السويد تخير 4500 لاجىء نصفهم أكراد بين العودة إلى كردستان أو بغداد

عائد أبعدته بريطانيا لـ«الشرق الاوسط»: من سيعوض خسائري؟

TT

منذ منتصف العام الماضي والحكومة السويدية تدرس بجد ملف اللاجئين العراقيين الذين لم يفلحوا في نيل حق اللجوء لدى السويد، وذلك بهدف اعادتهم الى العراق. وقد عادت هذه القضية من جديد الى الصدارة بعد تأكيد استوكهولم قبل ايام اعتزامها اعادة اللاجئين العراقيين الى بلادهم بعد ان فشلوا في اقناع السلطات السويدية بمنحهم حق اللجوء السياسي او الانساني.

وتؤكد ممثلية حكومة اقليم كردستان لدى اوروبا بأن 4500 لاجىء عراقي يقيمون في السويد حاليا، بينهم 2000 شخص من مواطني اقليم كردستان الذين قصدوا السويد خلال السنوات القليلة الماضي، وان السلطات السويدية التي شددت مؤخرا من اجراءاتها للحد من تدفق اللاجئين الاجانب نحو اراضيها، خيرتهم بين العودة اما الى اقليم كردستان او الى بغداد. واغلبية هؤلاء اللاجئين العراقيين هم من الذين قصدوا السويد بعد عام 2005، وقد منحتهم السلطات السويدية حق الاقامة على اراضيها لأسباب انسانية، لكنها رفضت تمديد فترة اقامتهم بعد زوال اعذارهم من وجهة نظر استوكهولم. وكان السلطات البريطانية قد اعادت هي الأخرى العشرات من اللاجئين الكرد غير الشرعيين الى اقليم كردستان عنوة، وسط انباء تسربت من مصادر مطلعة اشارت الى وجود اتفاق مسبق بين لندن واربيل بهذا الصدد، وهو ما نفته الجهات المعنية في حكومة الاقليم التي قالت انها ترفض بشدة اسلوب اعادة اللاجئين الى الاقليم.

وفي اطار تعامل السلطات السويدية مع هذا الملف قررت منح كل لاجىء عراقي يعاد الى بلاده مبلغا قدره 3000 دولار لتمكينه من البدء بحياته من جديد، لكن المبلغ المذكور لا يساوي ربع ما صرفه كل واحد منهم في مشواره للوصول الى السويد او احدى الدول الاوروبية التي كانت بالنسبة لهؤلاء جنة الاحلام التي يبدو انها لن تتحق، كما يقول نهرو محمد عباس، 32 عاما، من سكنه بلدة كلار والذي اعيد الى اقليم كردستان عنوة من قبل السلطات البريطانية بعد ان امضى عاما ونصف العام في بريطانيا التي قصدها قادما من المانيا التي امضى فيها عامين متتاليين دون الحصول في أي من الدولتين على حق الاقامة او اللجوء. واضاف عباس لـ «الشرق الاوسط»:«قصدت اوروبا منتصف عام 2005 هربا من اوضاع اسرتي المعيشية المزرية ومن البطالة المدقعة وانعدام فرص العمل بالنسبة للمئات من امثالي من خريجي المعاهد الفنية، وقد اضطررت الى بيع كل ما خف وزنه وغلى ثمنه في بيتنا للحصول على نفقات ومصاريف السفر الى اوروبا التي كنت ارى فيها واحة الاحلام الوردية والمال الوفير وفرص العمل المناسبة، ولكن عبثا، فبعد ثلاث سنوات ونصف السنة، ها انا اعود الى مربع الصفر الذي بدأت منه وفي حال اشد بؤسا من ذي قبل، فكيف ابدأ حياتي الاسرية ومن الذي يعوضني عن الخسائر المادية التي تكبدتها»؟

وفي الشأن ذاته اكد مصدر مسؤول في حكومة الاقليم ان موقف الحكومة واضح بهذا الصدد ويتمثل في رفض اعادة اللاجئين الى اقليم كردستان رغما عن ارادتهم، لجملة من الاسباب اهمها ان معظم هؤلاء اللاجئين باعوا كل ما يملكون بغية الوصول الى اوروبا، فإذا تمت اعادتهم الآن عنوة دون تأمين مستوى معيشي لائق لهم او دون حصولهم على مبالغ تمكنهم البدء بحياة عملية جديدة فإنهم سيصابون بالإحباط، وقد تتولد عن ذلك مشاكل اجتماعية عويصة. واوضح المصدر الرفيع الذي طلب عدم ذكر اسمه او صفته أن السلطات السويدية لم تبحث هذه القضية مع الجهات المعنية في الإقليم، وليس هناك اي اتفاق ثنائي بشأنها، وقال «نحن نرفض اعادتهم عنوة ونرحب بعودتهم بشكل طوعي، فهم مواطنون اعزاء وكردستان موطنهم وتفتح لهم احضانها دوما، ولكننا لا نريد لهم اوضاعا معيشية غير لائقة» مشيرا الى ان اقليم كردستان يحتضن الآن عشرات الآلاف من النازحين عن مختلف مدن ومحافظات العراق، ولن يعجز عن احتضان ابنائه الذين اضطروا الى الهجرة نحو اوروبا في مرحلة معينة ولأسباب اغلبها تتعلق بالأوضاع المعيشية وطموحات الشباب في تحسين مستويات حياتهم المعيشية. ومن الناحية التطبيقية فإن عملية اعادة ذلك العدد الهائل من اللاجئين الى العراق وكردستان ليست بالعملية الهينة، بل تحتاج الى مبالغ طائلة خصوصا وان الطائرات المدنية التابعة لشركات النقل ليست مستعدة لقبول اكثر من اثنين فقط من اللاجئين، الامر الذي يدعو السلطات السويدية الى استخدام طائرات خاصة لنقل واعادة اللاجئين، ناهيك عن طلب ممثلية الامم المتحدة في العراق «اليونامي» للسلطات السويدية بإعادة النظر في قرارها، او التريث في التنفيذ ريثما تتحسن الاوضاع في العراق.