قتيل وعشرات الجرحى حصيلة اعتداءات أنصار «8 آذار» على مشاركين في ذكرى اغتيال الحريري

الحريري والتقدمي الاشتراكي ينعيان لطفي زين الدين.. والجيش يلاحق المشتبه فيهم

صبي لبناني يمر أمس أمام صورة ضخمة للقيادي السابق في حزب الله عماد مغنية الصقت في أحد شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتياله (أ.ف.ب)
TT

تسببت الاعتداءات التي تعرض لها المشاركون في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري أثناء عودتهم من ساحة الشهداء بعد ظهر أول من أمس، على أيدي عناصر من قوى «8 آذار» بسقوط قتيل واحد، كحصيلة أولية، باعتبار أن عدداً من الجرحى ما زالوا يعالجون في المستشفيات نتيجة طعنهم بالسكاكين وضربهم بالعصي ورشقهم بالحجارة وإطلاق النار عليهم وتحطيم السيارات التي كانت تقلهم في مناطق عدة.

وكانت الكمائن التي نصبها أنصار قوى «8 آذار» للمشاركين في ذكرى الحريري أوقعت، بحسب مصادر أمنية، ما يقارب الثلاثين جريحاً. وقد توفي أحدهم صباح أمس، وهو المواطن لطفي عباس زين الدين، نتيجة إصابته الخطرة بعد تعرضه للطعن بالسكاكين. ولم تفلح الجراحات والإسعافات التي أخضع لها في مستشفى رزق في إنقاذ حياته. فيما لا يزال نجله شادي زين الدين يخضع للعلاج في نفس المستشفى وهو في حالة خطرة. وقد نعى الحزب التقدمي الاشتراكي زين الدين. وأعلن أن مراسم تشييعه ستقام ظهر اليوم في بلدته الشبانية في (المتن الأعلى).

أما على صعيد التحقيقات القضائية والأمنية في هذه الاعتداءات فقد كلّف النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزيف معماري قوى الأمن الداخلي جمع المعلومات لكشف هوية المعتدين على زين الدين ومفتعلي كل الإشكالات التي حصلت وتوقيفهم. وإذ نفى وجود موقوفين في هذه التعديات حتى الآن، طلب إلى القوى الأمنية إجراء جردة على المباني الواقعة في منطقة السوديكو - رأس النبع وجمع كل تسجيلات كاميرات المراقبة في حال وجودها هناك والتثبت إذا كانت التقطت صور المعتدين على لطفي زين الدين ونجله.

إلى ذلك أصدرت أمس مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني بياناً أعلنت فيه أنه «على أثر أعمال الشغب التي حصلت بعد ظهر أمس (الأول) في بعض أحياء بيروت، وفي منطقة بحمدون، التي أدت إلى وفاة أحد المواطنين وإيقاع أضرار في الممتلكات العامة والخاصة، تقوم قوى الجيش بملاحقة عدد من الأشخاص المشتبه بهم بارتكاب تلك الأعمال، لتوقيفهم وتسليمهم إلى القضاء المختص». وحذرت القيادة «المتمادين بالتعدي على سلامة المواطنين وحرياتهم» مؤكدة أنها «لن تتهاون مع أي إخلال بالأمن والاستقرار». من جهته، نعى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري «المواطن الشهيد لطفي زين الدين الذي التحق بقافلة شهداء مسيرة الحرية والاستقلال بعدما امتدت إليه يد الغدر أثناء عودته من المشاركة في إحياء الذكرى الرابعة لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما». وقال أمس: «إن الشهيد لطفي زين الدين هو عينة من الجمهور اللبناني العريض للرابع عشر من آذار الذي لن يتخلى عن التزامه الوطني برفض الفتنة والتأكيد على قيام الدولة لتتولى مسؤولياتها الكاملة في إحقاق العدالة وترسيخ سلطة القانون». وأضاف: «إنني في هذه المناسبة الأليمة، أهيب بالسلطات الأمنية والقضائية المختصة أن تقوم بمسؤولياتها لملاحقة المعتدين على المواكب السلمية للمواطنين اللبنانيين،لا سيما عناصر الشغب المسؤولة عن ارتكاب جريمة الشهيد زين الدين». وأبدى تعاطفه مع «عائلة الشهيد زين الدين وأبناء بلدته في هذا المصاب الأليم». وتمنى للجرحى والمصابين من جراء هذه الاعتداءات الشفاء العاجل.

