قاضيان بريطانيان يتهمان واشنطن بحجب أدلة في قضية معتقل بغوانتانامو

بنيام محمد يزعم أنه تعرض للتعذيب في سجون سرية خارج كوبا

TT

أصدر قاضيان بالمحكمة العليا البريطانية حكما يقضي بعدم نشر الوثائق التي تتناول المعاملة التي تلقاها معتقل بريطاني في غوانتانامو، إلا أنهما أعلنا عن استيائهما من ذلك، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة هددت بتعليق تعاونها الاستخباراتي مع بريطانيا إذا تم الكشف عن تلك المعلومات.

وكتب القاضيان جون توماس، ودافيد لويد «لم نفكر في أن تتوقع ديمقراطية تحكمها سيادة القانون أن محكمة في (دولة) ديمقراطية أخرى ستحظر نشر دليل يتعلق بادعاءات بوقوع تعذيب ومعاملة قاسية لا إنسانية مهينة، على الرغم من أن ذلك مخجل من الناحية السياسية». وقرر القاضيان عدم نشر المعلومات التي أعطاها مسؤولون أميركيون إلى المحكمة، والمتعلقة بطريقة التعامل مع بنيام محمد (31 عاما)، وهو مواطن بريطاني من أصول إثيوبية اعتقل في باكستان عام 2002. وتسبب القرار في موجة من الغضب داخل واشنطن بين أعضاء البرلمان ومنظمات حقوق الإنسان. وتحدث دافيد دافيس القيادي البارز بحزب المحافظين، أمام مجلس العموم البريطاني «يتعين على الحكومة أن تقدم لنا تفسيرا دقيقا لما يجري». وأضاف دافيس أن الحكومة الأميركية على ما يبدو قد «هددت» نظيرتها البريطانية من تبعات نشر تفاصيل القضية علانية. وشدد «بصراحة، لا علاقة لهم بما يحدث داخل محاكمنا». وتابع دافيس «ويدل الحكم ضمنا على أنه تمت ممارسة التعذيب في حالة محمد، بالإضافة إلى احتمالية تورط بعض الجهات البريطانية، كما أن الولايات المتحدة قد هددت المحكمة العليا بأنها إذا سمحت بنشر هذه المعلومات، فإن الحكومة الأميركية ستسحب تعاونها الاستخباراتي مع المملكة المتحدة».

من جهته قال المحامي الأميركي زاخاري كاتزنيلسون، محامي منظمة «ريبريف» البريطانية التي تتولى الدفاع عن بنيام محمد «إن أدلة التعذيب السرية لا تهدد الأمن القومي البريطاني أو الأميركي». وطالب بالإفراج عنها «لأنها في مصلحة موكله». وفي البداية، اتهم محمد بالتخطيط للقيام بهجوم باستخدام «قنبلة قذرة» داخل الولايات المتحدة. ثم تم إسقاط تلك التهم بعد ذلك، ومع ذلك بقي محمد رهن الاعتقال بمعتقل غوانتانامو منذ سبتمبر (أيلول) 2004، بعد مزاعم بأنه اعترف بالعمل لصالح تنظيم القاعدة. ويقول محمد إن الأدلة ضده تعتمد على اعترافات انتزعها منه المسؤولون الأميركيون وحلفاؤهم باستخدام التعذيب في «سجون سرية» بالمغرب، وأفغانستان، وانتهاءً بغوانتانامو. وصدر حكم يوم أول من أمس بعد معركة قانونية طويلة شنها محامو محمد، الذين أكدوا بدورهم أنه لم يرتكب أي جريمة، وأنه ضحية للتعذيب، والتسليم لجهات أخرى على يد مسؤولين أميركيين، بتعاون بريطاني. جدير بالذكر، أن المحامين لدى عدد من المنظمات والمؤسسات الإخبارية البريطانية والأميركية، طلبوا من المحكمة الكشف عن المعلومات التي حصلت عليها بشأن المعاملة التي تلقاها محمد، التي نقحت في حكم قضائي الصيف الماضي. وفي يوم الأربعاء، رفض القاضيان طلب الكشف عن الوثائق، موضحين أن الولايات المتحدة استمرت في التهديد بمعاقبة بريطانيا بسحب تعاونها الاستخباراتي معها، إذا ما كشفت المحكمة عن تفاصيل المعاملة التي تلقاها محمد. ويقول محمد (30 سنة) إنه تعرض للتعذيب على أيدي عملاء أميركيين في باكستان والمغرب وأفغانستان، فيما بين 2002 و2004، وأن بريطانيا متواطئة في التعذيب عمليا. وصرح كلايف ستافورد سميث، محامي محمد، أنه بعدم الكشف عن تلك الأدلة، فإن بريطانيا تعد مذنبة «بالإذعان إلى الابتزاز».

يذكر أن بنيام محمد، إثيوبي الأصل، اعتقل في باكستان عام 2002 وكان معتقلا لدى السلطات الأميركية في غوانتانامو منذ سبتمبر من عام 2004، ويدعي أن الأدلة ضده جاءت على أساس اعترافات انتزعت منه تحت وطأة التعذيب وسوء المعاملة، الأمر الذي نفته السلطات الأميركية. وأردف «إنها ليست أفضل ساعة، وكما قال القاضيان، إنه وقت أوباما كي يؤكد ما يعتقد فيه، إذ يجب عليه التبرؤ من السياسات المعيبة لسلفه». وأفاد مسؤولون بمكتب رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، بأنهم لا يعبؤون بأي تهديد من قبل إدارة أوباما بشأن سحب التعاون. وصرح الناطق باسم براون للصحافيين «نحن لم نتعامل مع الإدارة الجديدة بشأن تفاصيل هذه القضية». وأول من أمس، أرسل اتحاد الحريات المدنية الأميركي خطابا لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون، يحثها فيه على توضيح موقف إدارة أوباما من قضية محمد، ونبذ ما وصفوه بأنه سياسة إدارة بوش باستخدام مزاعم الأمن القومي الزائفة لتفادي المراجعة القضائية للبرامج المثيرة للجدل. وقال أنتوني روميرو رئيس الاتحاد «ما تكشف أخيرا يناقض تماما أوامر الرئيس أوباما التنفيذية بحظر التعذيب وإيقاف عمليات تسليم المعتقلين لجهات أخرى، فضلا عن أنه يتنافى مع تعهده باستعادة سيادة القانون».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»