فوز اليمين يضع عملية السلام على فوهة مدفع.. وساريد يقول إن الإسرائيليين سيندمون

نتنياهو يخشى الصدام مع أوباما.. ويتطلع إلى حبل نجاة فلسطيني

TT

الانطباع السائد في المجتمع الإسرائيلي بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية هو أن كل السيناريوهات المتوقعة تشير إلى أن الحكومة القادمة ستكون برئاسة بنيامين نتنياهو، الملتزم ببرامج اليمين المتطرف. وهذه البرامج مبنية بالأساس على مفاهيم الرفض للمسيرة السياسية، وإذا كانت الحكومة الحالية برئاسة إيهود أولمرت لم تستطع إحراز اتفاق تسوية دائمة، وانجرفت إلى الحرب العدوانية مرتين، فإن حكومة نتنياهو- ليبرمان، حتى لو دخلت في شراكة مع حزب كديما برئاسة تسيبي ليفني، ستعمل كل ما في وسعها لعرقلة أية مسيرة سياسية قادمة، ووضع هذه المسيرة على فوهة مدفع.

فقد أعلن نتنياهو بوضوح أن هدفه وقف نهج المفاوضات السلمية بالشكل الذي سارت عليه حتى الآن، وقال إنه غير ملتزم بما توصل إليه أولمرت وليفني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ومع رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض أحمد قريع (أبو علاء). والبديل الذي يطرحه هو ما يسميه بالسلام الاقتصادي، والذي يفسره بالقول إنه سيبطئ المفاوضات السياسية ويركز جل اهتمامه بمعالجة قضيتَي الأمن والاقتصاد.

أما الاقتصاد فهو في نظره تغيير الواقع الاقتصادي للفلسطينيين، وإقامة مشاريع بناء البنية التحتية، وإقامة صناعة متطورة، وتوفير فرص عمل تضمن دخلا محترما لكل عائلة فلسطينية، «بحيث لا تحتاج هذه العائلات إلى العيش على الفتات من الصدقات التي تقدمها لهم حركة حماس عبر جمعياتها». ولكن ربط الاقتصاد بالأمن يعني مط عملية التفاوض إلى سنين طويلة.

ويخشى الكثير من الإسرائيليين، وفي مقدمتهم ليفني نفسها، من أن تفضي هذه السياسة إلى صدام مع الإدارة الأميركية. وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك، مثل السياسي والأديب يوسي ساريد، الذي قال أمس إن الإسرائيليين سيندمون كثيرا على شكل تصويتهم في هذه الانتخابات، «فقد سمحوا لأنفسهم أن ينتخبوا قيادة من العهد القديم ولم يدركوا التحول في عالمنا، والذي يعتبر انتخاب الرئيس باراك أوباما انعكاسا له. لقد انتخبه الأميركيون لأنهم فهموا سرّ الضرورة الملحّة في عالمنا. ونحن الذين نقلد الأميركيين في كل شيء، ولكن بعد فوات الأوان، أخطأنا الهدف مرة أخرى وعدنا إلى الوراء عشرين سنة».

بيد أن نتنياهو يخطط لأن «يلعبها»، وقد بدأ يبث الرسائل القائلة إنه لا ينوي تشكيل حكومة يمين متطرف، وإنه سيسعى إلى ضم كديما والعمل، إضافة إلى الأحزاب الدينية وحزب ليبرمان، لتكون حكومة وحدة وطنية واسعة وثابتة تدوم 4 سنوات. وهذه كلها أحزاب يمكن أن تكون مرنة بقيادة نتنياهو، ولكن ليس إلى حد الموافقة على دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وإخلاء المستوطنات. وعمليا سيحاول تغليف سياسته الرفضية من خلال الانسجام مع الإرادة الدولية، ولكنه سيحاول تغيير سلم الأولويات، كأن يعود إلى إبراز غياب الأمن بسبب «الإرهاب الفلسطيني»، وكأن يضع قضية إيران فوق القضايا الأخرى.

ونتنياهو لا ينوي الاصطدام مع الإدارة الأميركية، لأنه يبني خطته على أن يكون الصدام بين الفلسطينيين وبين واشنطن، فهو واثق من أن الفصائل الفلسطينية عموما، وفتح وحماس بشكل خاص، لن يتوصلوا إلى اتفاق وحدة وطنية مثله، بل سيزدادون تمزقا وصراعا، ولذلك فإن صوتهم سيبدو ضعيفا وغير مؤثر. وبدلا من صوت التفاوض الذي يرفعه أبو مازن، سيتغلب صوت الرفض الذي ترفعه حماس، وبالتالي فإن الفلسطينيين هم الذين يقدمون له حبل النجاة من الغضب الأميركي، بحيث يقف الرئيس أوباما إلى جانبه ضد الفلسطينيين، وليس العكس.