مسلسل «24» التلفزيوني الجديد يتناول وجوها بارزة في إدارة بوش

يسلط الضوء على مناصري التعذيب

مشهد من مسلسل «24» («الشرق الأوسط»)
TT

يوشك باراك أوباما أن يحل محل جورج بوش كرئيس جديد في البيت الأبيض، ولكن يبدو أن ديك تشيني لن يغادر، حيث يطل علينا نائب الرئيس، الذي سيكون نائبا سابقا عما قريب، بروحه في الموسم الجديد لمسلسل «24».

ويأخذ جاك بوير (الذي يقوم بدوره الممثل كيفر ساذرلاند) دور وكيل في الحرب على التعذيب، وهو متحدث رسمي خيالي عن هؤلاء، من أمثال تشيني، الذين يتعرضون للهجوم لإصرارهم على أن التعذيب وسيلة ضرورية لمكافحة الإرهاب. لقد أصبح جاك، الذي يلجأ إلى بعض وسائل التحقيق الصارمة، ضحية لاستجواب ليبرالي. في الحلقة الأولى التي تستمر لساعتين وتعرض على شبكة فوكس، يحقق عدد من السياسيين، الذين لا يعرفون ما تتطلبه حماية البلاد من أعدائها، مع الرجل الذي أنقذ البلاد من كوارث محققة.

وقد تم استدعاء جاك من إفريقيا، إلى جلسة استماع في مجلس الشيوخ، ووبخه سيناتور متكبر بسبب اتخاذ القوانين لعبة في يديه. وبلا رهبة، رد جاك الهجوم بكلمات قوية واقعية مقتضبة، تعكس بعضا من تصريحات تشيني الأخيرة في هذا الشأن. هذه ليست مصادفة، فقد كان التعذيب، والخلاف الأخلاقي المحيط به، فكرة متكررة في حلقات مسلسل «24»، على مدار عدة مواسم حتى الآن. وفي الموسم الأخير على وجه التحديد، تحول صانعا المسلسل جويل سرناو وروبرت كوشران، إلى صاحبي قضية مثيرة للجدل، ليس فقط بعرضهما لمشاهد طويلة مخيفة لعمليات التعذيب، ولكن أيضا لظهور شخصيات تعبر عن آرائها حيال التعذيب بطريقة متكلفة وكارتونية.

قد تكون مشاهد مثل مشهد المواجهة في مجلس الشيوخ مخففة لغضب المحافظين، من احتمال تغيير الإدارة الجديدة لاستراتيجية تشيني (حيث يقف اختيار أوباما لرئيس الاستخبارات المركزية ليون بانيتا ضده بحماس)، ولكنه نوع من قتل الحماس لدى محبي المسلسل، الذين ينتظرون بشغف رؤية أساليب التعذيب الجديدة والتفجيرات النووية وأسلحة الدمار الشامل الكيميائية الحيوية وأحدث تقنيات مراقبة الكومبيوتر. وفي مسلسل مغامرات الأكشن، يجب أن يرى المشاهدون التعذيب، لا أن يسمعوا عنه.

وتبدو هذه المشاهد الخطابية المتصلة خلال الساعة الأولى من أول حلقة في الموسم الجديد، مثل الوجود في بار مع لاعب كرة قدم شهير، تنتظر سماع قصص منه عن بطولات الملعب، لتفاجأ بأنك تستمع إليه وهو يتحدث برتابة عن النفاق وظلم اختبار الستيرويد. ولحسن الحظ، وكما هو متوقع، يقطع الحديث المتصنع في مجلس الشيوخ، تهديد ملحّ للأمن القومي، لا يمكن أن يتصدى له سوى جاك بوير.

إن هدف حلقات «24» ليس الدقة، ولكنه التشويق، وهذا ليس سهل المنال في حلقات مر بطلها بالفعل بجميع المآزق والمخاطر. ويحقق المسلسل أفضل نجاح له عندما يأتي «الأكشن»، حيث مشاهد العنف المتقنة الفذة، ليس مع الكلمات، ولكن مع شخصيات مقنعة تتجاوز رسوم توم كلانسي الساخرة.

