قمة الكويت: خادم الحرمين يضع العرب على طريق المصالحة

الملك عبد الله بن عبد العزيز: خلافاتنا ما زالت عونا لكل من يريد شق الصف العربي * مبارك: غزة استغلت لاختراق العرب * أبو مازن لـ«الشرق الأوسط»: 3 خيارات إذا جمدت عملية السلام * الأسد لـ«الشرق الأوسط»: الجميع مع المصالحة وإصلاح الوضع العربي * السعودية تتبرع بمليار دولار لإعمار غزة

قمة مصغرة ترأسها خادم الحرمين الشريفين، وشارك فيها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، والرئيسان، المصري حسني مبارك، والسوري بشار الأسد، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مهدت لإعلان المصالحة (رويترز)
TT

وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس العمل العربي المشترك على أعتاب مرحلة جديدة تمهد لإعادة التضامن ووحدة الصف وإعادة الهيبة بعد فترة طويلة من الخلاف والشقاق، وذلك بإعلانه الذي سيطر على الأجواء داخل قمة الكويت وخارجها عن تجاوز مرحلة الخلاف العربي ـ العربي.

وحققت قمة الكويت في يومها الأول اختراقا في ملف المصالحة العربية ـ العربية بعد قمة خاصة في مقر إقامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الكويت، شارك فيها الرئيس المصري محمد حسني مبارك وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والرئيس السوري بشار الأسد، وأمير البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وكانت مصادر بقمة الكويت قد اكدت لـ«الشرق الأوسط» أن خادم الحرمين دعا لغداء عمل يضم قادة الدول الست، مشددة على ان هذا اللقاء سوف ينعكس ايجابيا على كل القضايا الخلافية في العالم العربي، خاصة الموضوع الفلسطيني ومعالجة تداعيات الحرب على غزة. وكشف مصدر عربي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» بعض تفاصيل القمة الخاصة، موضحا أنها تمت إثر دعوة قدمها خادم الحرمين للزعماء الستة لزيارته وتناول طعام الغداء معا. وحول ما دار في أجواء القمة السداسية، قال المصدر «الملك عبد الله قال للمجتمعين إن الماضي انتهى بالنسبة إليه، وطالب بمصارحته بأي أمر لديهم يشكل عقبة في المصالحة». وأضاف المصدر أن الملك عبد الله عبر عن ثقته بفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية ـ العربية. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله قد اعلن خلال جلسة افتتاح القمة «تجاوز مرحلة الخلاف» بين العرب، وقال «اسمحوا لي أن أعلن باسمنا جميعا أننا تجاوزنا مرحلة الخلاف وفتحنا باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب بدون استثناء أو تحفظ وأننا سنواجه المستقبل، نابذين خلافاتنا صفا واحدا كالبنيان المرصوص». وأوضح الملك عبد الله في كلمته «ان خلافاتنا السياسية ادت الى فرقتنا وانقسامنا وشتات امرنا وكانت هذه الخلافات وما زالت عونا للعدو الاسرائيلي الغادر ولكل من يريد شق الصف العربي لتحقيق اهدافه الاقليمية على حساب وحدتنا.. إننا قادة الأمة العربية مسؤولون جميعا عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا وعن الضعف الذي هدد تضامننا، أقول هذا ولا أستثني أحدا منا، لقد مضى الذي مضى واليوم أناشدكم بالله جل جلاله ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة.. أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا وأن نسمو على خلافاتنا». كما انتقد خادم الحرمين الخلافات الفلسطينية وأدان بشدة اسرائيل وعدوانها على غزة، قائلا إن المبادرة العربية ليست مطروحة للأبد. كما أعلن خادم الحرمين الشريفين عن تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار غزة، مشددا على أن «قطرة واحدة من الدم الفلسطيني أغلى من كنوز الأرض وما احتوت عليه». وهيمن موضوعا غزة والمبادرة العربية على الجلسة الافتتاحية لقمة الكويت. وأكد أمير الكويت في كلمة افتتح بها القمة ان «المبادرة العربية للسلام التي اعتمدت وتكرر التأكيد عليها في عدة مؤتمرات قمة، تمثل الأساس لموقفنا العربي الواضح والصريح». وطالب الشيخ صباح الأحمد بـ«خطوات عملية لتثبيت وقف اطلاق النار» في غزة وللتوصل الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على اساس «الحقوق المشروعة» للشعب الفلسطيني. كما اعلن تبرع الكويت بـ34 مليون دولار لوكالة الاونروا لغوث اللاجئين الفلسطينيين. من جهته، جدد الرئيس المصري حسني مبارك التأكيد على التمسك بالمبادرة العربية للسلام. كما اعتبر مبارك ان «مأساة غزة» استغلت من اجل اختراق العالم العربي. وقال الرئيس المصري في كلمته أمس «من المؤسف أن نسمح باستغلال مأساة غزة لاختراق عالمنا العربي بقوى من خارجه تتطلع للهيمنة وبسط النفوذ وتتاجر بأرواح الفلسطينيين ودمائهم». وأكد الرئيس المصري من جهة اخرى ان بلاده ستواصل سعيها للمصالحة بين الفلسطينيين ومن اجل رأب الانقسام العربي.

واضاف ان «العلاقات العربية ـ العربية ليست في احسن احوالها.. لا مجال في هذه العلاقات للالتواء والتطاول، ولا مجال للتخوين وسوء القول والفعل والتصرف وكأننا نعود بعالمنا العربي الى الوراء». وتابع انه «من المؤسف أن يعمل البعض على تقسيم العرب الى دول اعتدال ودول ممانعة»، متسائلا «هل هي عودة الى جبهة الرفض خلال سبعينات القرن الماضي». في المقابل، دعا الرئيس السوري بشار الأسد الى تقديم «دعمنا الصريح غير الملتبس للمقاومة الفلسطينية ورفض كل ما من شأنه التشكيك في وطنيتها وشرعيتها او إضعافها». ودعا الأسد الى الدعم المعنوي والسياسي لغزة وللتأكيد على «حقها في مقاومتها الثابتة بالرد على العدوان». كما اقترح على القمة أن «تتبنى رسميا وصف الكيان الصهيوني بالكيان الإرهابي»، خصوصا بعد الحرب في غزة. وعقب الجلسة الأولى لافتتاح القمة العربية، قال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إن كل جهود المصالحة العربية تتم بنجاح، متسائلا: وهل منا من لا يريد ان يتصالح مع أخيه؟»، وأشاد أمير الكويت باستعداد كل الدول العربية لتحسين العلاقات العربية ـ العربية لخدمة المصالح العربية.

من ناحيته، قال الأسد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: إن الجميع مع المصالحة العربية ومع إصلاح الوضع العربي. الى ذلك قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: إن هناك 3 خيارات إذا ما جمدت عملية السلام من بينها ان تجمع الدول العربية على أن المتاح هو مبادرة السلام العربية التي ما زالت حية، ويجب علينا أن نقدمها للعالم، وأن نقنعه بها.