اليمين الإسرائيلي يهاجم قرار وقف النار ويتهم الحكومة بإضاعة فرصة القضاء على حماس

الأحزاب تستأنف المعارك الانتخابية

TT

مع سكوت حمم القاذفات العدوانية المدمرة في غزة، استأنفت الأحزاب الإسرائيلية معاركها السياسية الداخلية للفوز بثقة الناخب في الانتخابات العامة التي ستجري بعد ثلاثة أسابيع في 10 فبراير (شباط) المقبل بحيث تقف الحرب ونتائجها، في رأس سلم الاهتمام. وفي حين تستعد أحزاب الائتلاف الحكومي لجعل الحرب إنجازا كبيرا، تحاول أحزاب المعارضة اليمينية التقليل من حجم الإنجاز وإظهار الحكومة عاجزة وفاشلة ومقيدة لأيدي الجيش في تصفية «حماس».

فقد خرج رئيس المعارضة اليمينية، بنيامين نتنياهو، الذي تعطيه استطلاعات الرأي تفوقا واضحا على جميع خصومه، بحملة يهاجم فيها وقف إطلاق النار. وقد اختار الوقوف قرب جرحى الجيش الإسرائيلي الذين أصيبوا في الحرب مكانا لإطلاق هذه الحملة. فقال خلال عيادتهم في مستشفى «سوروكا» في بئر السبع في صحراء النقب إن الجيش الإسرائيلي وجه ضربة قاصمة لحركة حماس، وكان بإمكانه أن يقضي على قدرات هذه الحركة عسكريا ويسقط حكمها. لكن الحكومة أوقفت الحرب قبل أوانها وتركت «حماس» في الحكم. وفي غضون بضعة شهور ستستعيد «حماس» سيطرتها على الشريط الحدودي بين غزة وسيناء المصرية وترمم الأنفاق وتعود الى تهريب الأسلحة.

وكان رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، قد لمس نية اليمين الخروج بحملة كهذه، حال الإعلان عن وقف إطلاق النار في الليلة قبل الماضية. فقال في جلسة الحكومة، أمس، انه يعرب عن تقديره البالغ للموقف المسؤول الذي اتخذه رئيس المعارضة خلال الحرب وموافقته على المشاركة في الحملة الإعلامية الإسرائيلية لتبرير هذه الحرب. ولكن أولمرت حذر نتنياهو من أي طعن في إنجازات هذه الحرب، وقال إن المصالح الانتخابية، مهما تكن قيمتها عالية، تظل مصلحة إسرائيل وجيشها أهم، وكل مساس بهذا الإنجاز يعتبر مساسا بالجيش الإسرائيلي وبالمصلحة الوطنية العليا لإسرائيل وأمنها، وسيتم استغلال هذه التصريحات لدى أعداء إسرائيل، من حماس وغيرها.

وقال مقرب من وزير الدفاع، إيهود باراك، إن نتنياهو وغيره من أنصار اليمين المتطرف يفقدون صوابهم في مهاجمتهم الحرب، ولا يأخذون بالاعتبار أن جنود الجيش الإسرائيلي ما زالوا في جبهة الحرب. وأي مساس بإنجازاتهم يؤدي الى رفع معنويات «حماس» المحطمة وهذا ينعكس في تهديد حياة الجنود للخطر. ودعا السياسيين في اليمين الى الاستماع لتقارير رئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي، ورؤساء أجهزة المخابرات الثلاثة، الذين أجمعوا على ان الحرب حققت اهدافها كاملة. ورفض أقوال نتنياهو عن تحطيم حكم «حماس» وقال: «لقد أعلنا من البداية أن هدف الحرب ليس إسقاط حكم حماس ولا تصفية قدراتها العسكرية، بل توجيه ضربة قاسية لها تجعلها مثل حزب الله تمتنع عن اطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل ووقف تهريب الأسلحة اليها من خارج القطاع. وهذا قد تحقق. والعملية لم تتوقف ولن تتوقف إلا إذا أوضحت «حماس» أنها تعلمت الدرس وتم التوصل الى اتفاق بهذا الروح».

ورد نتنياهو على هذا الادعاء قائلا إن هناك أوساطا أمنية تقول إن بقاء «حماس» مسؤولة عن الشريط الحدودي بين القطاع وبين سيناء سيتيح لها العودة الى بناء الأنفاق وتهريب الأسلحة. وقال «ان الحكومة لا تدرك بعد ان «حماس» ليس مجرد فصيل فلسطيني يحارب أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس)، انما هي ذراع طويلة تابعة لإيران وقد سيطرت على قطاع غزة بدعم ايران ولا قيمة للاتفاقات معها. ولن يكون هناك مفر أمام اسرائيل إلا أن تدخل في مواجهة مع هذه الحركة. وينبغي ان تتم المواجهة الآن، في الوقت الذي نرى فيه ان ايران وأتباعها في سورية وفي «حزب الله» لا يجرؤون على فتح جبهة ضد اسرائيل ونحن نقص ذراعهم في غزة».

ويرى المراقبون ان هذا التراشق ما هو إلا بداية تدل على أن المعركة الانتخابية ستستأنف بشكل شرس. وحسب المعلق السياسي زيف لنتسور، فإنه بعد الخروج من الحرب بصورة نصر، يفتش القادة السياسيون الإسرائيليون عن «صورة نصر انتخابي». فترى كل واحد منهم يتبنى موقفا شخصيا يخدم مصالحه الانتخابية ولا علاقة له بالمصالح الوطنية. فرئيس الحكومة أولمرت حقق ذلك، والآن لن نذكره كرئيس حكومة مفسود، بل رئيس حكومة يدير حربا ناجحة. وباراك لن يبدو ذلك القائد الذي حطم حزب العمل وأنزله من 19 الى 7 مقاعد، بل حافظ على قوة الحزب وأظهر انه أفضل وزراء الدفاع خلال حروب إسرائيل منذ العام 1967. وتسيبي ليفني، وزيرة الخارجية وزعيمة حزب «كاديما»، تحاول أن تعود الى الحلبة بصورة قبلاتها مع كوندوليزا رايس (وزيرة الخارجية الأميركية)، ونتنياهو يحاول الظهور بصورة الحريص على الجنود.