35 عاما فوارق الأعمار في قائمة المطلوبين الـ 85 في السعودية

بعض من شملتهم القائمة كانوا في سن 12 عاما عندما وقعت أحداث سبتمبر

TT

عبد الإله الجبيري الشهري، دلف للتو إلى ربيعه السابع عشر، وحسين عبده محمد، دخل خريفه الثاني والخمسين.

ما الذي يجمع بينهما؟

الاثنان على قائمة مطلوبين أمنيين أعلنت قبل أيام من قبل السلطات السعودية التي طلبت من الإنتربول الدولي ملاحقتهم أينما كانوا.

خمس وثلاثون سنة تفصل بين ميلاد عبد الإله وميلاد حسين.

خمس وثلاثون سنة تفصل بين جيلين وليس جيلا واحدا فقط، فما الذي جمع بين الصبي الغض والكهل المجرب في قائمة واحدة؟

كان لافتا في القائمة التي أعلنت عنها السلطات الأمنية السعودية قبل بضعة أيام وضمت 85 شخصا مطلوبين بتهمة الانخراط في أنشطة إرهابية، تباين الأعمار والمناطق والسحنات والوجهات، كانوا من وسط وجنوب وغرب وشرق وشمال السعودية، وتوزعت جهات إقامتهم ونشاطهم الحالي، حسب المعلومات، ما بين إيران واليمن وشريط الفوضى والخراب بين أفغانستان وباكستان.. وطبعا أراضي العراق المغرية للفتية الذين يريدون شراء الموت ويحرصون عليه كما يحرص «الجبناء» على الموت، حسب شعارات التحريض الرومانسية.

في التفاصيل، نقرأ في القائمة الأخيرة معدلات أعمار منخفضة جدا، يأتي في مقدمهم الصبي عبد الإله مصطفى الجبيري الشهري، الذي اصطحبه عمه يوسف الجبيري الشهري (24 عاما) معه إلى اليمن، حيث أعلن من هناك أربعة من المدرجين على هذه القائمة، ومنهم أمير التنظيم، اليمني ناصر الوحيشي، عن ولادة، أو إعادة ولادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

في القائمة، نرى أشخاصا مثل بهيج البهيجي أو رائد عبد الله سالم الظاهري الحربي يبلغون 20 عاما وأشخاصا مثل إبراهيم المضيان ونايف محمد سعيد الكودري القحطاني، وريان محمد حميدي الزايدي، وحمد حسين ناصر الحسين يسبحون في بحر الحادية والعشرين، حسب سنة ميلادهم، وتتصاعد الأعمار بعد ذلك من سن الثانية والعشرين مثل صالح الحبيلين وحسن إبراهيم حمد الشبعان وعبد الله عبد الرحمن عبد الله المرشد وفهد محمد علي الجعيثن، إلى سن الثالثة والعشرين مثل عبد الله حسن طالع عسيري، لنصل إلى اخطر شخص في القائمة وهو صالح القرعاوي الذي يتولى قيادة التنظيم من الأراضي الإيرانية ويشرف على بناء الخلايا الإرهابية في أكثر من مكان، وهو يسبح في بحر السادسة والعشرين.

في القائمة أشخاص تصل أعمارهم إلى نهاية ومنتصف وبداية الثلاثينات، فلدينا تركي مشعوي زايد آل جبلي عسيري، واحمد عبد الله صالح الخزمري الزهراني وكلاهما 31 عاما، وجابر جبران علي الفيفي (34 عاما)، وخالد ابراهيم احمد السنبل العسيري (37 عاما)، وبدر سعود عويد العوفي الحربي (38 عاما)، وعبد الله عبد الرحمن محمد البهيمه الحربي (39 عاما).

أن تتراوح الأعمار بين 25 إلى 35 سنة، فهذا قد يكون مفهوما باعتبار أن ابن الخامسة والعشرين أثناء حدوث تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 التي فتحت أعين العالم كله على مشكلة الإرهاب الديني، والمعركة مع فكر الجهادية السلفية، ابن الخامسة والعشرين كان في بحر السابعة عشرة، أي أنه كان للتو يدخل عالم الشباب واثبات الذات، فطبيعي أن يكون تلقيه لحدث 11 سبتمبر، تلقيا حماسيا دينيا ينظر للموضوع من زاوية فسطاط الحق والباطل والحروب الصليبية إلى آخر مفردات خطاب «القاعدة»، ويكون قد نشأ على هذا الفهم والتصور منذ تلك السن، وينطبق الأمر بشكل ارسخ وأعمق كلما زدنا في العمر من الثامنة عشرة إلى العشرين وبدايتها...

لكن كيف نفهم حكاية من كان عمره أثناء أحداث 11 سبتمبر، 12 عاما فقط، وهذا تقريبا طفل، مثلما هو سن بهيج البهيجي (المطلوب رقم 33 على القائمة) ورائد الحربي (المطلوب رقم 35) حيث يبلغ كل منهما الآن 20 عاما، حسب تواريخ ميلادهم، ما يعني أنهم كانوا أطفالا أثناء تفجيرات 11 سبتمبر.

كيف لم يتأثر هؤلاء الأطفال أثناء ذروة الحرب الإعلامية والعسكرية على الإرهاب، بالحملات الضخمة في السعودية على «القاعدة» وفكرها؟ وكيف تلقى هؤلاء ثقافتهم القاعدية خلال السنوات الخمس الماضية.

هل يعني هذا أن هناك جيلا صغيرا ينشأ، وسينشأ، من جنود «القاعدة»، لا تؤثر به الحملات الإعلامية والرسمية، وحملات المناصحة، وكيف يتلقون ثقافة الإرهاب والأصولية العسكرية؟ أين؟ وممن؟

الجديد في معدلات الأعمار الإرهابية السعودية هو في دخول «أطفال 11 سبتمبر» عليها، ربما هذا هو الملمح الأخطر والأهم في هذه القائمة.

أما أبناء العقد الثالث أو ما قبل الثالث بقليل، مثل الشهري والعوفي معاوني اليمني ناصر الوحيشي، وهم في بحر الثلاثين، فهؤلاء شريحة عمرية مناسبة لـ«القاعدة» وقد تكون هي الآن الجيل الأول في قادة «القاعدة» الجدد.

يبقى التساؤل الأغرب هو في دخول شخص خمسيني ولا يبدو عليه الانسجام، على الأقل في الصورة المنشورة له، مع هذه القائمة الشبابية المتفجرة؟

المقصود بهذا التساؤل هو حسين محمد عبده، المكي ابن الثانية والخمسين، الذي ذكر أن سبب وضعه على القائمة هو انه هرب من السلطات الأمنية بعد تورط احد مكفوليه من العمالة الصومالية في قضايا أمنية، فهل دخول «العم حسين» هو مجرد حذر مبالغ فيه من حسين، أم انه متورط بما هو أكثر من الهلع من رجال الأمن؟