الغزيون يتفقدون منازلهم المدمرة ويدفنون موتاهم ويواسون بعضهم بعضا

في اليوم الأول لوقف النار

مصافحة بين فلسطينيتين ابعدتهما ايام العدوان امس (ا ب)
TT

جاء اعلان اسرائيل وقف اطلاق النار من جانب واحد وموافقة فصائل المقاومة على وقفه لمدة اسبوع، تتوقع خلالها انسحابا اسرائيليا، منقذا لغالبية الفلسطينيين في القطاع، الذين رحلوا على مدى ايام العدوان الاثني والعشرين، منحهم متسعا من الوقت كي يلتقطوا الانفاس ويقفوا على ما حل بهم من دمار وقتل وتشريد.

فأول شيء قامت به الاسر المشردة، غداة اعلان وقف اطلاق النار، هو العودة الى بيوتها او ما تبقى من هذه البيوت او حتى الانقاض والركام. وشوهدت العائلات تتجه نحو بيوتها في منطقتي الشيخ عجلين وتل الهوى في الجنوب وحي التفاح وجباليا وبيت لاهيا، سيرا على الاقدام.

وبدأت غالبية الاهالي في تفقد الدمار الهائل الذي لحق بممتلكاتهم، وهم يحاولون ستر ما يمكن ستره من بيوتهم على نحو يسمح لهم بالعودة اليه، وركز آخرون على دفن جثث قتلاهم التي عثر عليها متحللة تحت الأنقاض، بينما تحرك اخرون لمواساة المنكوبين. ففي شمال القطاع قال ميسرة عوض 29 عاماً لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ساعات الصباح شعرتُ بأن هناك حركة في الشوارع، حركة لم أرها منذ اثنين وعشرين يوماً، فالسيارات تسير بشكل طبيعي وبعض المحلات التجارية، التي كانت مغلقة على الدوام، رأيتها فاتحة أبوابها والزبائن بداخلها، وعند سؤالي عن السبب علمتُ أن هناك قرارا بوقف إطلاق النار من قبل إسرائيل، حينها أسرعتُ لتفقد منزل عائلتي القريب من منطقة التوغل شرق جباليا، وبعدها ذهبت لأرى الدمار الذي حل بالناس، وعقبها ذهبت لأواسي أصدقاء لي فقدوا أبناءهم خلال العدوان الإسرائيلي».

أما سمر جمال 27 عاماً، التي تعيش في حي النصر بمدينة غزة، فالمشاعر اختلطت عليها بين الفرح والألم.. الفرح بوقف الحرب وعودة الناس لديارهم، التي شردوا منها، وألم على فراق الأحبة والإخوة، والمآسي التي تعرضوا لها خلال 22 يوما، بحسبما قالته لـ«الشرق الأوسط». وأضافت: «إنني اطمأننت بعد إعلان الفصائل الفلسطينية عن وقفها لإطلاق النار لمدة أسبوع، متمنية أن لا تعود أيام الحرب على الإطلاق». وتابعت القول إنها منذ ساعات الصباح وهي تحاول الاتصال بأقاربها في المنطقة الشمالية للاطمئنان عليهم لكنَ سوء شبكة الاتصال حالت دون ذلك، الأمر الذي جعلها وشقيقها يستقلان سيارة أجرة ويذهبان إلى منزل شقيقتهما للاطمئنان عليها في بيت لاهيا.

اما أسامة يحيى، الذي يقطن بالقرب من جبل الكاشف شرق جباليا، الذي تعرض لاسوأ عمليات قصف بري وجوي اسرائيلي، فقال لـ«الشرق الأوسط»، «جئت لأتفقد المنزل الذي أصابه الخراب وأحصي الخسائر»، مؤكداً أنه وأسرته لا يمكنهم المبيت في المنزل لأن الجيش الإسرائيلي لا أمان له، فقد يدخل مرة أخرى من المناطق التي انسحب منها في ساعات الليل.

وفي غزة المدينة، قال السائق أبو محمد، انه ومنذ ساعات الصباح وهناك حركة كبيرة للمواطنين، مؤكداً أن غالبية الناس يتجهون للأماكن التي انسحب منها الجيش الاسرائيلي شرق غزة. وفي السياق ذاته اتجه عدد كبير من المواطنين الذين تركوها إلى تفقدها.

أما أم إبراهيم، التي كانت تستقل سيارة اجرة متجهة من وسط مدينة غزة، إلى منزلها الذي تركته في حي التفاح شرق المدينة، فقد عبرت عن فرحتها وسرورها لوقف الحرب. وقالت «رغم المشاهد المحزنة التي استمرت على مدار الأيام الماضية إلا أن وقف الحرب ضروري لنا، لأن حياتنا تعكرت، ونأمل في أن تعود لطبيعتها». وأضافت ان «الجميع منا مجروح ومن لم يصب بأذى فقريبه أو جاره حلت به مصيبة. وتمنت أن يستمر وقف إطلاق النار ورفع الحصار وفتح المعابر مع القطاع».

أما إبراهيم الأغا في خان يونس فقال في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط»، «منذ صباح اليوم (امس)، فتحت بعض المحال التجارية أبوابها، وهناك حركة للمواطنين شبه عادية، وهناك فرحة لدى المواطنين بقرار وقف الحرب، والناس يتحركون للاطمئنان على بعضهم البعض، في ما فَتح بعض المواطنين بيوت العزاء لأبنائهم الذين قتلوا في العدوان من القصف الإسرائيلي، وآخرين عادوا إلى منازلهم التي تركوها شرق المحافظة.