انخفاض الإسترليني يشجع السياحة في بريطانيا

هبط 27 % أمام الدولار واقترب من التعادل مع اليورو

اعلانات التخفيضات أصبحت هي السمة البارزة لواجهات المحلات في بريطانيا، في محاولة منها لجذب الزبائن مع اشتداد تأثير الأزمة المالية العالمية (رويترز)
TT

مع انخفاض سعر الجنيه الاسترليني، إلى أدنى مستوياته أمام اليورو في نهاية عام 2008 بدا السفر الى بريطانيا صفقة جيدة للزوجين المالطيين ماريو وجوسان كاسار، اللذين اشتريا حقيبتين جديدتين لحمل مشترياتهما. وقال ماريو أثناء زيارته مع زوجته لكاتيدرائية سان بول في لندن إن «الأسعار التي ندفعها تكاد تكون لا شيء». وانجذب سياح آخرون مثلهما الى بريطانيا ليس فقط لرؤية ساعة بيج بن أو مسقط رأس شيكسبير، بل أيضا الى التخفيضات الكبيرة التي تقدمها المتاجر التي تعاني من نقص السيولة، اضافة الى انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني. وقال ماريو، 50 عاما، إن «الإقامة رخيصة والطعام رخيص، واشترينا الكثير من الملابس». ومع تراجع الاقتصاد البريطاني، وانخفاض أسعار الفائدة الى أدنى مستوياتها، كان عام 2008 هو أضعف عام بالنسبة للجنيه الاسترليني منذ عام 1971. وهبط سعر الاسترليني 27 في المائة أمام الدولار، وارتفع سعر اليورو 30 في المائة أمام الاسترليني ليقترب من نقطة التعادل. وبلغ الاسترليني يوم الثلاثاء الماضي أدنى مستوياته في 14 عاما أمام الين. وفي الشهر الماضي سجل خط السكك الحديدية يورو ستار، ارتفاعا بنسبة 15 في المائة في أعداد الركاب القادمين من بروكسل وباريس. لكن رويترز، في تحقيق أعدته افريل اورمسبي، تؤكد أنه اذا كانت بريطانيا قد أصبحت منطقة جذب بسبب رخص الاسعار، فإن البريطانيين الموجودين في الخارج، يواجهون انكماشا في قوتهم الشرائية، وبعضهم يدرس قضاء العطلات داخل البلاد للتوفير. ويريد القطاع الاستفادة من هذا الاتجاه في الترويج لبريطانيا باعتبارها «أرخص دولة في العالم الغربي». وبدأت بالفعل حملة لاقناع البريطانيين بقضاء عطلاتهم داخل البلاد، وفي ابريل (نيسان) المقبل ستبدأ حملة جديدة بتكلفة 6.5 مليون جنيه (9.4 مليون دولار) مدعومة من الحكومة والقطاع لجذب الزوار، خاصة من دول منطقة اليورو وأميركا الشمالية. وقال كريستوفر رودريجيس رئيس الوكالة الوطنية للسياحة «فيزيت بريتن» لرويترز «يمكنني حقيقة القول انه لم يكن هناك وقت أفضل من هذا لزيارة بريطانيا». وأضاف «يجب ان نستفيد من الوضع غير المسبوق للجنيه الاسترليني.. هذه فرصة عظيمة لتسويق بريطانيا». وتحقق السياحة ايرادات قدرها 85 مليار جنيه استرليني سنويا، أي 6.4 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ 114 مليار جنيه بادراج الأنشطة غير المباشرة، مما يجعل السياحة خامس أكبر قطاع في البلاد. ونسبة كبيرة من الايرادات (نحو 66 مليار دولار) تأتي من الانفاق المحلي، لذلك فإن القطاع يحتاج من البريطانيين إلى البقاء داخل البلاد. والبريطانيون الواعون بنقص السيولة يدرسون قضاء عطلات أرخص مثل سياحة التخييم.

