الدوائر الإسرائيلية تبحث ما إذا كانت هناك انعطافة في الموقف التركي

تل أبيب تعتبرها ثاني أهم علاقة بعد واشنطن

TT

بدأت العلاقات المميزة بين إسرائيل وتركيا، تتعرض لتساؤلات جدية في تل أبيب حول جدواها، بعد أن بدأ رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان يأخذ موقفا متشددا من وجهة نظر الإسرائيليين. وتجري وزارة الخارجية الإسرائيلية من جهة، وجهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية «الموساد» من جهة ثانية، الدراسات حول سر ما سموه «الانفلات» التركي. وفي الوقت نفسه، سمحت مصادر سياسية لنفسها بالسؤال: «لماذا يسكت الجيش التركي حتى الآن على حكومة أردوغان؟» ويدور البحث الإسرائيلي حول ماهية هذا الموقف التركي، فهل هو جزء من الجهد الذي يبذله أردوغان لتحسين وضع حزبه في الانتخابات البلدية القريبة؟. أم إنه موقف سياسي ينطوي على انعطاف في سياسة حكومته تجاه إسرائيل؟. وإن كان الأمر كذلك، فهل يعقل أن يستخف أحد بتبعات التدهور في العلاقات الإسرائيلية التركية؟ هل يتنازل عن هذه العلاقات ولأي هدف؟ وقد دعي إلى البحث عدد من الخبراء في تاريخ العلاقات بينهما. المعروف أن العلاقات الإسرائيلية التركية، كما ينظر إليها الإسرائيليون، تعتبر مميزة جدا، وتضعها إسرائيل في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، بعد العلاقات مع الولايات المتحدة. والسبب في ذلك يعود إلى التاريخ، وكذلك إلى الحاضر، ويعود إلى تشعب المصالح الاستراتيجية المشتركة بينهما، لدرجة أن من الصعب أن تجد من يتخيل أن تؤدي الأزمة الناجمة عن العدوان على غزة إلى تفجير العلاقات بينهما.

ويشيد الإسرائيليون بتركيا منذ العهد العثماني، حيث عاش اليهود في ظله آمنين. ويذكر اليهود لتركيا استقبالها الرحب لليهود سنة 1492، عندما طردوا هم والعرب من الأندلس. وقد بلغ عدد اليهود سنة 1900 حوالي 300 ألف يهودي، تميزوا بالعمل في مجالات الصحة والاقتصاد والثقافة. وواصل الأتراك احتضان اليهود حتى في ظل الحرب العالمية الثانية، عندما هربوا من براثن النازية. وفي سنة 1949، كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل وتقيم علاقات دبلوماسية معها. وتطورت العلاقات بين الدولتين، خاصة في المجال الاقتصادي والتجاري. وفي التسعينات، بدأت العلاقات تتعمق في المجال العسكري والأمني. وعندما فاز التيار الإسلامي بالحكم، خشي الإسرائيليون من التراجع، ولكن ما حصل كان عكسيا. فقد تطورت هذه العلاقات باستمرار. واليوم تبلغ قيمة التبادل التجاري بين البلدين حوالي 3 مليارات دولار، لا تشمل الصادرات العسكرية. وتصدر تركيا لإسرائيل الفواكه المجففة والملابس والأقمشة ومواد البناء، بينما تصدر لها إسرائيل الكيماويات وأجهزة الاتصال وأجهزة الري الزراعي والأجهزة الطبية. وتعتبر تركيا واحدة من أهم المرافق السياحية للإسرائيليين، حيث يصل إليها نصف مليون سائح إسرائيلي في السنة. ولكن أهم مجالات التعاون بين البلدين اليوم هو الأمن والعسكرة. فإسرائيل تقوم بتحديث الأسلحة التركية القديمة، وتبيعها طائرات بلا طيار للتجسس وللقتال، وتبيعها أجهزة أمنية مختلفة. وتشترك تركيا وإسرائيل في مناورات عسكرية ثنائية في الجو، وفي مناورات مع الأسطول السادس الأميركي في البحر. وتفتح تركيا سماءها أمام طائرات سلاح الجو الإسرائيلي المتطورة، من طراز «أف – 16» للتدريب على خطتها القتالية. كما يوجد تعاون كبير في المجال السياسي. وخلال العدوان على غزة، ومهاجمة أردوغان إسرائيل على ما ارتكبته ضد السكان المدنيين، سمع رئيس إسرائيل شمعون بيرس يقول معاتبا: «عندما يريد أردوغان تحسين وضعه في الولايات المتحدة يتوجه لي وللمنظمات اليهودية الأميركية»، وذلك في إشارة إلى تجند المنظمات اليهودية لمنع الكونغرس الأمريكي من إدانة تركيا على ما يسمى بـ«مذبحة الأرمن»، التي وقعت بين 1915 و 1917، ويعتبرها الأرمن «محاولة إبادة شعب»، حيث قتل فيها 1.5 مليون أرمني، فيما يعتبرها الأتراك «ضحايا الحرب العالمية الأولى».