أصوات الرعد تكشف صدمات نفسية لدى الأطفال.. خلفها القصف الإسرائيلي على غزة

طبيب نفسي لـ«الشرق الأوسط»: لأعراض تظهر على الصغار عندما يحدث شيء يذكرهم بتجارب رعب سابقة

TT

عبثاً حاولت رحاب تهدئة روع ابنتها أروى، 3 سنوات، التي انفجرت صارخة عندما دوى الليلة قبل الماضية هدير صوت الرعد المزمجر في منطقة بركة الإوز، غرب مخيم المغازي، وسط قطاع غزة. فبالنسبة لأروى كان هذا الصوت المدوي صوت طائرة إسرائيلية تقصف. وضعت الطفلة بعفوية تامة يديها على أذنيها وانفجرت باكية وهي ترتجف، وذهبت هباءً كل محاولات أمها لإقناعها بأنه لا يوجد طائرات في السماء. وقالت رحاب لـ «الشرق الأوسط» إنها قامت بوضع أروى في غرفة النوم، وأحكمت إغلاق الباب على أمل أن تقلص من حجم صوت الرعد الذي ظل يزمجر طوال الليل، إلى أن غفت الطفلة في النهاية. ما حدث مع أروى، حدث مع ابن عمتها زياد الذي يقاربها في العمر، الذي يقطن إلى الشرق من بيتها. فقد أصيب زياد بحالة من الذعر الشديد دفعته للانفجار باكياً عندما سمع صوت الرعد، الأمر الذي جعل والده يحتضنه إلى أن خلد للنوم في ساعة متأخرة. ويمكن الافتراض أن ما أصاب أروى وزياد من رعب وهلع، أصاب الكثير من الأطفال في قطاع غزة الذين عاشوا على مدى 22 يوما من العدوان الإسرائيلي، أياما وليالي في ظل رعب وشعور بخوف شديد ومتواصل ناجم عن عمليات القصف المدوي سواء منها الجوي أو البحري أو البري، وإن كان أكثر ما أثر على الأطفال هو عمليات القصف بطائرات الإف 15 التي كانت في كثير من الأحيان تتم بإلقاء قنابل تزن الواحدة منها طناً من المتفجرات، الأمر الذي يؤدي إلى تحطيم زجاج نوافذ البيوت التي تقع في محيط دائرة قطرها كيلومتر، ناهيك عن الصوت الهائل الذي يصدر بعد ارتطام القنبلة بالهدف. وقال الدكتور حسن الخواجة مدير قسم الطوارئ والصدمات النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية إن ظهور أعراض الصدمة النفسية على الأطفال لدى سماعهم صوت الرعد هو أمر متوقع بسبب ما سماه بـ «الارتباط الشرطي» الناجم عن خبرته السابقة المتمثلة في تذكر عمليات القصف أثناء الحرب. وقال الخواجة لـ «الشرق الأوسط» إن أعراض الصدمة تظهر على الطفل عندما يحدث أي شيء يذكره بخبرات الرعب السابقة، مشيراً إلى أن الأطفال يعتقدون أن الصوت الناجم عن الرعد هو صوت الطائرة الإسرائيلية النفاثة التي كانت تقصف أثناء الحرب، وبالتالي يتولد لديه الخوف الناجم من إمكانية أن يدمر منزله على رأسه، أو على الأقل يتحطم زجاج نوافذه. وأشار الدكتور إلى عدد من الأعراض التي تظهر على الطفل عندما يعيش جو الصدمة، حيث يرتجف وتزيد دقات قلبه ويبكي، وتقل قدرته على التركيز، ويصعب عليه الخلود للنوم. وأوضح أن الكثير من الأطفال تظهر عليهم مظاهر الصدمة النفسية حتى من دون الارتباط الشرطي المتمثل بسماع صوت الرعد، منوهاً إلى أن من مظاهر هذه الصدمة التبول اللاإرادي وقضم الأظافر والخوف من الليل على اعتبار أنه مصدر الخوف والفزع، والأحلام الليلية المخيفة وآلام جسمية غير معروفة السبب، والبكاء والانطواء.

يذكر أن دراسة نفسية فلسطينية أكدت أن الحرب على غزة أدت إلى زيادة عدد الأطفال الذين يعانون من مظاهر الصدمة النفسية، بحيث أن حوالي 50% من الأطفال الفلسطينيين باتوا مصابين بصدمات نفسية من دون أن يعي ذووهم ذلك.