وقال نادي للتخييم انه شهد زيادة بنسبة 23 في المائة في الحجوزات لعام 2009 منذ نوفمبر (تشرين الثاني) بالمقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وقال ماتيو ايستليك المتحدث باسم النادي «نحن نتوقع أن نشهد نموا كبيرا». ويقول اتحاد صناعة السياحة انه حتى قبل أزمة الائتمان كانت السياحة في البلاد في حالة ركود، وكان أداؤها أقل من المتوسط العالمي. وأضاف أن نصيب بريطانيا من ايرادات السياحة العالمية انخفض بنحو 20 في المائة على مدى عشر سنوات، وانخفضت ايرادات السياحة الداخلية بأكثر من 25 في المائة. ونتج التراجع عن انتشار مرض الحمى القلاعية في مزارع بريطانيا عام 2001، مما أبعد الزوار تماما عن مناطق الريف ثم الهجمات على شبكة المواصلات البريطانية في يوليو (تموز) عام 2005، في حين زاد من المشكلة الافتقار الى الاستثمارات في مجال السياحة، وتوافر فرص أرخص لقضاء العطلات. وقال رودريجيس من فيزيت بريتن، ان ما عمق المشكلة كذلك سوء الأحوال الجوية والانطباع السائدة منذ فترة طويلة عن سوء الخدمة والافتقار للنظافة وارتفاع الاسعار في الفنادق. وأقر بأن الزوار كان يتعين عليهم تحمل الفشل في تقديم الاساسيات مثل دورات مياه نظيفة وتقديم الخدمة مصحوبة بابتسامة. وحذر من أن عشرات الالوف من الوظائف ستكون مهددة خلال فترة الكساد، ما لم يتم رفع المعايير. وقال «نحن الآن في أوضاع يتعين فيها تقديم الجودة». وأشار كذلك الى بعض مظاهر التحسن. فقال إن بعض المناطق مثل ليفربول شهدت تحسنا كبيرا. ولقبت ليف بول التي تشتهر بأنها مدينة فريق البيتلز وفريق كرة القدم، الذي يجمل اسمها في العام الماضي بلقب «عاصمة الثقافة الاوروبية». وقدم رئيس الوزراء غوردن براون القدوة الصيف الماضي بقضاء عطلته في داخل البلاد في سوفولك، على عكس سلفه توني بلير الذي كان يفضل ايطاليا. وتراجع اقبال البريطانيين على حجز تذاكر طيران للخارج بنسبة 42 في المائة في الأسبوع الأول من يناير، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، حسب موقع هيتوايز على الانترنت. لكن ذلك لا يعني انهم سيبقون داخل البلاد. فقال روبين جود مدير قسم الابحاث بالموقع الذي يراقب على نطاق واسع «يبدو ان ضعف الجنيه الاسترليني يبعد الناس عن السفر بالطائرات الى دول منطقة اليورو والولايات المتحدة، فهم يتطلعون بدلا من ذلك الى وجهات تكون فيها أسعار الصرف مواتية بدرجة أكبر». وقال اتحاد وكلاء السياحة ان بريطانيا ستواجه منافسه قوية من جانب منتجعات أرخص في تركيا ومصر والمغرب، التي تمثل مناطق جذب للبريطانيين الذين يبحثون عن دفء الشمس. وقال شون تيبتون المتحدث باسم الاتحاد إنه «على الرغم من ضعف الاسترليني، الا ان هناك دولا خارج منطقة اليورو تكون أسعار الصرف فيها مواتية». لكن دورليتا اوتاجي، 30 عاما، ورفيقها ايناكي أولاباريتا، 30 عاما، وهما من سان سيباستيان في شمال اسبانيا ـ وهي دولة في حالة كساد رسمي، ولديها أعلى نسبة بطالة في الاتحاد الاوروبي ـ جاءا الى بريطانيا أساسا من أجل رخص الاسعار. وقالت اوتاجي «نحن سعداء.. لدينا المزيد من المال هنا.. كل شيء رخيص».