معلقون إسرائيليون يقيمون نتائج حرب غزة: لا مصلحة لنا في إنهاء حكم حماس

قالوا إن ضرب رأس الحركة ضروري

جنود اسرائيليون يراقبون غزة والنيران تشتعل في احدى مناطقها امس (رويترز)
TT

«لا مصلحة لاسرائيل في تحطيم حكم حماس او في اعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية. المصلحة هي في ضرب رأس حماس وابقائها حاكمة في القطاع»، هذا ما قاله المحلل الاسرائيلي للشؤون العسكرية رون فرحي أمس، في تلخيص الموقف بعد أن قاربت الحرب العدوانية على قطاع غزة على نهايتها.

وكانت «الشرق الأوسط» قد حاولت استقصاء رأي محللين سياسيين ومحللين عسكريين، من أجل معرفة كيف ينظر الاسرائيليون لهذه الحرب وكانت هذه الحصيلة من الآراء. آفي سخاروف، المحلل السياسي والخبير في الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس» قال لـ«الشرق الأوسط»، ان «الهدف الوحيد لهذه الحرب، وتم تحقيقه، هو توفير قوة ردع اسرائيلية ضخمة تجعل حماس تتردد ألف مرة قبل أن تهدد باطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل. والحقيقة ان هذا الهدف قد تحقق في الأسبوع الأول من الحرب وتعزز أكثر في الأسبوع الثاني مع الاجتياح البري، ولكن يبدو ان شهية الجيش زادت فراحوا يواصلون الحرب ولا أدري لماذا».

ويواصل «نحن في المرحلة الأخيرة قبل نهاية الحرب. فكلا الطرفين، اسرائيل وحماس، يريدان وقف الحرب بيد ان كلا منهما يحاول تحسين صورته في اللحظات الأخيرة. لقد كان الهدف من الحرب أن توصل اسرائيل رسالة الى حماس وقد وصلت الرسالة. ولكن يبدو ان النية الاسرائيلية هي ان توجه اهانة الى حماس لتخرجها في وضع ذليل من الحرب. فحماس التي وضعت لها هدفا ازالة اسرائيل، ها هي تتفق على وقف اطلاق النار وترضخ للإرادة الدولية في وضع نظام يمنع تهريب الأسلحة اليها. وحماس التي قطعت الحوار مع فتح ورفضت التوجه الى القاهرة، ها هي تجد وسيلة للعودة اليه. وحماس التي هاجمت مصر وأظهرتها وكأنها خائنة، تعود الآن وتسلم أمرها لمصر. وفوق كل هذا ستواجه حماس بعد الحرب أسئلة كثيرة من الشارع الفلسطيني حول أسباب هذه المغامرة التي أدت الى دمار غزة. وأنا أقول هذا الكلام، وبداخلي ألم شديد على الدمار وعلى الضحايا الفلسطينيين. أنا أخجل من قيام الجيش الاسرائيلي بهذا القصف ولا أرى فيه أية فائدة لاسرائيل بل أراه ضارا بشكل فادح لنا ولمصالحنا».

من جانبه، يقول المحلل الاستراتيجي والباحث في الشؤون العسكرية في معهد الدراسات المتعددة في هرتسليا د. أبيتار بنتصدف ان «هدف الحرب كان من البداية توجيه ضربة قاسية الى حماس في عملية متدحرجة كل ما يمكن تحقيقه منها جيد. الضربة استهدفت أولا البنى التحتية للقدرات العسكرية للحركة والقضاء على أكبر عدد من قادتها الكبار، خصوصا العسكريين منهم. ولكننا للأسف أضعنا الفرصة لتحقيق ذلك. فالغالبية الساحقة من المسؤولين الكبار نزلوا تحت الأرض وقسم منهم نجح في الهرب الى مصر. والمسؤولون الذين بقوا ليسوا مهمين. وأنا أعتقد أننا بتنا في ورطة عسكرية حقيقية. فالوضع الذي يعيشه الجيش الآن هو انه أنهى مهماته في هذه المرحلة. ولكنه لا يستطيع التقدم الى المرحلة الثالثة لأن الحكومة لم تقرر. ولا يستطيع العودة الى الوراء لأن الحكومة لم تقرر وقف النار. ولا يستطيع البقاء مكانه، لأن هذا يعطي امتيازا لرجال حماس. واضاف «أعتقد ان على الجيش أن يطلب من الحكومة موقفا محددا وواضحا. فإذا تم الانسحاب نكون قد حققنا مكاسب مهمة لكنها غير مكتملة. لقد وجهنا فعلا ضربة قوية لحركة حماس. وقوة الردع الاسرائيلية باتت واضحة وهو امر مختلف عما جرى في حرب لبنان. رسالتنا وصلت بقوة الى حماس والى السكان الذين انتخبوها. قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860 هو أفضل لنا من قرار 1701 الذي صدر اثر حرب لبنان، لأنه يتحدث بوضوح عن نظام لوقف تهريب السلاح. مشكلتنا هي أننا لا نخرج من الحرب في حالة شبيهة بحالة حرب لبنان. ممنوع الخروج في حالة تكون فيها حماس في وضع قوي مثل حزب الله».

من جانبه، اعتبر المحلل الاسرائيلي للشؤون العسكرية، رون فرحي ان «أمام اسرائيل طريقين. فإما الانسحاب فورا وفقا للمبادرة المصرية وإما البقاء والتوسع أكثر وتدمير حكم حماس والقضاء على بيئتها الأساسية». ويقول «الانسحاب أفضل لنا، لأن عدم الانسحاب يعني ان تسود الفوضى في قطاع غزة وتعود اسرائيل دولة محتلة تتحمل مسؤولية 1.5 مليون نسمة. ولماذا نحن وليس أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، لأن أبو مازن لن يقبل دخول غزة فوق الدبابات الاسرائيلية، وإن قبل فلن يستقبله الغزاويون استقبال الأبطال. أما إذا انسحبنا، فينبغي ان تبقى حماس في الحكم. نحن علمناها درسا قويا ووفرنا لها ميزان رعب جديد، وعندئذ تكون قد عرفت ثمن الحرب معنا وستكون مشغولة عنا في اعادة البناء واطعام أهل غزة». ويضيف «نحن لا نعترض في اسرائيل على فتح معبر رفح حتى لو كان بإدارة حماس ومصر تحت المراقبة الدولية. ففي هذه الحالة تصبح وجهة أهل غزة نحو مصر ولا تعود مهمة وجهتها بالاتجاه الاسرائيلي. لقد لعبت مصر بالنار 8 سنوات، تحولت خلالها الى ممر سهل للأسلحة التي تنطلق من غزة الى اسرائيل وتنغص حياتنا. وها هي حماس تنقلب ضدها. لكن الأمر الذي يجب أن نحذر منه الآن هو أن لا تعود السلطة الفلسطينية الى معبر رفح باتفاق مع حماس، لأن هذا يعني ان حماس وفتح ستعودان الى الاتفاق». ويشدد على ان «اتفاق الجهتين مضر لاسرائيل. ان مصلحتنا هي في ان تبقى غزة لوحدها والضفة الغربية لوحدها. فإذا عادا الى الاتحاد، ستصبح اسرائيل أسيرة الانقسام، حيث ان المعبر بين القطاع والضفة يقسم اسرائيل الى قسمين ويتسبب لنا في متاعب أمنية جديدة. وإذا اتحدا سيصبح موقف الفلسطينيين محليا ودوليا واقليميا أقوى، بينما تصبح قوة الموقف الاسرائيلي أضعف. وسيطالبنا العالم بدفع الثمن بواسطة الانسحاب من الضفة الغربية وقد نخوض حربا جديدة». اما المحلل السياسي والباحث الجامعي في الشؤون السياسية، د. تشيلو روزنبرغ فقد قال «ثبت ان الجيش الاسرائيلي استفاد من تجربة حرب لبنان على جميع الأصعدة. فها هو رئيس أركان الجيش يدير الحرب بهدوء وبلا ضجيج ولا تصريحات عربدة. والجنود يعملون بقوة وبأس وبمعنويات عالية. لا شكاوى ولا نواقص ولا فوضى. المشكلة ان القيادة السياسية عندنا لم تتعلم الدرس. لقد خسرنا المعركة السياسية وانهزمنا أمام العالم في قرار مجلس الأمن الدولي. القرار، وفشلنا في صده، جعلا اسرائيل في حالة دفاع عن النفس بدلا من أن تكون في موقف هجومي. نحن تحملنا الصواريخ ثماني سنوات وكنا نصرخ طيلة الوقت ولم نر العالم يصرخ من أجلنا». ويضيف «لم نتعلم الدرس من ادارة الحروب. ففي الحرب يبدأ الجيش العمليات، وعندها يبدأ السياسيون قطف ثمار العمل العسكري. وأنا لا أرى اننا نقطف شيئا. فالمبادرة السياسية بايدي مصر وليس بايدي اسرائيل. فنحن نقصف غزة بقوة هائلة، فلماذا لا نرفق القصف بشروط سياسية، فنقول مثلا: لن نوقف الحرب إلا إذا وصلت قوات دولية تعمل على منع تهريب الأسلحة من سيناء المصرية الى قطاع غزة. لماذا نسير وراء الأوهام الأوروبية. لماذا لا نخاطب الشعب الفلسطيني، مباشرة، ونحكي له القصة من أولها، فما جرى هو ان حماس جرت شعبها الى مغامرة خطيرة ليس فيها من مصلحة للفلسطينيين شيء وكل ما فيها هو خدمة مصالحها الفئوية ورغبتها في الحفاظ على السلطة. لقد جلبت حماس لهم الكارثة، ونحن نبدو المجرمين».