لا تستمر درجة إبداع حلقات مسلسل «24» على وتيرة واحدة، وكان الموسم الخامس من أفضل المواسم، وقد دار حول تشارلز لوغان (غريغوري إيتزين)، وهو رئيس جبان يثير اعتراضات تافهة ويشبه نيكسون، وزوجته مارثا (جين سمارت) المضطربة. وكان الموسم الأخير، الذي ظهر فيه والد جاك (جيمس كرومويل) خائنا وقاتلا ساديا، أسوأ المواسم حتى الآن، حيث فقد قوته، ومشاهديه، قبل أن يصل إلى خاتمته المخيبة للآمال.

وعلى الأرجح لهذا السبب، يأخذ الموسم السابع، الذي يعرض بعد عام ونصف من نهاية الموسم السادس، بسبب إضراب المؤلفين، مقدمة وموقع تصوير جديدا، مهد لهما الفيلم التليفزيوني «الخلاص»، الذي استغرق ساعتين في إفريقيا، والذي عرض في شهر نوفمبر (تشرين الثاني). وقد تم تسريح وحدة مكافحة الإرهاب في لوس أنجليس، وتركزت الأحداث في واشنطن، وهي هدف مقبول للإرهابيين عن جنوب كاليفورنيا. ويظهر مبنى الكونغرس مرارا في الخلفية، ليمنح هذا الموسم مظهرا أكثر واقعية، على الرغم من أنه قد شابه خطأ الإشارة إلى أن جلسة استماع مجلس الشيوخ تبدأ في الساعة الثامنة صباحا تماما. وقد ظهر في حلقات «24» من قبل رئيسان أسودان، لذا تحتل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة سيدة، أليسون تايلور (شيري جونز)، الحاسمة والشجاعة، فهي تتولى المنصب في إصرار على التدخل في دولة سانغالا الإفريقية الخيالية، للإطاحة بحاكمها الديكتاتور الذي تسبب في إبادة جماعية.

ويوضح فيلم «الخلاص» للمشاهدين ما كان من الممكن لهم أن يخمنوه من المواسم السابقة: خلف الحرب القبلية توجد مؤامرة من أصحاب الياقات البيضاء، يقودهم سمسار قوة في واشنطن، جوناس هودجز (جون فويت). وتلتف حبكات حلقات «24»، ولكن غالبا ما تكون المؤامرات مفرطة في البساطة. وتبدو هذه المؤامرة على وجه التحديد مثل قصة من مجلة «تان تان» المصورة.

وتظهر شخصيات جديدة، ولكن نادرا ما تتغير الصيغة. ويغادر جاك جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ مع عميلة مكتب التحقيقات الفيدرالية الجذابة، رينيه ووكر (آني ويرشينغ)، التي تحتاج بشدة إلى مساعدته في تعقب إرهابي كان جاك يعرفه جيدا في الماضي.

وفي واشنطن، لا تشعر الأسرة الأولى بالسعادة، ويتضح أن جميع مكاتب مكافحة الإرهاب المشغولة متشابهة. تضم مجموعة مرؤوسي رينيه، جانيس غولد (جانيان غاروفالو)، الذكية البارعة في الكومبيوتر، التي تشبه كثيرا كلوي (ماري لين راجسكوب). ويوجد بالتأكيد شخص يعمل في الظلام في مكتب الـ«إف بي آي»، بالإضافة إلى خائن داخل دائرة المقربين في الجناح الغربي في البيت الأبيض.

ولم تعد فكرة تصوير ساعة بساعة جديدة، وجميع أساليب القصة والشخصيات معتادة. ولكن تكمن المتعة، على الأقل في بداية الموسم الجديد، في مشاهدة كيف سيعيد صناع المسلسل ترتيب أجزائه هذه المرة.

ويظهر في الحلقة الأولى حادث تحطم سيارة رائع، ولكن لم يكن هناك الكثير من المفاجآت. وإذا كانت الـ144 ساعة السابقة (146 بما فيها فيلم «الخلاص») تعني أي شيء، فهو أنها أثبتت أن مشاهد الحركة وحدها ليست كافية لجذب الانتباه، وأن التفاف القصة يفي بغرضه، عندما تكون الشخصيات مركبة قليلا كذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز,