بايدن: أنا أكثر نواب الرؤساء خبرة وأعرف أكثر من تشيني.. ولكن لن أكون مثله ولا مثل غور

عندما قبل الترشح طلب إقامة غداء أسبوعي مع الرئيس وأن يكون معه عند اتخاذ كل قرار مهم

جو بايدن (أ.ب)
TT

قضى 36 عاما في مجلس الشيوخ، وزار البيت الأبيض تحت قيادة سبعة رؤساء، ولكن مع ذلك فان جو بايدن لم ير أبدا مكتب نائب الرئيس من الداخل في الجناح الغربي. «لم أفكر كثيرا في منصب نائب الرئيس، حتى طلب مني أن أنضم إلى قائمة المرشح الرئاسي»، يقول بايدن. ربما لم يفكر في هذا من قبل، ولكن لا بد أن بايدن كان يفكر كثيرا في الأمر في الأسابيع العشرة الأخيرة، أثناء استعداده لتولي ثاني أعلى منصب في البلاد. يقول الرجل، الذي لا يعرف كيف يبدو شكل المكتب بعد، إنه يخطط لإعادة اكتشاف منصب نائب الرئيس، بناء على فكرة أن الرجل الذي يحتل هذا المنصب الآن قد شوه صورته تماما.

وعلى الرغم من أن معظم نواب الرؤساء يصلون متحمسين لتوسيع نطاق سلطة منصبهم، يواجه بايدن مشكلة غير اعتيادية، وهي تقليص صلاحية هذا المنصب من جديد. يريد أن «يستعيد التوازن»، على حد قوله، بعد الإصرار غير المسبوق على السلطة الذي تمسك به ديك تشيني، نائب الرئيس جورج بوش. ولكن في الوقت ذاته، لا يريد بايدن أن يعيد الأيام التي لم يكن فيها نائب الرئيس يرى أو يسمع.

وفي مقابلة معه أول من أمس، قال بايدن «ان أفضل اختبار لشيء ما هو أن تجربه بنفسك». وأضاف، «لم تبد العلاقة بين بوش وتشيني جيدة جدا. الا انه مع ذلك فلا احد يمكنه ان يقول ذلك». وهنا، انحنى قليلا إلى الأمام وأكد على كلماته بحدة، «انظر إلي الآن، لا يمكن لأحد أن يقول لك رأيه بشيء ما من دون أن يذوقه. اقترح علي اسم شخص جاد ليبرالي، محافظ، ديمقراطي، جمهوري».

يتناقض انتقاد بايدن الحاد لسلفه مع النبرة اللطيفة العامة التي حاول هو والرئيس المنتخب باراك أوباما أن يتبنياها منذ انتخابات 4 نوفمبر (تشرين الثاني). ولكنه بدا قلقا من فكرة أنه لن يكون قويا لأنه لن يستخدم نفوذا مثل ذلك الذي كان يحظى به تشيني. ويقول، «قيمة القوة الوحيدة تكمن في التأثير وفاعلية استخدامها. ولم تسفر جميع السلطات التي كانت مخولة لتشيني عن نتائج مؤثرة».

كانت هذه أول مقابلة لبايدن مع صحيفة خارج ولايته ديلاور منذ الانتخابات، وقد جاءت بعد ساعات فقط من وصوله من جولة قام بها إلى باكستان وأفغانستان والعراق. واستغل بايدن، الذي بدا منتعشا ونشيطا على الرغم من رحلته الطويلة، المقابلة من أجل الخروج من الظل الذي سكن فيه تقريبا طوال الفترة الانتقالية.

لقد خطط دورا لنفسه أكبر مما يتوقع المشككون. قال إنه سيعقد اجتماعا أسبوعيا مع فريق الأمن القومي في إدارة أوباما، وسيجتمع دوريا مع كبار المستشارين المحليين أيضا. وبناء على طلب أوباما، قدم بايدن مذكرة بأسماء المرشحين للمناصب العليا، تم قبولها جميعا. وعلق بايدن: «لقد كانت لديه القائمة ذاتها، وكان ذلك غريبا». وأكد إنه لا يخطط لترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2016، عندما يصبح عمره 74 عاما، ما يعني أنه سيكون حرا في تنظيم عمله لخدمة طموحات أوباما بدلا من طموحاته. وهذا يجعله على النقيض من جميع نواب الرؤساء في العصر الحديث، في ما عدا تشيني، الذي لم تراوده أحلام بالجلوس في المكتب البيضاوي أثناء عمله مع بوش. ولدى سؤاله عن خوض انتخابات عام 2016، أجاب: «لا أنوي ذلك. وعلى الأرجح، لحسن الحظ، أن هذا المنصب هو تتويج رفيع لعملي».

