لبناني يؤسس «بنكاً أنبوبياً»

لا مقر له ولا فروع ولا جهاز موظفين وأنشئ لإنقاذ العملات النقدية الصغيرة

جناح البنك الصغير في أحد المعارض اللبنانية («الشرق الاوسط»)
TT

إذا كانت الحاجة أمّ الاختراع كما يقول المثل السائد، فإن حب الوطن هو أيضا أمّ الاختراع؟ هذه المقولة طبقها المهندس اللبناني سعد سعد، من خلال ابتكاره ما سماه «سمول بنك» (SB)، أي البنك الصغير، الذي لا مقر له ولا فروع، ولا جهاز موظفين، ولا اسم في لائحة المصارف.

شرح سعد لـ«الشرق الأوسط» فكرته التي سلكت طريقها إلى التنفيذ، بعد تسجيلها في موازاة الاقتصاد والتجارة، فقال: «جميعنا يعرف أن الواحد منّا، سواء كان رب منزل أو ربة منزل، أو تلميذا أو طالبة، أو موظفا أو موظفة، إما يعاني من الاحتفاظ بالفئات النقدية الصغيرة (من فئة 100 ليرة و250 ليرة و500 ليرة) التي تعطى له في السوبر ماركت، أو يضطر لرميها لأنها لا تمثل منفردة أي قوة شرائية، مع أنها تحمل شعار الأرزة واسم لبنان، مع ما تعانيه عملية الرمي من إساءة لاسم لبنان ورمزه، وبالتالي لقيمة نقدية لو جُمعت لشكلت كتلة يعتد بها. وبحسب مصادر في مصرف لبنان المركزي، فإن مجموع الفئات النقدية الصغيرة المطروحة في السوق، وهي معدنية في الإجمال، تقدر بـ 500 مليون ليرة. والحقيقة أن مسؤولية عدم هدرها تقع على المواطن وليس على الدولة، خاصة أن المفروض في المواطن الإحجام عن رمي ورقة في سلة المهملات، فكيف إذا كان المعد للرمي مالا».

ولكن كيف حال سعد سعد دون هدر هذه الكتلة النقدية المهمة؟ لقد ابتكر أنبوبا صغيرا من البلاستيك بطول 7.3 سنتيمتر، وقطر 2.5 سنتيمتر (وفقد قياس فئة الـ500 ليرة المعدنية) «بحيث تحفظ الفئات الصغيرة في هذا الأنبوب، لكي تشكل وحدات كاملة ذات قوة شرائية معينة، بدلا من رميها، والانزعاج من الاحتفاظ بها في جيوب الرجال أو حقائب النساء. ويمكن أن يتّسع كل أنبوب لـ25 قطعة نقدية من الفئات المعدنية الصغيرة الثلاث، وأيا كانت الفئات داخل الأنبوب، فإنها تصبح ذات قوة شرائية يمكن استخدامها في كل المواقف وكل الأسواق» حسب قوله.

سعد أوضح أيضا أن هذه الأنابيب، بألوانها المتعددة وحجمها الصغير، تعرض في المكتبات والمخازن التجارية في مدن بيروت وطرابلس وصيدا، وقريبا في جبيل وجونيه، أما الواحد منها فيمكن دسّه في «تابلوه» السيارة، أو في الحقيبة النسائية من دون إزعاج «وبذا نحافظ على جزء من ثروتنا وتعبنا وعرقنا وحضارتنا، لأن الشعب المتحضر يعرف كيف يتخلّص من نفاياته، وكيف يتحاشى تراكم هذه النفايات».

صاحب الفكرة دعا في لقائه مع «الشرق الأوسط» أيضا المواطن اللبناني إلى «تذكر أن جمع 10 قطع من فئة المائة ليرة يساوي ألف ليرة يمكن أن توفر له منقوشة (فطيرة) بالصعتر، وأن جمع 20 قطعة يمكّنه من دفع بدل النقل في سيارة الأجرة، وفي حال امتناع صاحب المطعم أو سيارة الأجرة عن قبض هذه القطع من السهل استخدامها في السوبر ماركت».

وأضاف: «بالإمكان أيضا جمع 70 % من عملات العالم في هذا الأنبوب، ويمكن اعتماد حجم أنبوب آخر، في حال استطعنا توسيع الفكرة في اتجاه الخارج. وقد بدأت بعض الخطوات في هذا المجال، حيث حملت الفكرة لنائب فرنسي من أصل لبناني هو إلياس مخايل أبو عبود من بلدة كفرحي (قضاء البترون في شمال لبنان)، وهو أحد أصدقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. كما إنني أرسلت ألفي أنبوب إلى دبي، وأنا في انتظار الأجوبة».

مع هذا، يعترف سعد بأن وضع الأنبوب في السوق «ليس هو نهاية المطاف، بل هو مرحلة من 12 مرحلة، سأسعى إلى تطبيقها بالتدريج، في ضوء نجاح كل مرحلة. أما المرحلة الثانية، فتقضي بتحويل «البنك الصغير» إلى شركة مساهمة من ضمنها مؤسسة حالية، سنعمل على طرح أسهمها في السوق، وكل من يشتري هذه الأسهم يحصل على ضمانات بعدم التراجع عن سعر الشراء مع فائدة تتراوح بين 2 و3 %، أيا كان صغر حجم المبالغ الموظفة. وستخضع المؤسسة المالية، كسائر المؤسسات المماثلة، للتشريعات مرعية الإجراء، ولرقابة مصرف لبنان، وشروط الملاءة والسيولة والاحتياطي الإلزامي».

وفي اعتقاد صاحب المشروع أن مشروعه إذا نفّذ بالكامل، فيمكن أن يوفر أكثر من ألفي فرصة عمل، معلقا «وفي نهاية الأمر، إذا كان البعض يعتقد أن مشروعنا حلم، فمن حقنا أن نحلم، ومن حق الناس علينا أن نساهم في تحقيق أحلامهم».