إسرائيل تغتال وزير داخلية حماس مع نجله وقائد جهاز الأمن الداخلي وشقيقه وأسرته

الجيش الإسرائيلي يتوغل في جنوب غربي غزة وعدد الضحايا يفوق 1100 * صواريخ المقاومة تصل إلى أبعد مدى منذ بدء العدوان

الدمار الذي خلفته الطائرات الاسرائيلية بعد قصف منزل شقيق صيام في غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

اغتالت اسرائيل امس سعيد محمد شعبان صيام وزير داخلية الحكومة المقالة في قطاع غزة، والذي كان يوصف برجل حماس القوي. فسعيد صيام الذي كان يطلق عليه لقب الشيخ سعيد واحيانا الاستاذ سعيد لانه مارس مهنة التدريس في مدارس وكالة الغوث في القطاع، هو مؤسس القوة التنفيذية عقب تعيينه وزيراً للداخلية في الحكومة العاشرة التي شكلتها حركة حماس بعد فوزها بالانتخابات التشريعية في 23 يناير (كانون الثاني) 2006. ولعبت هذه القوة الى جانب كتائب عز الدين القسام ـ الجناح العسكري لحماس دورا حاسما في بسط سيطرة حماس على قطاع غزة وإلحاق الهزيمة بالاجهزة الامنية الفلسطينية. واغتيل مع الشيخ صيام، وهو عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، نجله محمد، 21 عاما، وقائد الامن الداخلي صلاح ابو شرخ، وشقيقه اياد وعائلة الأخير في قصف جوي نفذته طائرات من طراز «اف 16» بصاروخين طالا منزل شقيقه الشيخ إياد صيام بمنطقة اليرموك في قلب مدينة غزة، المكتظة بالسكان. وسويَّ المنزل بالارض ودمر عدد من المنازل المتاخمة. وكان صيام وهو ثاني شخصية قيادية بارزة في حماس تغتال خلال هذه الحرب على غزة، إذ سبقه الى ذلك الشيخ الدكتور نزار الريان، حسب مصادر في حماس يقوم بزيارة عائلية لمنزل شقيقه. لكن مصدراً آخر قال إن صيام كان لا يستطيع البقاء بعيدا عما يعانيه من امراض (سكري وضغط وغضروف في الظهر). وينضم الشيخ صيام المعروف بهدوء وانخفاض صوته وقدرته على التحكم في اعصابه في اصعب المواقف، الى قافلة طويلة من رفاق الدرب الذين سبقوه، وفي مقدمتهم مؤسس حماس وزعيمها الروحي، الشيخ احمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي خلف الشيخ ياسين في زعامة الحركة، والدكتور ابراهيم المقادمة والشيخ جمال منصور والمهندس إسماعيل أبو شنب وجمال سليم والشيخ صلاح شحادة، وأخيرا الشيخ نزار ريان الذي اغتيل هو الآخر في الايام الاولى من الحرب في غارة مماثلة طالت منزله راح ضحيتها ايضا 15 فرداً، بينهم نساؤه الأربع. ويعرف عن الشيخ صيام انه احد اقطاب مثلث الجورة، وهي بلدة في منطقة عسقلان داخل الخط الاخضر، وقطباها الاخران الشيخ ياسين واسماعيل هنية.

وجاءت عملية الاغتيال وسط تصعيد استهدف المستشفيات والأبراج السكنية، ومقار وسائل الإعلام الأجنبية، ومخازن وكالة «الأنروا» الدولية لغوث اللاجئين الفلسطينيين، توغل الجيش الإسرائيلي فجر أمس لأول مرة منذ بدء حملته العسكرية على القطاع في حي تل الهوى الواقع في عمق الطرف الجنوبي الغربي من مدينة غزة، بينما فشل في التقدم في بقية قطاعات المواجهة الباقية.