من جهته، كرر رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط خلال تعزيته بلطفي زين الدين أن «لا عدو لنا في الداخل عدونا فقط هي إسرائيل». وقال: «هناك خلاف سياسي كبير في الداخل، نعم. ونحن اخترنا التخاطب الهادئ. والجيش قام بواجبه». وأضاف: «أعلم أن حركة أمل وحزب الله يستنكران كما نستنكر نحن» داعياً إلى التروي.

هذا، ودعا رئيس هيئة الأركان في الجيش اللبناني اللواء الركن شوقي المصري إلى «التهدئة وضبط النفس». وقال خلال تقديمه واجب التعزية في زين الدين إن قيادة الجيش «تتابع هذا الموضوع. وأن التحقيقات مستمرة» كاشفاً عن توقيف سبعة أشخاص على ذمة التحقيق ومؤكداً أن العمل لن يتوقف حتى كشف ملابسات هذه الجريمة وأن النائب جنبلاط يتابع القضية مع قيادة الجيش.

وعلّق عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب انطوان اندراوس، على حادثة مقتل المواطن لطفي زين الدين، فقال: «انه لمن المؤسف والمثير للغضب والنفور بعد كلمة النائب وليد جنبلاط الذي قال (في احتفال 14 شباط) إن ليس لنا عدو في الداخل، أن تقوم بعض الجهات بالاعتداء على الناس وقتل المواطن زين الدين. إنهم من فئة الوحوش والجبناء والمجرمين. والسؤال الكبير الذي يراودنا اليوم هو: كيف نستطيع العيش مع هؤلاء الوحوش؟ فسبيلنا الوحيد هو الانتصار عليهم في السابع من حزيران» موعد الانتخابات النيابية.

ودان عضو كتلة «المستقبل» النيابية جمال الجراح «الاعتداءات الميليشيوية التي استهدفت البقاعيين أثناء عودتهم من إحياء الذكرى الرابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في ساحة الحرية». وقال في تصريح له: «لقد هال بعض أحزاب 8 آذار المرتبطة بالنظام السوري، حجم مشاركة اللبنانيين، وخاصة البقاعيين في هذه المناسبة الوطنية، وتصميمهم على صون مكتسبات الحركة الاستقلالية، فحاولوا وضع لمساتهم الميليشيوية المكتسبة من نظام المخابرات السورية، فأمطروا جماهير 14 آذار الحضارية، بالرصاص والاعتداءات والكمائن المتنقلة، فسقط العشرات من الجرحى من أبناء البقاع». وأضاف: «وأكثر من ذلك، لقد بلغ الحقد بهؤلاء حد التطاول على رجال الدين، حيث قامت زمرة منهم بالاعتداء على أحد مشايخ الطائفة الدرزية الشيخ ضامن أبو زور وأصابوه بجروح بليغة، وكأن المشهد الجامع الذي احتضنته ساحة الحرية في الذكرى الرابعة لاستشهاد رجل الاعتدال، رجل التوافق، أخاف هؤلاء فامتدت يدهم إلى عمامته».

وقال وزير الثقافة تمام سلام إن «ما صدر من ممارسات شاذة وحاقدة من البعض في التطاول على إخوانهم من اللبنانيين المسالمين الذين حملوا رايات السلام والوئام والوحدة الوطنية، يجب ألا يمر من دون عقاب شديد لكل من سولت له نفسه العبث بمسيرة تثبيت الأمن والأمان والاستقرار في الوطن».

