إيران: 30 عاما على الثورة الحلقة (7) ـ خفوت صوت الإصلاحيين

إيران ثاني بلد بعد الصين في المدونات الالكترونية.. و28 مليون مستخدم للإنترنت

TT

عندما زار وزير الإرشاد والثقافة الإيراني صفار هرندي سورية نهاية العام الماضي شكا لنظيره السوري محسن بلال من عدم اهتمام سورية بدبلجة المسلسلات الإيرانية باللغة العربية وعرضها وبيعها في الأسواق العربية، كما تفعل سورية مع المسلسلات التركية. قال هرندي ساعتها إن المسلسلات التركية المدبلجة بالعربية ساهمت في أن يعرف العالم العربي المزيد عن تركيا، وأن الشيء نفسه يجب أن يحدث مع إيران. فهناك رغبة إيرانية في أن يعرف العالم عن إيران أكثر.. لكن بعيون إيرانية وعبر وسائل وأدوات إيرانية. وبالتالي لا غرابة في أن يكون من ضمن أهم المشروعات الإيرانية في اميركا اللاتينية إنشاء قناة تبث باللغتين البرتغالية والاسبانية بعضا من محتوى قناة «برس تى في» التي تبث بالانجليزية. لكن بالرغم من الاهتمام الإيراني الملحوظ في السنوات الأخيرة بالتوسع اعلاميا في الخارج، فإن الداخل شهد تضييقا اعلاميا، يقول الصحافيون الإيرانيون إنه يشتد مع قرب الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل. وليس من السهل أن تعمل صحافيا في إيران. فالصحافيون عادة يقعون بين ضغطين. ضغط الشارع الذي يريد قيودا أقل على الأخبار وضغط وزارة الارشاد والثقافة التي تريد قيودا أكبر على الأخبار، وإذا اضفت الى ذلك تناقص معدلات القراءة وتراجع نسبة التوزيع ونسبة الاعلانات وصعوبة شراء الورق وتوجه أكثر من 50% من الإيرانيين للانترنت للتزود بالأخبار.. فستشعر إذا كنت صحافيا في إيران ان هذا وقت صعب. يقول ما شاء الله شمس الواعظين الصحافي ومدير المركز الإيراني لدراسات الشرق الأوسط: «هذه المرحلة أسوأ مرحلة نمر بها من ناحية وضع الصحف والاعلام. لا توجد في هذه المرحلة صحافة حرة ومستقلة، توجد هناك بعض التيارات وصحافة تنطق باسمها، لكن منضبطة جدا، ومراقبة جدا من قبل وزارة الارشاد والثقافة وحكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، والمجلس الاعلى للامن القومي الذي يطلق بين الحين والآخر الكثير من التعليمات للإعلام. مثلا يحدد الطريقة التي يجب ان تعالج بها الصحف الإيرانية الملف النووي والسياسة الخارجية: اكتبوا هذا.. ولا تكتبوا ذلك. هناك 530 عنوان صحيفة ومجلة ودورية تنشر في إيران في هذه المرحلة، لكن معدل القراءة لكل مواطن إيراني قليل جدا. فكل 64 مواطنا إيرانيا يقرأون نسخة واحدة يوميا. وهذا رقم قياسي متدن جدا من ناحية المعايير الدولية. لكن مرحلة ربيع الديمقراطية، إذا صح التعبير، كانت في عهد الرئيس محمد خاتمي. هذه المرحلة وكنت أنا نشطا فيها أيضا، تم مصادرة 5 صحف كنت أكتب فيها، كما سجنت 3 مرات في عهد الرئيس خاتمي ومنعت من العمل الصحافي حتى اشعار آخر. الإعلام في إيران موجه، لكن يوجد هناك هامش من الحرية ايضا لبعض من التيارات التي يقودها رجالات الثورة مثل مهدي كروبي، رئيس حزب اعتماد ملي، وبعض الشخصيات الأخرى». وبسبب التضييق على الصحافة المطبوعة فإن المجتمع الإيراني شهد نقلة نوعية في استخدام الانترنت والاعتماد على المدونات الالكترونية لنقل الاخبار، واليوم هناك في إيران 28 مليون مستخدم للانترنت. ويوضح شمس الواعظين لـ«الشرق الأوسط»: «إيران البلد الأول، طبعا بعد الصين، في المدونات الالكترونية، ويب بلوغ، وهذا