الكويت: الحكومة تعتمد حزمة قوانين لمواجهة تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد

ترفعها للبرلمان لاعتمادها الأسبوع المقبل

TT

اعتمد مجلس الوزراء الكويتي أمس، خطة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد المحلي، وتهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي في الدولة، تقدر تكلفتها الأولية بخمسة مليارات دينار كويتي (حوالي 17 مليار دولار أميركي)، تستخدم عبر صندوق حكومي، يعمل على توفير سيولة لشركات القطاع الخاص المتعثرة ماليا، من خلال استخدام أدوات مالية، بينها إصدار سندات مقابل رهن للأصول.

وبحسب بيان رسمي صادر أمس، عن مجلس الوزراء، فإن الحكومة ناقشت في جلسة خاصة «تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد، الذي يأتي استكمالا للإجراءات التي قام بها بنك الكويت المركزي لاحتواء الآثار والانعكاسات السلبية المحتملة للأزمة الاقتصادية العالمية على أوضاع الجهاز المصرفي والمالي والاقتصادي الوطني بصورة عامة وتجنب أي أزمات نظامية» وأعلن نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد الصباح، أن الحكومة بحثت في مشروعها لمعالجة الأزمة المالية التي يتعرض لها الاقتصاد المحلي من خلال «تحديد وتنظيم الضمانات التي يمكن أن تقدمها الدولة، ومعايير وتصنيف أوضاع الشركات وسبل معالجتها وفقا لضوابط وشروط، إلى جانب تضمين المشروع فصلا خاصا بالإجراءات القضائية والأحكام، التي تمكن بنك الكويت المركزي من توجيه الإجراءات نحو مساعدة القضاء في مواجهة هذه الظروف الاستثنائية، عبر تيسير إجراءات التقاضي واختصار أمده، بالإضافة إلى تنظيم إشراف بنك الكويت المركزي ومتابعته لتنفيذ الشركات خطط إعادة هيكلتها وضمان التزامها بالبرنامج الزمني المحدد لكل منها».

وحول ما يتوقع أن يكون تصعيدا بين الحكومة والبرلمان، وسط مطالبات نيابية بضرورة تحييد المال العام عن معالجة أوضاع الشركات الاستثمارية، بيّن الشيخ محمد أن «مشروع القانون احتوى ضمانات حماية المال العام والمحافظة عليه، وتقرير العقوبات الجزائية الرادعة لكل من يتعمد إخفاء الحقائق أو تضليل الجهات الرسمية أو التدليس في البيانات المقدمة من الشركات بهدف تحقيق الاستفادة لنفسه أو لغيره من أحكام هذا القانون على خلاف الحقيقة، كما تضمن المشروع كذلك عقوبة مغلظة على كل من يذيع أو يستغل لنفسه أو لغيره أي معلومات سرية تتعلق بالبيانات التي وصلت إليه وتتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون».

ويتطلب المشروع الحكومي، ليكون قابلا للنفاذ، الحصول على موافقة البرلمان، وسط تباين في صفوف النواب الذين يطالب عدد منهم الحكومة بعدم استخدام المال العام في مساعدة الشركات، إلى جانب ضرورة موافقتها على شراء مديونيات المواطنين، التي ترتبت من قروض استهلاكية وإسكانية، وإعادة جدولتها عليهم، لمواجهة الضغوط الشعبية التي يتعرضون لها جراء تغير معدلات الفائدة، ووجود أزمة مالية تعاني منها شركات القطاع الخاص والبنوك، تحتاج من جانبها إلى سيولة سيوفرها لها مقترحهم، وهو الأمر الذي تعارضه الحكومة بشدة.

وبحسب مصادر حدثتها «الشرق الأوسط» أمس، فإن «الحكومة ستطلب من البرلمان إعطاء خطة الإنقاذ الاقتصادي صفة الأولية، وستعمل على تمريرها عبر اللجنة المالية في البرلمان، الأحد المقبل، على أن تعرض على النواب للمداولة في جلسة الثلاثاء المقبل، المقررة لمناقشة الحالة المالية للدولة».

