بغداد: أول استطلاع حكومي عراقي يظهر تأييد الناخبين للقوى العلمانية في البلاد

قيادي في تيار منشق عن «الدعوة» لـ«الشرق الأوسط»: تصرفات قيادات في تنظيم المالكي تشير إلى العلمانية

TT

أظهر استطلاع للرأي، أجرته الحكومة العراقية، ونشرت نتائجه أمس، أن غالبية الناخبين في الانتخابات المحلية المقبلة تؤيد القوى «العلمانية على القوى الدينية والقومية»، وجاء الإعلان عن هذا الاستبيان في وقت ظهرت فيه مؤشرات على توجه حزب الدعوة الإسلامية، بزعامة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إلى الميول العلمانية، والنأي عن الأحزاب الإسلامية.

وأجرى الاستطلاع المركز الوطني للإعلام، التابع لأمانة مجلس الوزراء في العراق، وقال علي هادي محمد، المشرف العام على المركز في مؤتمر صحافي إن «الاستطلاع الذي شمل جميع القوميات والأديان يؤكد حصول التيار العلماني على 42 في المائة، مقارنة بالتيار الديني 31 في المائة»، وذلك ردا على سؤال حول من يقدر على قيادة البلاد بشكل أفضل.

وبحسب وكالة «الصحافة الفرنسية» فإن الاستطلاع شمل 4500 شخص في جميع المحافظات، وعددها 18. وستجري انتخابات مجالس المحافظات في 14 من أصل 18 محافظة في 31 من الشهر الحالي.

وأضاف محمد أن «نتائج الاستطلاع أظهرت أن نحو 68 في المائة يرفضون استخدام الرموز الدينية في الدعايات الانتخابية». ويحظر القانون استخدام الرموز في الملصقات أو الدعايات الانتخابية، لكن بعض القوائم أو الكيانات لا تلتزم بذلك. ويتنافس أكثر من 14 ألفا و500 مرشح ضمن 401 كيان سياسي على 440 مقعدا، في حين يبلغ عدد الناخبين نحو 15 مليونا.

وحول المشاركة في الانتخابات، قال محمد إن «أكثر من 73 في المائة أعلنوا أنهم سيتوجهون للإدلاء بأصواتهم»، مشيرا إلى أن «أعلى نسبة للراغبين بالمشاركة سجلتها محافظة كربلاء حيث بلغت 85 في المائة، فيما سجلت النسبة الأدنى في محافظة النجف مع 54 في المائة». وتابع ردا على سؤال، إن «نحو 30 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنهم سيشاركون كواجب وطني، في حين أكد 20 في المائة أن مشاركتهم تتعلق بوجود جهات أو أشخاص يثقون بهم، في حين قال 19 في المائة إنهم سيشاركون أملا في تحسن أداء مجالس المحافظات المحلية».

وكشف عن نتائج الاستطلاع في وقت تشتد فيه المنافسة بين القائمة، التي يتزعمها المالكي في الانتخابات المحلية لانتخاب مجالس المحافظات، وتلك التي يتزعمها منافسه عبد العزيز الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي. وكان الجدل قد احتدم بينهما، عندما انتقد قيادي في حزب الدعوة الإسلامية «الشعائر الحسينية»، وهي الطقوس التي يمارسها الشيعة في إحياء ذكرى عاشوراء، (مقتل الإمام الحسين)، مثل اللطم وضرب الأجساد. ووصف حسين الشامي، وهو مستشار المالكي في بيان بعض من تلك الشعائر بأنها «بدع»، الأمر الذي أثار حفيظة المجلس الأعلى. وتخشى الأحزاب الرئيسية في البلاد، وحتى الشيعية منها، والتي أوصلت المالكي إلى سدة الحكم، من تزايد نفوذه بسبب النجاحات النسبية التي حققها على مستوى الأمن، وإبرام اتفاقية سحب القوات الأميركية من العراق. ومن الملاحظ أن المالكي تجنب في الحملة الانتخابية الرسائل الدينية، مكتفيا بإعطاء وعود في تحسين الأمن والخدمات، في وقت تزايد فيه تبرم العراقيين من الأحزاب الدينية وانخفاض شعبيتها، قائلين بأنها «لم تقدم» شيئا لهم. وقال مؤيد العبيدي، وهو قيادي في تيار الإصلاح، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إبراهيم الجعفري، والذي كان الأمين العام لحزب الدعوة، وانشق عنه بسبب خلافات مع المالكي، لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الدعوة كما نعرفه، هو حزب إسلامي عقائدي يعمل بمبادئ الإسلام، فإذا كانت هناك بعض المؤشرات، ربما لا يعني بالضرورة أن الحزب اتخذ بديلا (العلمانية)»، غير أنه أستدرك قائلا، إنه «ربما هنالك منهج أو تصرف أو سلوك معين لقائد من قيادات حزب الدعوة، يفهم منه هذا المنهج وهذا المبدأ، أو بعض الظواهر التي تشير إلى علمانية التصرف»، غير أنه أحجم عن ذكر أسماء هؤلاء المسؤولين. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نقلت في وقت سابق، عن صلاح عبد الرازق، وهو مدير حملة «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي في الانتخابات المحلية، أن حزب الدعوة لم يعد يركز على الدين، قائلا إن «المالكي إسلامي كفرد، ولكن كرجل دولة؟ لا، إنه علماني. في الوقت الحالي لدينا أولويات، حيث لا توجد منازل للمواطنين ولا غذاء ولا أمن، هناك احتياجات ضرورية للمواطنين، قبل أن تقوم بأشياء مثل أن تحظر الكحوليات، أو تجبر المرأة على ارتداء الحجاب». ويؤكد: «في الأساس، المالكي عراقي، ولا يمكن أن يكون إسلامي في الوقت الحالي».