الخرطوم ترجع اعتقال الترابي لاتصالات أجراها مع متمردي دارفور.. وتحضر لمحاكمته

«الشعبي» اعتبرها «طبخة فاسدة».. وأسرة الزعيم الإسلامي استنكرت «الطريقة العقابية» خلال اعتقاله

TT

كشفت مصادر أمنية في الحكومة السودانية، عن أسباب اعتقال زعيم المؤتمر الشعبي، الدكتور حسن الترابي، الأربعاء الماضي، قائلة ان الزعيم الاسلامي أجرى اتصالات مع قادة حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور. وحرض على تصعيد العمل العسكري في دارفور، ووجهه كوادر حزبه للالتحاق بقوات الحركة لخلق واقع جديد، ولم تستبعد تقديمه الى المحاكمة.

وربطت المصادر تلك الاتصالات بما يحدث حاليا في مدينة مهاجرية بجنوب دارفور، التي شهدت اشتباكات عنيفة بين حركتين متمردتين أدت الى مقتل وجرح العشرات، غير ان المؤتمر الشعبي نفى هذه المعلومات الأمنية. وشدد على عدم وجود صلة مع حركة العدل والمساواة وما يحدث في مهاجرية. وقالت المصادر الامنية التي سربت تلك المعلومات لأجهزة اعلام سودانية، ان الترابي لم يعتقل بسبب تصريحاته حول تسليم البشير الى المحكمة الجنائية الدولية، ولكن لتحريضه عبر اتصالات اجراها مع قادة حركة العدل والمساواة المتمردة التي يتزعمها خليل ابراهيم، على صعيد العمليات العسكرية في دارفور لخلق واقع جديد في الاقليم، ولكي تصبح الحركة الممثل الوحيد في دارفور. وربطت احداث مهاجرية التي شهدت قتالاً بين قوات العدل والمساواة وجيش تحرير السودان فصيل مني اركو مناوي (مساعد الرئيس البشير) اخيراً بتحرك الترابي. وقالت ان الترابي وجه عدداً من كوادر حزبه الى الالتحاق بـ«حركة العدل والمساواة» لتقويتها ودعمها عسكريا في الفترة المقبلة، واضافت انه نسق خلال زيارته الى اوروبا اخيراً، مع مساعده الدكتور علي الحاج المقيم في ألمانيا لدعم حركة خليل ابراهيم لوجستيا وماديا. ولم تستبعد المصادر تقديم الترابي الى محاكمة هذه المرة، بعد اكتمال التحقيق معه. وكشفت مصادر امنية في الخرطوم عن امكانية تقديم الترابي الى محاكمة. ونفى الأمين المساعد للمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج لـ«الشرق الأوسط» وجود صلة بين الترابي وحركة العدل والمساواة وأحداث مهاجرية اخيراً. ووصف المعلومات التي نقلتها الأجهزة الأمنية بـ«الطبخة» الفاسدة.

واعتبر الحاج اتهامات الخرطوم سيناريوهاتٍ مكررة، وان الحكومة كانت تتوقع قبل اسبوعين ان تصدر المحكمة الجنائية الدولية قرارها بتوقيف البشير في الفترة ما بين (14 الى 16) من الشهر الحالي، لكن الخبرَ تسرب خارج دوائرهم لذلك تعجلوا بإجراءات الاعتقال. واضاف «لا نريد ان ننصرف الى قضية اعتقال الترابي او محاكمته، لأنها لا تحل قضايا السودان المتأزمة في دارفور، والمحكمة الجنائية الدولية، بل البحث عن مخرج للأزمة كلها». واتهم الحاج، نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه بأنه وراء اجراءات اعتقال الترابي.

وقال ان طه قدم «مدونة» الى البشير قبيل سفر الأخير الى الدوحة يدعي فيها ان الترابي لديه صلة بالمحكمة الجنائية الدولية، وانه يغذيها بالمعلومات. واضاف ان «طه ذكر في المدونة ان الحكومة عليها ان توقف الاصوات النشاز في حال صدور قرار المحكمة الجنائية بتوقيف البشير لضمان وقوف كل الشعب السوداني وراء رئيسها البشير». وقال الحاج «كتم الاصوات التي ذكرها نائب البشير هو اجراء اعتقال الترابي وقيادات المؤتمر الشعبي لأنهم لن يصمتوا». وتابع «المدونة التي قدمها نائب البشير كان القصد منها اخذ الضوء الاخضر من البشير لاعتقال الترابي». ولم يتسن الحصول على تعليق من الخرطوم.

من جهتها، أصدرت اسرة الترابي بيانا قالت فيه، ان جهاز الأمن والمخابرات اعتقل الترابي «بطريقة عقابية يقصد منها أيضا ردعه وكل الموجودين في منزله وتخويفهم». وقالت إن «الشيخ الترابي اعتقل مرات عديدة منذ عام 1969 على عهد الحكم العسكري الثاني، ولمرات ثلاث في عهد الحكم العسكري القائم الآن، والأمن يعلم سبلا أخرى للاعتقال، منها الاستدعاء أو أن يأتي رسول لدار الحزب أو لدار السكن، ليبلغ أن الشيخ مطلوب حضوره لجهاز الأمن في ساعة كذا ومكان كذا.. أما الاعتقال في ساعات الليل والفجر، فما هو إلا نوع من التشديد والضغط الجسدي على شيخ في السادسة والسبعين». وأشار البيان إلى «دخول مسلح يحمل بندقية M16 أميركية الصنع، بزي عسكري مموه للدار، وثلاثة آخرين تحفزوا للاشتباك، وإن كانوا في ملابس مدنية. وأبلغ قائدهم أن الشيخ مطلوب حضوره إلى مكتبهم». وقال البيان إن «الشيخ حسن الترابي فيما نعلم معتقل في زنزانة بقسم من سجن كوبر الشهير، الذي كان جهاز الأمن قد احتله وأحاله إلى حجيرات عديدة مفصولة عن بعضها بعضاً بحوائط عالية. ونعلم أنها تجافي كل قواعد أماكن الحجز».

الى ذلك، طالبت الحركة الشعبية بتقديم زعيم المؤتمر الشعبي المعتقل، الدكتور حسن الترابي، إلى محاكمة عادلة أو اطلاق سراحه. وقال الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية، يان ماثيو، ان حركته تدين الاعتقالات التي لا تستند إلى اجراءت قانونية. واضاف ان قانون جهاز الأمن الوطني الحالي يخالف الدستور الانتقالي واتفاقية السلام الشامل، وان الحركة ظلت تدعو الى تعديله، ولن تتوقف عن مطالبها.