شيء غريب، فالصين مليار و200 مليون وإيران 80 مليونا فقط. نحن إذن الدولة الأولي بعد الصين، بالرغم من التباين الكبير في عدد السكان. من ناحية الصحافة الالكترونية هناك ازدياد مطرد بسبب وجود تضييقات على الصحافة المطبوعة. أما الصحافة المرئية والمسموعة فكلها محتكرة من السلطات، فليس في إيران تلفزيون أو اذاعة مستقلة او تابعة للقطاع الخاص. لكن لكي أكون أكثر انصافا في حكمي على الوضع الصحافي في إيران، عندما اتحدث عن الاعلام ومعاييره، أتحدث مستندا الى المعايير الدولية في الاعلام الحر، بدون التطرق الى المقارنة بين المجتمع الإيراني والمجتمعات الاسلامية. فاذا قارنا ايران مع باقي الدول الاسلامية سيكون لدينا هامش حرية أكثر بكثير من الهامش المتاح لغيرنا من دول المنطقة. لكن اذا قارنا وضعنا بالمعايير الدولية سيكون وضعنا سيئا». وتؤكد وزارة الارشاد والثقافة الإيرانية أنه يوجد اليوم 30 صحيفة يومية في إيران، غالبيتها تنتمي للمحافظين، وأن الصحف ذات التوزيع المرتفع كلها صحف رياضية. فمتوسط توزيع الصحف الرياضية اليومية مليوني نسخة، ترتفع الى 4 ملايين نسخة بعد المباريات الهامة، وذلك على العكس من التوجه العام منتصف التسعينات، عندما كانت صحف إصلاحية مثل «شرق» توزع نحو مليون نسخة في اليوم. ويقول محسن كديور مدير لجنة حماية الصحافيين في إيران لـ«الشرق الأوسط» إن الصحف الإصلاحية التي كان عددها يبلغ 20 صحيفة قبل نحو 8 أعوام، تقلصت تدريجيا حتى باتت إيران تخلو كليا من صحيفة اصلاحية كبيرة، موضحا: «تدريجيا تدهورت حالة حرية الصحافة في إيران. الان ليس لدى الإصلاحيين صحافة حقيقية. هناك 3 صحف يومية تعتبر قريبة من الاصلاحيين وليست اصلاحية. وعندما أقول صحيفة أعني مطبوعة توزع على الاقل 10 آلاف نسخة في اليوم. فهناك بعض الصحف توزيعها مثلا 5 آلاف أو حتى الفين، وأنا لا أسمي هذه صحفا. من ضمن الصحف التي توزع ما لا يقل عن 10 آلاف نسخة في اليوم، هناك 3 صحف فقط تعتبر قريبة من الاصلاحيين، احدها هى (اعتماد ملي) التي يصدرها السيد مهدي كروبي باسم حزبه السياسي (اعتماد ملي). والثانية هى (كاركوزران) او كوادر البناء وهي تابعة لهاشمي رفسنجاني ورئيس تحريرها حسين كرباستشي، عمدة طهران الأسبق. والثالثة هى «اعتماد» ويديرها احد الاصلاحيين. (اعتماد) ربما هى الأكثر راديكالية بين هذه الصحف الثلاث، أي أنها تعبر بطريقة أفضل عن مزاج الاصلاحيين. كل من هذه الصحف توزع نحو 50 الفا نسخة في اليوم. في الفترة الذهبية للاصلاحيين كانت صحيفة «شرق» التي يرأسها سعيد حجاريان توزع نحو مليون نسخة في اليوم. اليوم أكثر الصحف الاصلاحية انتشارا لا توزع أكثر من 50 الف في اليوم. في العصر الذهبي للاصلاحيين كان لدينا 20 صحيفة في اليوم، اثنتان منهما كانتا توزعان في المتوسط مليون نسخة في اليوم. والباقي يوزع نحو 50 الف في المتوسط. ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أن الإيرانيين اليوم لا يقرأون الصحف. وبعضهم، مثلنا، يستخدمون الانترنت. لكن هناك الكثير من التضييقات على الانترنت في المنازل. فكل يوم يتم فلترة المواقع التي يمكن فتحها. أما وكالات الانباء التي يمكن عن طريقها الحصول على المعلومات، فقد أغلقوا المستقل منها مثل «إلينا» وهى وكالة الأنباء العمالية. أما وكالة أنباء «أسنا» التي كانت قريبة من الاصلاحيين، فقد غيروا مديرها العام». أهم الصحف اليومية في إيران