وتقدمت الدبابات الإسرائيلية تحت غطاء مكثف من القصف الجوي الذي قامت به مروحيات الاباتشي العسكرية وطائرات الاستطلاع والزوارق البحرية في عمق حي تل الهوا، في الطرف الجنوبي الغربي من مدينة غزة، حيث وصلت الدبابات الى جوار كلية التربية التابعة لجامعة الأقصى، وهي المبنى الذي يقع على مسافة حوالي 100 متر من منزل القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار. وفوجئ الفلسطينيون الذين يقطنون الحي فجر أمس بعمليات قصف عشوائي نفذته الدبابات التي كانت تتقدم ببطء في الحي، الأمر الذي أدى إلى مقتل 28 شخصاً، وجرح المئات. ليصل عدد ضحايا العدوان منذ بدئه قبل 21 يوما إلى قرابة 1100 إضافة إلى ما يزيد عن 5050 جريحا. وتركز القصف في البداية على مستشفى القدس، التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، الذي كان يؤوي أكثر من 500 جريح، ويتواجد فيه عدد من الأطباء العرب الذي قدموا للقطاع للمساعدة في إجراء العمليات الجراحية.

وأدى القصف الكثيف الذي سقط على الابراج السكنية الى فرار عشرات الآلاف من الأهالي من شققهم السكنية، في الوقت الذي غطت سماء المدينة سحب من الدخان الأسود والأبيض الناجم عن قنابل الفسفور الأبيض التي كانت تلقيها طائرات الهليكوبتر الإسرائيلية وأدت الى إصابة الآلاف بحالات الاختناق وضيق التنفس. وسقطت بعض قذائف الدبابات على برج الشروق الذي يضم عدداً كبيراً من مكاتب مراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وأسفرت عن اصابة اثنين من العاملين في مكتب تلفزيون أبو ظبي، وكذلك برج فلسطين، الذي يضم بدوره مكاتب لوسائل إعلام، منها مقر صحيفة «الأيام».

وأكدت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يكن من المفاجئ أن يتقدم الجيش الإسرائيلي في محور تل الهوى حيث أن المنطقة تتميز بسعة شوارعها وتباعد أبراجها السكنية وعدم توفر أي سواتر طبيعية يمكن أن يلوذ بها المقاومون، حيث أن طائرات الاستطلاع تواصل تحليقها في سماء المنطقة. وشددت المصادر أنه من غير المستهجن أن تتمكن الدبابات الإسرائيلية من الوصول إلى الجامعة الإسلامية، في قلب مدينة غزة بسبب طابع المنطقة، مستدركة أن مواصلة الدبابات تقدمها بعد ذلك سيتسنى فقط في حال قامت اسرائيل بتجريف آلاف المنازل في المكان.

وأكدت المصادر أن الجيش الإسرائيلي توغل في الحي بعد أن دفع الليلة قبل الماضية بالمئات من جنود الاحتياط الذين تم نقلهم الى نقطة تجمع الدبابات الإسرائيلية جنوب حي الزيتون على الأرض التي كانت مقامة عليها مستوطنة نيتساريم. وواصلت الطائرات الاسرائيلية عمليات القصف في جميع أنحاء القطاع. وفي الوقت الذي أعلن فيه الجيش الإسرائيلي عن قصف 70 هدفاً الليلة قبل الماضية وفجر امس، اكدت المصادر الطبية الفلسطينية أن أحد الأهداف التي طالها القصف بيتاً في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، كانت تتواجد فيه ام وثلاثة من أطفالها، فقتلهم جميعاً. وفي حي الفخاري، شرق مدينة خان يونس، قتل أربعة أشخاص الليلة قبل الماضية في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف الحي. إلى ذلك واصلت المقاومة إطلاق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية جنوب إسرائيل. ووصلت الصواريخ الى بلدة غديروت التي تبعد اكثر من 55 كيلومترا وهي قريبة من مدينة اللد القريبة بدورها من مطار تل ابيب. واعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس عن نجاحها في قصف مدينة بئر السبع بصاروخين من طراز «غراد» الامر الذي ادى الى جرح 9 اشخاص جراح اثنين منهم خطيرة.

كما قصفت حركات المقاومة ايضا مدن عسقلان واوفكيم ونتيفوت، بأكثر من 20 صاروخاً من طرازي «غراد» و«القسام» و«القدس» و«الاقصى» وغيرها. وكان حريق ضخم قد نشب الليلة قبل الماضية في احد المصانع الكيماوية في ميناء أسدود الأمر الذي ادى الى انتشار سحب من الغازات السامة فوق المدينة والبلدات المحيطة. وفي الوقت الذي ادعت فيه الشرطة الاسرائيلية ان الحريق ناجم عن ماس كهربائي، اكدت كتائب القسام ان الانفجار ناجم عن سقوط صاروخ جراد اطلقته على المنطقة.