الجزائريون يحتفلون بـ 3 رؤوس سنوية.. في أسبوعين

السنة الأمازيغية 2959.. يوم لاستحضار الأساطير والأكلات الشعبية

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في صورة له مع فتيات من سكان مدينة غرداية (جنوب الجزائر) بلباسهن التقليدي، خلال زيارته لهذه المدينة الأثرية في 28 ديسمبر الماضي (ا.ب)
TT

احتفل الجزائريون بثلاثة رؤوس سنوية في أقل من أسبوعين. فبعد احتفالهم بالسنتين الهجرية والميلادية، أحيوا أمس، وخصوصاً في منطقتي القبائل والأوراس بشرق البلاد، رأس السنة الأمازيغية 2959، من خلال ممارسة طقوس تضرب جذورها في التاريخ القديم، تتمثل أساسا في خروج النساء إلى حقول الزيتون لمناجاة الطبيعة لإعطاء محصول وفير، وإعداد أطباق تقليدية من الأكلات الشعبية المتوارثة عبر الأجيال.

ويحمل «يناير»، حسب المؤرخين، معنيين؛ أحدهما يتصل بالسنة الفلاحية الجديدة، في حين يرى البعض أن منشأه يعود إلى انتصار الملك البربري شاشناق على رمسيس، في معركة وقعت سنة 950 قبل الميلاد، بمنطقة بني سنوس، بولاية تلمسان بأقصى الغرب الجزائري.

وحول التأريخ ليوم «يناير»، تقول أساطير: إن الأمر يتعلق بحساب الأشهر الرومانية، بينما جاء في أخرى أن يناير (جانفي) كان قد طلب من «فورار» (فبراير) أن يعيره يوما لمعاقبة عجوز سخرت منه، فكان أن حلت في ذلك اليوم عاصفة شديدة أودت بحياة العجوز فأصبح هذا اليوم في الذاكرة الشعبية رمزا للعقاب الذي يحل بكل من تسول له نفسه السخرية من الطبيعة.

وتتكون كلمة «يناير»، من «ين» وتعني أول، و«أيور» ومعناه شهر، وهي متداولة في ولايات القبائل بالجزائر، خاصة في تيزي وزو وبجاية. وفي ولايات الأوراس، خاصة باتنة وخنشلة. ويطلق البعض على المناسبة «ثابورت أوسفاس»، وتعني باب السنة.

وترتبط الاحتفالات بالآمال الكبيرة التي يعقدها الأمازيع على السنة الجديدة، حيث يحلم الكبار والصغار بموسم فلاحي غني وبالثراء والتمتع بالصحة. وتتزامن السنة الأمازيغية الجديدة أيضا، مع نفاذ مخزون المؤونة الذي يحتفظ به الفلاحون تحسبا لفصل الشتاء، وتسمى محليا «العولة». ويمارس البعض في بيوتهم بعض الطقوس لإبعاد شبح الجوع خلال الموسم الجديد.

وجرت العادة أن تتوقف المؤسسات والمدارس والإدارات عن العمل، في 12 يناير (كانون الثاني) من كل سنة، في المناطق التي تجرى بها الاحتفالات. ويسعى المدافعون عن الثقافة الأمازيغية، منذ سنوات، إلى إدراج «يناير» ضمن الأعياد الوطنية، مثل عيد الثورة والاستقلال.

ويتم في غالبية البيوت طهي «الكسكسي» بالدجاج، ليلة 12 يناير. ويفضل سكان القبائل ذبح الديك أمام عتبة البيت ويعزفون عن شرائه مذبوحا. وقد درج أهل المنطقة قديما على إعداد سبعة أطباق متنوعة، يكون فيها البيض والخضر الجافة غذاء أساسيا، وأكلات محلية تشتهر بها المنطقة. وتقوم النساء بعد ذبح الديكة برمي ريشها في الحقول، ويرددن هذه العبارة «أيها العام الجديد منحناك الريش فلتمنحنا العيش»، وهو تعبير عن رجائهن تحقيق وفرة في الإنتاج، خاصة الزيتون الذي يعتبر مصدر رزق مئات العائلات الناطقة بالأمازيغية.

ويتوجه الرجال في هذا اليوم إلى الغابات لجمع أعشاب معينة، بغرض التحضير لأنواع من الشاي يتم شربها في الليل خلال اجتماعات تجرى في البيوت، وهو شراب يعتقد، في المخيلة الشعبية، أنه يجلب الصحة ويقوي الأبدان ويعالج بعض الأمراض. وتقيم بعض العائلات ما يشبه جردا سنويا في هذه الليلة، فيقدم كل فرد منها حصيلة نشاطه في السنة التي انقضت للوقوف على ما تم تحقيقه من أرباح.