الا ان تشيني ومؤيديه يسخرون من خطط بايدن في المنصب. يقول شانين كوفين، الذي كان مستشارا لنائب الرئيس حتى عام 2007: «يبدو أن بايدن متمسك بفكرة الاستحواذ على سلطات أقل. ولست متأكدا من أن ذلك سيفيد الرئيس أو نائبه». وكتب محرر في مجلة «ذا ويكلي ستاندرد» المحافظة مؤخرا أنه «ربما يكون من العدل الافتراض بأن بايدن سيكون أقل نائب رئيس أهمية منذ ألبن باركلي، نائب الرئيس هاري ترومان الذي قليلا ما يتذكره أحد».

وعلق بايدن بأنه لا يعترض على هذا الرأي. وقال، «سيكون ذلك حسنا إذا كان هذا بالفعل ما يدركه الجميع، وليس مهما ما يعرفه العالم الخارجي. المهم هو ما إذا كنت قيمة مضافة أم لا».

وقال بأنه سيضيف للمنصب مميزات تفوق مميزات أي من أسلافه، ربما في ما عدا ليندون جونسون. وقال، «أعرف ما يعرفه تشيني أو أكثر منه. فأنا أكثر نواب الرؤساء خبرة».

يركز بايدن على إقامة صلة بينه وبين أوباما الذي يصغره بعقدين تقريبا. عندما قبل بايدن الترشح للمنصب الثاني في الدولة، طلب أشياء عديدة، من بينها إقامة غداء أسبوعي مع الرئيس، والقدرة التامة على الوصول إليه هو وفريق عمله، وحرية تناول جميع المجالات بدلا من «قصره» على مجموعة من القضايا السياسية. ووافق أوباما.

يقول ديفيد أكسلرود كبير مستشاري أوباما، «كان تشيني يعمل مع الرئيس قائدا أعلى للجيش. وهذه ليست الوظيفة التي يتوقع باراك أوباما أن يقوم بها نائبه». وعلى الرغم من أن بايدن لا يريد أن يكون صورة أخرى لديك تشيني، إلا أنه لا يريد أن يكون صورة أخرى من آل غور. ويقول عن ذلك، «لا أريد أن أكون الشخص الذي يتولى ملف العلاقات الأميركية ـ الروسية. ولا أريد أن أكون الشخص الذي يعيد اكتشاف الحكومة»، في اشارة إلى اثنين من أشهر القضايا التي تولى مسؤوليتها آل غور. وأضاف، «أريد أن أكون آخر شخص في الحجرة يقول رأيه في كل قرار مهم».

ويرى والتر موندال، أول نائب رئيس يحصل على مكتب في الجناح الغربي، أن بايدن يسير في الاتجاه الصحيح. يقول موندال، «لم أعتقد على الإطلاق أن تولي مهمة في جزء بسيط من الحكومة، وهو ما يجري حاليا، كان استغلالا مفيدا لوقتي. وكنت أعتقد أن ذلك من الممكن أن يتسبب في نزاع بيروقراطي».

وقد استعان بايدن برئيس موظفي آل غور السابق رونالد كلاين، الذي عمل في السابق معه في المنصب ذاته. ولكن العمل الذي يقومون بتنظيمه لا يشبه عمل آل غور في بعض الأشياء. كان آل غور قد كون فريقه إلى حد ما من أجل تعزيز طموحاته الرئاسية، وكان مساعدوه ينظرون إلى عملهم من هذا المنطلق، محاولين عرض أولويات نائب الرئيس في بعض الأحيان إلى درجة استبعاد أولويات الآخرين.

وبينما لم يكن لآل غور مستشار اقتصادي، استعان بايدن بجاريد بيرنستيان، الاقتصادي الليبرالي البارز الذي تم تكليفه بكتابة دراسة عن تأثير خطة التحفيز التي وضعها أوباما. ويقود بايدن أيضا قوة عمل تهتم بالطبقة المتوسطة. وقال إنه سيكون «شرطي الطبقة المتوسطة» ليضمن أن الإدارة حسنت من أوضاع هؤلاء الأميركيين.

وعلى الرغم من أن كثيرين من خارج الإدارة يفترضون أنه هو وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية في الادارة الجديدة، سيتنافسان من أجل قيادة السياسة الخارجية، إلا أن مساعدي أوباما يقولون إن بايدن كان صاحب دور حاسم في إقناعها بقبول المنصب، وانه اتصل بها عدة مرات. وقد أظهرت جولته إلى باكستان والعراق وأفغانستان أنه سيكون له دور كبير في الشؤون الخارجية. وفي النهاية، يقول المستشارون السياسيون ان بايدن عليه أن يجد هويته الخاصة به، تلك التي ستعتمد على صورة علاقته بأوباما. يقول روي نيل، أحد كبار مستشاري غور، «يخطئ من يقول إنه سيكون مثل هذا النائب أو ذاك، لأنهم متفردون. ويعاد اكتشاف جميع النماذج في كل فترة انتقالية. وهو سيكون مختلفا بالتأكيد عن تشيني أو آل غور أو كويل أو بوش». أمر واحد على الأقل بات مؤكدا. خلال أربعة أيام سيرى بايدن أخيرا المكتب من الداخل.

* خدمة «نيويورك تايمز»