باكستان: الإسلاميون يقتلون البسمة في الشريط القبلي

الموسيقيون هربوا.. وكوميدي اعتزل الفن وانضم إلى جماعة «التبليغ والدعوة» خوفاً من المتشددين

صبي باكستاني ينظر إلى ملصق عن احد أفلام بوليوود (رويترز)
TT

حمل الفنان الكوميدي الباكستاني الامزيب مجاهد أخباراً سيئة لمعجبيه بعد أن أطلق متشددون إسلاميون كانوا قد اختطفوه في مدينة بيشاور الشهر الماضي سراحه.

وقال مجاهد واسمه الفني «جنان» في مؤتمر صحافي «سأعتزل الفن» دون أن يخوض في تفاصيل سواء بشأن الخطف أو الأسباب التي دعته إلى ترك المسرح. وكان أصدقاؤه وزملاؤه أقل حذراً. ويقولون إن أعضاء لجان أمنية أهلية إسلامية عقدوا العزم على فرض القيم بأسلوب طالبان في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي وهو إقليم مضطرب متاخم لأفغانستان كانوا اختطفوا مجاهد وهو من عرقية البشتون.

وأطلق الممثل المخضرم النحيل حليق الذقن، 38 عاماً، الذي شارك في مئات العروض المسرحية والمسرحيات التلفزيونية، لحيته من أجل حياته بعد ترك عالم الكوميديا. وقال مجاهد الذي أحجم عن الحديث عن التجربة التي غيرت حياته لـ«رويترز» إنه سينضم إلى جماعة التبليغ، وهي جماعة للدعوة ليعظ بالدين. وقال بوقار: «لقد أطعمني الله من قبل وسيواصل إطعامي الآن». وكان مجاهد محظوظاً. فغيره ممن خالفوا مبادئ فرق المتشددين الأخلاقية لم يحصلوا على فرصة ثانية.

ففي يناير (كانون الثاني) تم جر راقصة تدعى شابانا إلى الشارع وإطلاق الرصاص عليها بوسط بلدة مينجورا في سوات وهو واد على بعد نحو 130 كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة إسلام أباد، حيث يتمتع المتشددون بالفعل بسيطرة كاملة.

وحاول مسلحون قتل المغني سردار يوسفزاي وهو من البشتون في منطقة دير أثناء عودته إلى منزله بعد أن أحيا حفل زفاف في ديسمبر (كانون الأول)إلا أنه فرّ، لكن عازف الأرغن بفرقته أنور جول قتل وأصيب أربعة آخرون في الهجوم. وأصبح المناخ عدائياً في المنطقة بالنسبة لأي أحد يرتبط بصناعة الترفيه بعد أن وصلت الأحزاب الإسلامية إلى السلطة في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي على متن موجة من المشاعر المناهضة لأميركا بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان المجاورة في أواخر 2001. وحظرت الأحزاب الإسلامية الرافضة تشغيل الموسيقى في وسائل المواصلات العامة وعملت على تمزيق ملصقات الأفلام التي تظهر فيها نساء. وتمادى المتشددون أكثر. في البداية تم تفجير متاجر الموسيقى في المناطق القبلية مثل وزيرستان ثم انتشرت الهجمات في أنحاء الشمال الغربي حيث امتد المد الإسلامي خارجاً نحو المدن والبلدات. وفي يونيو (حزيران) الماضي تجول مقاتلون من طالبان مسلحون بالبنادق في بيشاور عاصمة الإقليم في شاحنات نصف نقل محذرين أصحاب متاجر الموسيقى بإغلاق متاجرهم وإلا سيواجهون العواقب.

وأثارت رؤيتهم قلقاً في أنحاء باكستان بعد ثلاثة أشهر من تولي حكومة مدنية السلطة وصدرت أوامر لقوات الأمن بشن عملية. ومنذ ذلك الحين أصبحت المناطق القبلية للإقليم الحدودي الشمالي الغربي وأحياؤه معاقل للمتشددين. وشن الجيش هجمات في مناطق قبلية مثل باجوار وموهمند. وفي حين يجري إحراز تقدم في بعض المناطق يتفاقم انعدام الأمن في مناطق أخرى. وبيشاور ليست استثناء. وأثارت هزيمة الأحزاب الإسلامية في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي بعد انتخابات أجريت منذ عام مضى الآمال بأن الشمال الغربي سيصبح مكاناً آمناً مجدداً للغناء والرقص وإضحاك الناس. لكن حزب البشتون العلماني الذي يرأس حكومة الإقليم الآن لم يستطع تحقيق شيء على الرغم من النوايا الطيبة. وقال سيد عقيل شاه الوزير الإقليمي للرياضة والثقافة إن على الجميع الوقوف في وجه المتشددين. وأضاف أنه من الخطأ بمكان افتراض أن الحكومة وحدها تستطيع التعامل مع هذا.. يجب على السكان بأسرهم والمجتمع المدني مواجهة هذه التهديدات. لكن الناس لا يريدون أن يقتلوا. وفر العديد من المطربين والموسيقيين بالفعل إلى الخارج ويعتزم آخرون اللحاق بهم. وقال مغنٍّ طلب عدم نشر اسمه خوفاً من أن ينتقم منه المتشددون: «أخشى ترك منزلي. حتى إذا خرجت تظل زوجتي تتصل بي لتطمئن عليّ. نحن خائفون للغاية. لهذا أخطط للذهاب إلى الخارج». ووجد آخرون أساليب أكثر أماناً لجني المال من أجل أسرهم. وقال موسيقي اتجه إلى بيع الفواكه والخضراوات لكسب قوته إن تسعين في المائة من الموسيقيين ماتوا. ووضع إلى جواره آلة الأرغن التي علاها التراب.