حماس تؤكد أنها لن تستثمر أي انتصار لمكاسب سياسية.. وتشدد على الوحدة

أنصارها في الضفة يعولون على قلب الواقع الفلسطيني

TT

في الضفة الغربية، لا يخفي أنصار حماس توقهم لانتصار حركتهم في غزة في هذه الحرب المستمرة، ويعتقدون ان اي انتصار سيغير الواقع الفلسطيني كله، حتى في الضفة الغربية. في المقابل، فإن الأجهزة الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية يقظة وحذرة، وتتحسب لأي تحرك قد تقدم عليه حماس لاستثمار هذا التعاطف الواسع معها لتحقيق مكاسب ما او «فوضى» في الضفة. أما حركة حماس، فقد اعتبرت ان اي انتصار سيتحقق للحركة في قطاع غزة هو انتصار لكل الفلسطينيين وهو انتصار لنهج المقاومة على نهج آخر، وهو خط المفاوضات، إلا ان الحركة «طمأنت» الفلسطينيين من أنها لن تستثمرَ هذا الانتصار لتحقيق مكاسب سياسية على الساحة الداخلية وانما ستذهب بسرعة الى التوحد مع الفصائل الاخرى. واكد رأفت ناصيف عضو القيادة السياسية لحماس لـ«الشرق الاوسط» ان حركته لن تستثمر الانتصار بصورة عدائية، كما يعتقد الاخرون، وانما سيزيد الانتصار من تواضع حماس واصرارها على العودة للوحدة الوطنية. لكن مع من ستحاول حماس ان تصنع الوحدة، وهي تقول ان ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مسؤول حركة فتح، والسلطة، قد انتهت؟ وهو امر ترفضه حركة فتح التي تقول ان ولاية عباس تمتد حتى يناير (كانون الثاني) 2010، وهو جدل سياسي، لكل طرف فيه رأي يقول انه يستند الى القانون.

ورداً على هذا السؤال، قالت المصادر المسؤولة ان حماس ستذهب بعد انتصارها الى العمل على تحقيق وحدة وطنية مع فصائل العمل الوطني والاسلامي التي قادت الصراع ضد الاحتلال منذ عشرات السنين، بعيدا عن المسميات الرسمية بدون اعتراف برئاسة عباس، اي انها ستتصالح مع فتح الحركة، وليس فتح السلطة. ومن غير المعروف الى اي حد ستستجيب فتح لمثل هذا التوجه. ورفض ناصيف الخوض في مسألة ولاية عباس، قائلا انه يلتزم بقرار الحركة عدم الخوض في جدل حول ولاية ابو مازن حتى ينتهي العدوان. إلا ان مصادر حماس قالت لـ«الشرق الاوسط» ان الحركة لن تمر مرور الكرام على مواقف السلطة من العدوان على القطاع. وتعتبر حماس ان السلطة لم تتخذ موقفا جادا من العدوان على غزة، وان الاجهزة الأمنية استمرت في اعتقال عناصر حماس في الضفة الغربية. وأوضح ناصيف ان حملة الاعتقالات والاستدعاءات لعناصر حماس مستمرة بهدف استئصال حماس. وزاد ناصيف بقوله إنهم باتوا يلاحقون منظمي المسيرات التضامنية مع غزة كما انهم يتربصون بأي نشاط يعتقدون ان له بعدا تنظيميا. وقال احد عناصر حماس الخارجين من السجن لتوه، في حديث لـ«الشرق الاوسط» انهم «يريدون منا توقيع ورقة بأننا لن نخرق النظام ويبلغوننا ان اي نشاط لحماس ممنوع وبدون التوقيع لا يمكن الافراج عن اي معتقل». ومنذ التاسع من يناير اي قبل اسبوع، كفت المواقع المحسوبة على حماس وحتى الجهاد الاسلامي باستخدام مصطلح «الرئيس الفلسطيني»، واصبحت تضيف الى الوصف تعبير «المنتهية ولايته»، في ما يكشف عن الطريقة التي تفكر فيها حماس تجاه العلاقة مع الرئيس الفلسطيني لاحقاً. ونقل موقع امس تصريحات لموسى ابو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، يرد فيها على سؤال حول امكانية لقاء عباس، فيقول «محمود عباس لا يستطيع أن يساعد نفسه سياسياً، فقد انزوى بعيداً عن شعبه وأفسح المجال واسعا للعدو ليقتل هذا الكم الهائل منه في غزة، ثم ترك أجهزته الأمنية تعتقل وتمنع حتى مجرد التظاهر المتضامن مع غزة. وقد اعتقلت أجهزته أول من أمس في نابلس ما يزيد عن 200 متظاهر»، معتبرا ان «يوم الحساب قادم لا محالة، ونحن في هذه اللحظات لا نقول شيئا غير الاستمرار في صد العدوان. وإذا أراد أن يفعل شيئا على أرض الواقع، فعليه إعلان وقف المفاوضات نهائياً، وأن يدعو العرب لاجتماع قمة يقطعون فيها العلاقات مع إسرائيل، ويفرج عن كافة المعتقلين، وأن يترك الباب مفتوحاً أمام الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ليعبر عن نفسه».

وعلى الرغم مما تقدم، يحاول ناصيف ان يكون اقل حدة في موقفه، اذ يقول «التفاف الناس حول المقاومة سيعزز الوحدة، ونحن ندعو الى البحث في الزوايا الايجابية. وأمام المصلحة الوطنية نحن مستعدون للترفع عن الأذى الذي لحق بنا في الضفة، وندفع بأي حراك تجاه احداث توافق»، إلا ان ناصيف يصر كذلك على انه «بالحد الأدنى يجب ان تتوقف ملاحقة عناصر حماس الآن والافراج عن معتقليها». وتنفي السلطة انها تلاحق عناصر حماس لأسباب سياسية، كما تقول حماس. وتقول الاجهزة الامنية إن من لديها هم مشتبه بقيامهم بجمع السلاح او الاموال لصالح حماس، وهما تهمتان قال الرئيس الفلسطيني نفسه ان السلطة لن تتسامح معهما، وهما خرق فاضح لقانون اي دولة. وفي اي حال، فان معركة ولاية الرئيس الفلسطيني ستتفجر لاحقا، وإن كان العدوان يؤجلها مؤقتا. وقالت السلطة الفلسطينية مع بداية العدوان الاسرائيلي ان عباس سيبقى رئيساً للسلطة الوطنية حتى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة. وقال رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة في مؤتمر صحافي ان من لديه شكوى عليه اللجوء إلى محكمة العدل العليا الفلسطينية، والتي هي بمثابة المحكمة الدستورية، مشيرا إلى ان هذا الوقت غير مناسب للحديث عن هذا الموضوع. ومن غير المعروف ما اذا كانت حماس ستذهب نحو تعيين رئيس من جهتها، وهو اجراء لا تتفق معه معظم الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة الجهاد الاسلامي المعارضة للسلطة باعتبارها خطوة ستعمق الانقسام.