائية ضد الحكومة التركية لدى الاتحاد الأوروبي والمحاكم الدولية، والمطالبة بوقف تلك الغارات، وحمل تركيا على تعويض القرويين الكرد المتضررين جراء ذلك. وأوضح أستاذ في القانون الدولي، بإحدى الجامعات الكردستانية، أن الاتحاد الأوروبي سيكون ذا تأثير كبير على أنقرة في هذا المجال، بالرغم من أن تركيا ليست عضوًا في الاتحاد، وأضاف أن هذا الإجراء ينبغي أن يتم من خلال الحكومة العراقية، على اعتبار أن إقليم كردستان هو جزء من العراق.