كندية تنحت دمى منمنمة بعيدان تنظيف الأسنان

اقتصاد في المواد وغنى في التعبير

دمية رضيع بين إصبعين حقيقيين («الشرق الاوسط»)
TT

أطفال رُضّع، جعلت منهم الفنانة الكندية كاميي آلن موضوعًا لأعمالها من الدمى. تنحتها بعناية أمّ تحيط أطفالها بكل ما أوتيت من حنان ودراية. بالطّين ترسم التفاصيل، ولا تحتاج لإتمام هذه الغاية إلى أدوات معقّدة، بل إلى مجرد عيدان لتنظيف الأسنان!. من كندا إلى الشرق الأوسط بدأ صيت أعمالها يذيع، ذلك أن أشكالها ومقاساتها المنمنَمة، حوّلتها مضامين شيّقة إلى رسائل يتبادلها مستخدمو الإنترنت، بينما يعمد مُحِبّو الاطّلاع على كل جديد في عالم الفنّ، إلى تفحّص الموقع الإلكتروني الخاص بآلن. وهناك تكمن المفاجآت، الواحدة تلو الأخرى. أطفال رُضّع بأعداد كبيرة، وأشكال متنوعة جدًّا، وأوضاع مختلفة كل الاختلاف، مع الالتزام في كل عمل بمعايير كفيلة بإضفاء طابع واقعي جدًّا على كل رضيع.

واللافت أن آلن لا تحمل شهادات من مدارس عالية في النحت، كما أنها لم تبدأ مشوارها في عالم «نحت الرُّضّع» في وقت مبكّر، فرغم ولعها بمتابعة دروس في الفن أيام المدرسة، لم تتخصّص في أي نوع من أنواع الفن قبل عام 2001، وذلك حين بدأت جدة زوجها تعطيها دروسًا متخصصة في نحت الأطفال، إنما بأحجام حقيقية. واليوم تُمضِي معظم أوقاتها في محترَفها، إذ تحتاج إلى أسبوع كامل لـ «تلد» رضيعًا. وفي إحدى المرات، وبعدما أنهت عملها، فاضت عنها كتلة صغيرة من الطين، فأخذت تنحتها على سبيل التسلية والفضول، فكان طفلها الأول المنمنَم. وتقول عن هذه اللحظة، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني: «إضافة إلى إعجابي بهذا الطفل المنمنَم، راودني شعور بضرورة حمايته وإحاطته».

وقتذاك سلكَت دربًا مختلفًا، إذ اختارت أن تجعل دُماها أقرب إلى المنمنَمات، إنما مع المحافظة على أدقّ التفاصيل وأصغرها، من ملامح الوجه إلى الأذنين وأظافر اليدين والقدمين وحتى التجاعيد وثنايا الجسم! وشيئًا فشيئًا، بدأت تتهافت عليها وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، للاطّلاع على فنّها الفريد. وبعد نحو أربع سنوات دُعيت لعرض «أطفالها» في متاحف متخصصة بالمنمنَمات في كندا، وفي معرض آخر في نيويورك. وتروي آلن أن رضيعها الأول، بالحجم الصغير جدًّا «كان ملتفًّا على نفسه تمامًا كطفل رضيع في بطن أمّه، حتى إنني زوّدته بحبل السُّرّة». ولدى سؤالها عن سبب اختيارها الأطفال موضوعًا لأعمالها، تبدو غايةً في الصراحة حين تجيب: «لأن نحت الرُّضّع هو ما تعلّمته، فضلاً عن أنني أعشق الأطفال، ولا أنحت سواهم، وأشعر بأنني قادرة على نحت آلاف الأطفال دون أن أكرّر أعمالي، لأنني أعتقد أن لا طفل يشبه الآخر. وفي بعض الأحيان، أستخدم صورًا حقيقية لأطفال رُضّع، حتى أستوحي منها منحوتاتي».

وللحصول على مظهر واقعي، وبملمس ناعم، تستخدم طين الـ «بوليمير»، لأنه «طري جدًّا، ويتمتع بقدرة على التماسك، مما يتيح لي رسم أي تفاصيل، مهما كانت دقيقة، حتى البصمات! أحيانًا أخرى أستخدم قوالب خاصّة، وموادّ أخرى كالريزين والبورسلين والسيليكون. وبعد أن أجفّفها، أستخدم صوف الموهير لأزيّن الرؤوس الصغيرة بخصلات من الشعر». ورغم أن المظهر الواقعي أثار اعتراض البعض، تقول آلن: «الواقع أن الأطفال رائعون، وأطمح، من خلال منحوتاتي الصغيرة، إلى أن أذكّر الناس بهذا الأمر، أن أجعلهم يدركون كم أن الأطفال مخلوقات في غاية الجمال ويتمتعون بحساسية عالية جدًّا، تحتّم علينا معاملتهم بكل رقة وحنان. وأعتقد أن هذه الرسالة وصلت، وتصل، إلى الناس، ففي إحدى المرات كتبت إليّ إحدى الزبونات تشكرني، قائلة: لقد لمستِ قلبي بمنحوتاتك. طفلتي الصغيرة توُفّيت في شهرها الرابع. أطفالك الرُّضَّع.. لا أملك الكلمات لأشرح لك ما أشعر به. أطفالك في غاية الروعة، ويذكّرونني بطفلتي. شكرا لك».

مشوار آلن، الذي بدأ قبل بضعة أعوام، ستواصله بالانفتاح على أعراق وجنسيات جديدة، وذلك عبر دُمى أطفال مختلفي الألوان وتعبيرات الوجه وملامحه. وتطمح إلى نحت طفل كبير داخل بيضة نعامة، تحتفظ بها لهذه