* كيهان: تأسست عام 1941 وهى محافظة، قريبة من مركز صنع القرار ويعين رئيس تحريرها المرشد الاعلى لإيران. وتوزيعها 350 الف نسخة في اليوم.

*جمهوري إسلامي: تتبع مباشرة لآية الله خامنئي بوصفه المرشد الاعلى لإيران. وهى أول صحيفة يؤسسها المحيطون بآية الله الخميني بعد نجاح الثورة عام 1979 لتكون المتحدث باسم السلطة الجديد. وأرقام توزيعها غير معروفة.

* طهران تايمز: تتبع لمؤسسة «الانتشار الإسلامي» وهى إحدى المؤسسات التي تتبع مكتب المرشد الاعلى. أسست «طهران تايمز» عام 1979 لتكون اول صحيفة إيرانية يومية ناطقة بالانجليزية بعد الثورة. وبالرغم من أن روؤساء تحريرها دائما من المحافظين، فإنها تقدم الأخبار بطريقة مباشرة، ولا تستخدم عادة التعبيرات التي تستخدم في الصحف الإيرانية الناطقة بالفارسية، مثل وصف إسرائيل بـ«الشيطان الأصغر» مثلا. توزيعها نحو 15 الف نسخة في اليوم.

* رسالت: تأسست عام 1985، وهى تعكس وجهات نظر المحافظين. وتوزيعها 100 الف نسخة في اليوم.

* جامي جام: الصحيفة الرسمية لهيئة الاذاعة والتلفزيون الإيرانية، التي يرأسها المرشد الاعلى آية الله على خامنئي. وتوزيعها نحو 460 ألف نسخة.

* سياست روز: تعكس وجهات نظر الجيل الشاب وسط المحافظين الإيرانيين. وارقام توزيعها غير محددة

* إيران: هى الصحيفة الرسمية لوكالة الانباء الإيرانية (ارنا) وهى مثل (ارنا) تعكس وجهات النظر الحكومية. وتوزيعها غير معروف.

* افتاب يزد: تأسست عام 2000، وهى تعكس وجهات نظر الاصلاحيين، ومقربة من الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي وتوزيعها 100 الف نسخة في اليوم.

* اعتماد: محسوبة على التيار المعتدل وسط الاصلاحيين بسبب ميولها الوسطية. وتوزيعها غير معروف.

* اعتماد ملي: تصدر عن حزب «اعتماد ملى» المحسوب على الاصلاحيين الذي يرأسه مهدي كروبي، رئيس البرلمان خلال ولاية محمد خاتمي. وتوزيعها غير معروف.

* همشهري: معتدلة، تتبع لرئاسة بلدية طهران. وتركز على أخبار العاصمة طهران وعلى الاخبار الداخلية الإيرانية. وتوزيعها نحو 50 الف نسخة.

* اطلاعات: تأسست خلال عهد الشاه، وهى الصحيفة الوحيدة التي تطبع خارج إيران. وأرقام توزيعها غير معروفة

* الوفاق: تصدر باللغة العربية عن وكالة الانباء الإيرانية (ارنا) وتوزيعها غير معروف. أما وكالات الأنباء في إيران، فهي بالاضافة الى ارنا، وكالة الأنباء الطلابية «أسنا» ووكالة الأنباء العمالية، ووكالة أنباء فارس ووكالة أنباء مهر، وكلها على صلة بطريقة أو بأخرى بالمؤسسات العسكرية أو التنفيذية في إيران. غدا: معنى تصدير الثورة