مسيحيو العراق يجدون في الانتخابات فرصة لترسيخ وجودهم التاريخي

توافدوا بكثافة على صناديق الاقتراع في الحمدانية وأكدوا: مشاركتنا تأكيد على تمسكنا بأرضنا

مسيحيون يقفون في طابور أمام مركز اقتراع في برطلة شرق الموصل أمس (أ.ب)
TT

قال ناخبون مسيحيون في قضاء الحمدانية، شرق الموصل، حيث المعقل التاريخي للمسيحيين في العراق، وهم ينتظرون في طابور للإدلاء بأصواتهم أمس، إنهم فعلوا ذلك ترسيخا لوجودهم ضمن النسيج السياسي والاجتماعي في هذا البلد. وتقول أمينة بولص مديرة مدرسة الوركاء في الحمدانية «شاركت اليوم لأوجه رسالة إلى القوى التي حاربت المسيحيين، من متطرفين وإرهابيين وسياسيين، بأننا عراقيون وجذورنا ضاربة في أعماق هذه الأرض، نحن أقدم من غيرنا بكثير».ويبلغ عدد سكان قضاء الحمدانية (بغديدا، باللغات القديمة) حوالي الخمسين ألفا. ويبعد مسافة أربعين كلم إلى الشرق من الموصل.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أدلى الناخبون من مختلف الأعمار بأصواتهم، وبعضهم يرتدي الزي الفولكلوري. وتضيف أمينة بولص «نشارك رغم الظلم الذي لحق بنا، لإثبات وجودنا، وإزالة الخوف من قلوبنا، فقد تعرضنا للتهجير والطرد، وتركنا أرضنا وأعمالنا». ورأت أن «هناك مشاركة واسعة في هذه الانتخابات، وتنوع قومي وديني، فتجد في مناطقنا عربا وأكراد وتركمان وشبكا وأيزيديين، كما أن هناك تنوعا في مهام القوات الأمنية لحماية المراكز الانتخابية، خلافا للأعوام الماضية».

من جهته، يقول سركون حنا «لم أشارك في انتخابات عام 2005 بسبب الإرهاب وعدم الثقة بالمستقبل، لكن اليوم حسمت أمري بغية إثبات وجودي، رغم تقصير البرلمان بحقنا وهضمه حقوقنا التي لا تتناسب مع وجودنا». ويضيف حنا (53 عاما) «لم أكن أنوي الإدلاء بصوتي، لكنني غيرت رأيي حينما تلقيت اتصالات من أقاربي وأصدقائي الذين ألحوا، فالهاتف الجوال عامل أساسي في إقناعي».

بدوره، يقول عماد سامي ججو إن «المسيحيين توجهوا بأعداد مذهلة، ليس فقط من باب التحسن الأمني، قدر ما هي صرخة لكل العالم أنهم يتمسكون بأرضهم. نحن مكوّن عراقي أصيل، ولعل أهم أسباب محاصرتنا وتهجيرنا هو رفضنا التقسيم ومبايعة المتطرفين». وتقول أمل متّى كوركيس، المهندسة النفطية، إن سكان بلدة الحمدانية، الذين يزيد عددهم عن 38 ألفا وغالبيتهم من الكلدان، انقسموا بين «قائمه عشتار للمجلس الكلداني ويقودها سركيس آغا جان، وقائمة الرافدين بقيادة النائب يونادم كنا». وتضيف «منحونا مقعدا واحدا (...) لقد أصبنا بالإحباط، فنحن نستحق بين أربعة إلى ستة مقاعد في المجلس، لأن معظم معالم وحضارة الموصل كلدانية وآشورية، لكننا جئنا من أجل إثبات وجودنا».

من جهته، يقول جمال دلو أحد قيادات الحركة الآشورية الديمقراطية إن «المسيحيين في بغديدا وقراها وبعشيقه وبرطلة وبحزاني وكلميش، ارتدوا ملابسهم التاريخية والعربية أيضا، نظرا لمجاورتهم للعرب وتأثرهم بهم». وتقول لبيدة دواد صليوا «نأمل بعد هذه الانتخابات أن تزول المخاوف، ونتوحد من جديد، ويعود المهجرون، ونستطيع دخول الموصل لزيارة أقاربنا وقبورنا وأحيائها التي حرمنا منها منذ أعوام، كما نأمل أن يعود التواصل مع أقاربنا في بغداد والبصرة». وتضيف «أتمنى عودة من اضطر لمغادر العراق، لأنه بلدنا، فنحن أصل العراق وأهله وحضارته العريقة، فالغرباء راحلون ونحن الباقون».