جهود «الدبلوماسية الناعمة» الغربية مع طهران تضعف

بريطانيا تغلق مكتب «المجلس الثقافي» في إيران بسبب «مضايقات»

إيرانية تمشي أمام صورة لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني وسط طهران أمس (أ ف ب)
TT

تراجعت«الدبلوماسية الناعمة?» في دفع العلاقات الإيرانية مع الغرب مجددا مع إعلان بريطانيا إغلاق مكتب «المجلس الثقافي» في طهران بسبب «مضايقات» السلطات الإيرانية للعاملين فيه. ويأتي إغلاق المكتب الثقافي الذي عمل في طهران منذ عام 2001، ويعتبر من المراكز الغربية الفريدة الذي يعمل في إيران منذ ثورة عام 1979، ليضعف فرص التواصل مع الشعب الإيراني الذي تسعى إليه عواصم غربية. وأعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد مليباند عن «عميق الأسف» بسبب إغلاق المركز، الذي يأتي وسط توتر العلاقات بين البلدين، وقال إن السبب في ذلك هو «الضغط غير المقبول الذي يتعرض له موظفو المركز من الحكومة الإيرانية». وقال مليباند في بيان: «أعلن المركز الثقافي البريطاني أنه أجبر على تعليق عملياته في إيران بسبب ضغوط غير مقبولة من السلطات الإيرانية على موظفيه». وأضاف: «إنه أمر يدعو للأسف الشديد أن يرفض بلد له ثقافة كثقافة إيران محاولات كسر الحواجز وبناء حوار ثقافي». وتابع أن «الشعب الإيراني لا يريد أن يكون معزولا عن العالم. لذلك فإنني آمل أن تمكن الحكومة الإيرانية المركز الثقافي من مواصلة أعماله المعتادة في أسرع وقت ممكن».

وأعربت السفارة البريطانية في طهران عن أملها في إعادة فتح المجلس قريبا، إلا أن ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن إيران لم ترد بعد على طلب بريطاني لبحث العلاقات الثقافية والأعمال الثقافية للطرفين في البلدين المضيفتان. وقال مارتن دافيدسون المدير التنفيذي للمجلس الثقافي البريطاني إن «الإبقاء على حوار مفتوح وبناء بين الدول هو أمر مهم للغاية في الأوقات الصعبة»، معربا عن أمله في استئناف عمل المجلس سريعا. من جهته، نصح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القوى الكبرى أن «تتعلم كيف تخاطب الشعوب الأخرى باحترام» لتلقى آذانا صاغية، على ما أوردت وكالة «فارس» أمس. وقال مخاطبا هذه القوى «تعلموا كيف تخاطبون باحترام الشعوب الأخرى، حتى يصغي إليكم الشعب الإيراني المسالم والمثقف». والشهر الماضي حذرت إيران مكتب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في طهران من مغبة المشاركة في تلفزيون الهيئة الناطق باللغة الفارسية الذي أطلق حديثا والمحظور في إيران.

وعلى الرغم من أن المجلس الثقافي البريطاني هو رسميا مؤسسة غير ربحية، إلا أنه يتلقى جزءا كبيرا من تمويله من وزارة الخارجية البريطانية. وشددت ناطقة باسم الخارجية البريطانية أمس، على «استقلالية المجلس الكاملة» عن الحكومة البريطانية، مضيفة أن استهداف المجلس يضر بعلاقات ثقافية وليست سياسية. وفتح المجلس الثقافي البريطاني، الذي يسعى إلى نشر العلاقات الثقافية والتعليمية، أول مكتب له في إيران عام 1942 إلا أنه أغلق في عام 1979 عقب الثورة الإسلامية. وأعيد فتحه عام 2001 بناء على طلب السلطات الإيرانية. شارك أكثر من 10 آلاف إيراني في برامج المجلس في طهران خلال العامين الماضيين، طبقا لأرقام قدمتها وزارة الخارجية البريطانية إلى البرلمان الشهر الماضي.

وأفاد المجلس في بيان أمس، أنه «بأسى عميق علق المجلس البريطاني عملياته في طهران بعد 8 سنوات من بناء الصلات الثقافية والتعليمية بين شعبي المملكة المتحدة وإيران». وكان المجلس قد نظم أول إنتاج مسرحي غربي وأول معرض غربي للنحت في إيران منذ أكثر من 25 عاما.

وقال موظف إيراني في المجلس الثقافي البريطاني في طهران أمس، إن طاقم العاملين الإيرانيين في المجلس تعرض لضغوط من حكومة طهران لتقديم استقالته. وقال المجلس، وهو الذراع الثقافي للحكومة البريطانية، أمس إنه علق عمله في طهران منذ 31 يناير (كانون الثاني) الماضي بسبب تعرض العاملين المحليين فيه لـ«المضايقات». وقال ديفيدسون الرئيس التنفيذي للمجلس الثقافي البريطاني، إنه تم استدعاء غالبية الموظفين الإيرانيين في المجلس وعددهم 16 شخصا إلى مكتب الرئيس الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) حيث تلقوا أوامر بتقديم استقالتهم. وأكد موظف إيراني سابق، طلب عدم ذكر اسمه، ممارسة ضغط على طاقم العمل من الإيرانيين. وقال المصدر لـ«رويترز»: «كنا مراقبين دائما ونتعرض لضغط من الحكومة. منعتنا السلطات الإيرانية كثيرا من أن نغادر البلاد عن طريق سحب جوازات سفرنا من دون إبداء أي سبب». وأضاف: «منعتني الشرطة الإيرانية في أيام كثيرة من دخول المجلس. واستسلمت في نهاية الأمر وقدمت استقالتي».

وقالت إيران إنها لم توقع أي عقد مع بريطانيا حتى يسمح للمجلس بالعمل في طهران. وقالت السفارة الإيرانية في لندن في بيان «كل هذه الأنشطة غير قانونية». إلا أن الخارجية البريطانية أكدت أمس، أن المجلس الثقافي البريطاني يعمل في إيران «بطريقة قانونية بحتة وطبقا للقوانين الدولية». وعما إذا كانت لندن قد ترد بمنع النشاطات الثقافية الإيرانية في لندن، قالت الناطقة باسم الخارجية البريطانية: «نحن لا نعمل بهذه الطريقة، ولن نفعل ذلك». ويذكر أن الإعلان عن إغلاق المجلس يأتي بعد يوم من منع فريق رياضي أميركي من دخول إيران، بعد أن قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تنظر إلى مشاركة الفريق الأميركي بدورة إيرانية على أنه تواصل مهم بين الشعبين. وبعد أن قالت إيران إنها ردت فريق نسائي للعب رياضة الريشة، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية روبرت وود: «هذه ليست إشارة جيدة. تعرفون كما قالت وزيرة (الخارجية هيلاري كلينتون) وآخرون، إنه عندما يرخي الإيرانيون قبضتهم، فستكون هناك يد تنتظر الترحيب بهم». وأضاف وود عن قرار إيران عدم التعامل مع طلب تأشيرات دخول الرياضيات الأميركيات «ولذا فهو مؤسف».