الجيش الإسرائيلي يعتم على رفض الخدمة لأسباب ضميرية برزت خلال الحرب

الجنود الإسرائيليون العائدون من غزة: واجهنا أحيانا مقاومة شديدة.. وتوقفنا عند الحد الذي حددته حكومتنا

جنود اسرائيليون في دورية على تخوم غزة الشرقية امس (إ ب أ)
TT

مع عودة الجنود الاسرائيليين من الحرب العدوانية على قطاع غزة، بدأوا يتكلمون عن انطباعاتهم الشخصية وتقديراتهم لأهدافها ويكشفون أمورا لم تكن معروفة بالشكل الكافي، وفي خلاصتها انهم يؤكدون وجود مقاومة شديدة في بعض المناطق وغيابها في مناطق أخرى، وانهم يعودون منتصرين، وان الجيش نجح في التستر على ظاهرة رفض الخدمة في هذه الحرب بواسطة الخداع.

فقد سمح الناطق بلسان الجيش، الذي فرض تعتيما شديدا على مجريات الحرب، لبعض الضباط والجنود أن يتكلموا، أمس، لوسائل الاعلام. وأبرزهم قائد لواء «جبعاتي»، العقيد ايلان مالكا، الذي قاد الحرب في المنطقة الشمالية ودخلت قواته الى حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، فقال: «بكل المقاييس العسكرية خرجنا منتصرين وكبدنا العدو خسائر هائلة. ولو أتيح لنا الاستمرار في الحرب، لكنا نظفنا غزة من حركة حماس. ولكننا توقفنا عن الحد الذي حددته لنا الحكومة وحققنا كل ما هو مطلوب منا وأكثر».

وسئل مالكا عن سبب القصف الكثيف والدمار والأضرار المبالغ فيها للمدنيين، فأجاب: «لا توجد مبالغة في القصف. أنا كنت على رأس القوة العسكرية التي دخلت غزة في مطلع السنة الماضية وخسرت جنديين. لست مستعدا بعد لأن أخسر أحدا من جنودي. بدلا من أن أرسل عشرة جنود الى بيت مفخخ، أقوم بقصفه وتدميره قبل أن أصل اليه. واسألوا لماذا كان البيت مفخخا ومن الذي فخخه ولماذا تركوا الناس المدنيين يعيشون فيه بعد تفخيخه». وادعى مالكا انه لا يوجد بيت فلسطيني واحد دخلته قواته إلا وكان فيه موقع قنص أو مدفعية أو نفق عسكري وان كمية المتفجرات التي عثروا عليها في كل بيت من بيوت رجالات حماس كانت هائلة. وأضاف: «نحن لا نريد أن يقصف المدنيون. ولكن في الوقت نفسه حياة جنودي أهم».

وقال الضابط الجريح ايتان كريتي إنه حزين لأن الجيش لم يعط فرصة الاستمرار في الحرب لتحقيق الأهداف المرجوة «صحيح ان الحكومة وضعت أهدافا متواضعة، ولكننا دخلنا وكنا نريد العودة وبيدنا الجندي الأسير جلعاد شليط. ولما عدنا من دونه، فشلنا». وقال ضابط، لم يذكر اسمه، ان الجنود الاسرائيليين مروا في تجارب متعددة. ففي بعض الأحيان واجههم مقاتلو حماس بقتال شديد، «حتى شعرنا أن الأرض زلزلت من تحت أقدامنا. فهم مدربون بشكل جيد. ولكن في مواقع أخرى كنا نجدهم يتركون سلاحهم ويهربون ويختبئون. في بعض الأحيان كنا نشاهدهم ينصبون لنا كمائن محكمة، ولكنهم في أحيان أخرى يظهرون بساطة وسذاجة ويفجرون العبوات هباء. بشكل عام كان الوضع صعبا. انها حرب بكل المعنى. وقد انتصرنا فيها».

من جهة ثانية تكلم عضو ادارة تنظيم «الشجاعة في الرفض»، أريك ديامنت، فقال ان الاعلان الرسمي في الجيش بأن هناك جنديين فقط رفضا الخدمة في هذه الحرب لأسباب ضميرية، غير صحيح. فهناك عشرات الجنود والضباط الذين رأوا في هذه الحرب جريمة حرب ورفضوا المشاركة فيها. بعضهم تلقوا أوامر التجنيد ولم يستجيبوا لها. وبعضهم تلقوا مكالمات هاتفية ولم يردوا عليها. وبعضهم أبلغوا قادتهم بأنهم لا يريدون الخدمة في هذه الحرب فرتبوا لهم إعفاء بطريقة أو بأخرى. وبعضهم اشتركوا في الحرب بدافع القناعة بأنهم يؤثرون على الجيش من الداخل، واثروا فعلا. وأنا شخصيا أعرف واحدا من هؤلاء، انتقدته على مشاركته، فروى لي كيف انه أنقذ حياة فلسطينيين في غزة. وضرب لي مثلا فقال: خرج من أحد البيوت رجل يحمل عنزة، فقرر قائد المجموعة إطلاق الرصاص عليه لأن علينا ان لا نخاطر بحياتنا. فأوقفته وقلت له ان هذا المواطن غير مسلح بشكل واضح، ولا يهدد حياة أي منا. فترادع وأخلينا سبيل الرجل. وأعرب ديامنت عن قناعته بأن عدد الرافضين الفعلي يعد بالعشرات.