وترتكز خطة العمل الحكومية على مجموعة تشريعات من شأنها، بحسب المصادر، أن «تعمل على توفير سيولة للشركات المتعثرة ماليا، مع منح صلاحيات واسعة للبنك المركزي في مراقبة إجراءات وآليات عمل الشركات، خاصة في جزئيتي الرهونات وتقييم الأصول، والملائمة المالية».

وعلى الصعيد ذاته، أعلن رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي في البرلمان النائب عدنان عبد الصمد، أن «الموازنة العامة للدولة للسنة المالية (2009/2010) تواجه عجزا تقديريا يبلغ نحو 5 مليارات دينار (حوالي مليار 17 مليار دولار أمريكي) بسبب زيادة المصروفات عن الإيرادات».

وأضاف في تصريح له عقب حضوره اجتماع اللجنة أول من أمس، أن «الإيرادات الإجمالية المقدرة للسنة المالية المعنية بلغت نحو 7.8 مليارات دينار كويتي (حوالي 26.5 مليار دولار أمريكي) في حين قدرت المصروفات بنحو 12.05 مليار دينار (حوالي 40.9 مليار دولار) ما يعني مواجهتنا عجزا تبلغ قيمته نحو خمسة مليارات دينار (حوالي 17 مليار دولار أميركي)، بعد استقطاع 10 في المائة من مجمل الإيرادات وتحويلها لصندوق احتياطي الأجيال القادمة».

وبحسب بيان النائب عبد الصمد، فإن «الإيرادات النفطية في الميزانية تم تقديرها على أساس معدل إنتاج قدره 2.2 مليون برميل يوميا، وبمعدل سعر للبرميل يبلغ 35 دولارا أمريكيا، وهو سعر أولي قابل للتعديل، حيث بلغت تقديرات تلك الإيرادات نحو 6.7 مليارات دينار (حوالي 22.3 مليار دولار) في حين قدرت الإيرادات غير النفطية بنحو 1.1 مليار دينار (حوالي 3.7 مليارات دولار)».

وتم تخفيض ثلاثة أبواب من الميزانية الكويتية، وهي الباب الثاني المتعلق بالمستلزمات السلعية، والباب الرابع المتعلق بالمشاريع الإنشائية، والباب الخامس المرتبط بالمصروفات المختلفة، وجاءت نسبة التخفيض الأكبر في بند عدم سداد القسط الثاني للعجز الإكتواري للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وقيمته 5.4 مليارات دينار (حوالي 18.3 مليار دولار)، إضافة إلى خصم 1.2 مليار دينار (حوالي 4.1 مليارات دولار) كاعتمادات تكميلية من الموازنة المقبلة، بعد أن كانت مدرجة في الموازنة الحالية».

وبين رئيس لجنة الميزانيات في البرلمان الكويتي النائب عدنان عبد الصمد، أن لجنته «أوضحت لوزير المالية مصطفى الشمالي خلال الاجتماع أن الموعد القانوني والدستوري لتقديم الموازنة العامة للدولة انقضى نهاية الشهر الماضي، لكن الوزير أكد للجنة إحالة الحكومة الميزانية للبرلمان نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير».

وعلى الأرض، ألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها على الشركات الكويتية، إذ أعلن بيت الاستثمار العالمي (غلوبل) ودار الاستثمار، وهما من أكبر شركات الاستثمار في الكويت، لجوءهما إلى الاستغناء عن خدمات موظفين، وإجراءهما عمليات تخفيض أجور لعدد من العاملين فيهما بداعي التباطؤ العالمي، كما جاء في تقرير ل«رويترز». وقالت (غلوبل) منتصف الأسبوع إنها استغنت عن خدمات 40 موظفا أمس، وأجرت عمليات خفض لرواتب موظفيها الذين يزيد عددهم على 600 موظف، بنسب تصل إلى 20 في المائة، وهو الأمر الذي سلكته أيضا دار الاستثمار (شركة استثمار إسلامي)، وتملك نصف شركة صناعة السيارات البريطانية «آستون مارتن»، إلى جانب تخليها عن دعم صحيفة الصوت المحلية، التي كانت من أكبر مموليها منذ صدورها في أكتوبر الماضي، ما اضطر الصحيفة إلى الإغلاق منتصف الأسبوع.