وأسف البطريرك الماروني نصر الله صفير، في عظة ألقاها أمس، للاعتداء على المشاركين في ذكرى اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه. وإذ اعتبر أن «من المفيد استذكار من غيبوا من أبرز وجوه اللبنانيين كشهادة وفاء لهم» قال: «يبدو أن ذكراهم لم تمر دون أن تستدعي لدى بعضهم ما عبروا عنه بالاعتداء بالضرب على بعض من اشتركوا في هذه الذكرى الأليمة. ترى متى يعي اللبنانيون أن لبنان لهم جميعاً وعليهم، وهم إخوة، أن يتعاونوا على إعلاء شأنه؟». واستنكرت «القوات اللبنانية» الاعتداءات التي «قامت بها مجموعات معروفة الهوية والانتماء بحق مناصري قوى 14 آذار في مناطق مختلفة من العاصمة بيروت، وأدت إلى استشهاد المواطن لطفي زين الدين وجرح عدد كبير من المواطنين». واعتبرت، في بيان أصدرته أمس «أن ما حصل جريمة موصوفة جرت في وضح النهار وعلى مرأى من الجميع». وطالبت الأجهزة الأمنية باتخاذ «كل الإجراءات الضرورية لإلقاء القبض على جميع الفاعلين والمتورطين ومحاكمتهم وإنزال أشد العقوبات بهم».

كذلك، ذكرت «القوات» أن مجهولين أقدموا فجر أمس على إلقاء قنبلة يدوية هجومية على مركزها في محلة سن الفيل حيث اقتصرت الأضرار على الماديات. ورأت أن التعديات «يرتكبها من ضاقوا ذرعاً بحجم المشاركة المسيحية الكبيرة في ذكرى 14 شباط».

واستنكر حزب «الوطنيين الأحرار» «الاعتداء الغاشم على جماهير الرابع عشر من آذار وخاصة الحادث الذي أدى إلى استشهاد لطفي زين الدين الذي انضم إلى قافلة شهداء ثورة الأرز». وتقدم بـ«أحر التعازي» إلى «أهل الشهيد والحزب التقدمي الاشتراكي».

على صعيد آخر، استغرب النائب بطرس حرب حادثة اختطاف المهندس جوزيف صادر خلال توجهه إلى عمله في مطار بيروت و«استمرار الغموض حول مصيره وهوية محتجزيه وعجز السلطة عن تعقب الخاطفين لتحرير المخطوف في منطقة خاضعة لسيطرة حزبية واضحة (حزب الله) ولا سيما أن هذا الحادث يعرِّض المطار وأمن المسافرين ذهابا وإيابا من لبنانيين وغير لبنانيين ويعطي انطباعا سيئا عن الحالة الأمنية في البلاد وعن عدم سلامة استعمال مطار بيروت الدولي من الناحية الأمنية». ودعا الأجهزة الأمنية والشرعية إلى «مواصلة البحث عن المهندس المخطوف وإلقاء القبض على الخاطفين وسوقهم أمام القضاء لإنزال العقاب بهم كائناً من كانوا، ورفع كل غطاء سياسي أو حزبي على الخاطفين، خوفاً من أن تصبح الممارسات التي تطال أمن الناس وحياتهم أمراً عادياً لا حساب أو عقاب له».

وبدوره عاد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، وائل أبو فاعور، يرافقه وكيل داخلية البقاع الجنوبي في الحزب التقدمي الاشتراكي، نواف التقي، ووكيل مفوض الصحة الدكتور سامر حرب، عددا من أبناء بلدات وقرى راشيا والبقاع الغربي الذين أصيبوا في اعتداءات محازبي «8آذار» أثناء عودتهم أمس من احتفال ساحة الشهداء. وقد فاق عدد الجرحى العشرات بينهم نديم سليم إسماعيل الذي لا تخلو إصابته من الخطر فيما تعرضت سيارات وحافلات كانت تقلهم لأضرار مادية جسيمة نتيجة رشقها بالحجارة وضربها بالعصي والآلات الحادة الحديدية.