العراقيون يعانون من السمنة إثر اعتكافهم بمنازلهم لمدة 5 أعوام.. ويقبلون على الرياضة

أحدهم: لم نعد نخشى الموت بسبب التفجيرات.. بل من الأزمة القلبية

العراقيون يقبلون على ممارسة الرياضة (أ. ب)
TT

في الوقت الذي يستيقظ فيه العراقيون من كابوس استمرعلى مدى عام كامل سيطرت فيه أعمال العنف الطائفي، يشعر الكثير من سكان بغداد بالفرح وهم يشاهدون علامات الاستقرار التي تظهر من جديد، مثل المتنزهات الجميلة والأسواق المملوءة بالسلع واختفاء عناصر الميليشيات من الشوارع. ولكن، لا يشعر العراقيون بهذا القدر من السرور، عندما ينظرون إلى أنفسهم في المرايا. فبعد انكفائهم داخل منازلهم هربا من أعمال العنف وجلوسهم أمام الفضائيات وتدخينهم للسجائر وتناولهم الأطعمة الشهية المتخمة بالسعرات الحرارية، أخذ الكثير من العراقيين يشعرون أن بنيتهم الجسدية قد تغيرت كثيرا. ولذا قرر البعض منهم الذهاب إلى صالات الألعاب الرياضية (الجيمنازيوم).

يقول أحد الشباب وهو داخل صالة للألعاب الرياضية في بغداد: «من قبل، كنا نشعر بالقلق والخوف من أن نُقتل على يد الميليشيات أو في أحد الأعمال التفجيرية، ولكن في الوقت الحالي، لن تموت بسبب العبوات الناسفة، ولكن بسبب أزمة قلبية».

وقد أدى الاهتمام باللياقة الصحية من جديد إلى ظهور طائفة جديدة من رجال الأعمال، وهم من أصحاب صالات الألعاب الذي يقدمون مدربين شخصيين وضمانات بأن العملاء سوف يتمكنون من تقليل أوزانهم وتكوين بنية جسدية جيدة، مقابل 20 إلى 150 دولارا شهريا.

وقد بدأ أصحاب صالات الألعاب في استيراد أجهزة رياضية متطورة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كمية كبيرة من المواد التي تستخدم في حرق الدهون والأجهزة التي تستخدم في رفع الأثقال. وحتى إبان فترة حكم صدام حسين، كان العراق يدعم ثقافة رفع الأثقال وبناء الأجسام، في خدمات الأمن الخاصة. وكان هؤلاء يتدربون - في الأغلب - في غرف حقيرة يوجد داخلها مقعد رفع الأثقال ومجموعة متباينة من الأوزان. وعندما قامت قوات التحالف، تحت قيادة الولايات المتحدة، بالإطاحة بنظام صدام عام 2003، أخذت صالات الألعاب الرياضية التي كانت موجودة من فترة طويلة تستعد للعودة من جديد. وقام صباح طالب على الفور بتغيير اسم صالة الألعاب التي يمتلكها في منطقة الكرادة من صالة «الأجسام الأنيقة» إلى صالة « آرنولد كلاسيك» نسبة إلى حاكم ولاية كاليفورنيا آرنولد شوارزنيجر، وهو بطل كمال أجسام سابق. يقول صباح إنه كان يريد منذ فترة طويلة إجراء تغيير على صالة الألعاب التي يمتلكها، وكان المسؤولون خلال فترة صدام يحظرون تسمية صالة الألعاب على أسماء شخصيات أجنبية. ملأ صباح صالة الألعاب بصور أبطال كمال الأجسام السابقين، كما أقام مسابقة كمال أجسام في الشارع أمام صالة الألعاب. ومع ذلك، كان عمر هذه النهضة في الصالة قصير، حيث سرعان ما استهدفت الميلشيات وعناصر المتمردين رافعي الأثقال، فكان يُنظر إليهم على أنهم متواطئون محتملون مع القوات الأميركية. لماذا تكون لهم هذه البنية وتقسيم العضلات على هذا النحو إذا لم يكونوا ضمن عناصر الحماية الخاصة أو يتدربون في صالات ألعاب داخل قواعد أميركية بها معدات جيدة؟

ويقول حيدر عادل، وهو لاعب كمال أجسام سابق يبلغ من العمر 25 عاما وصاحب مركز الأكاديمية للتغذية الرياضية: «ظل الوضع جيدا لعام، وبعد ذلك أخذ الإرهابيون يقتلون لاعبي كمال الأجسام. خسرنا الكثير منهم بهذه الطريقة، وكان من بينهم مدربي. كان الجميع يشعر بالخوف من الذهاب إلى صالة الألعاب، وذهب معظم لاعبي كمال الأجسام إلى سورية.» وبدأت الأوضاع تتغير بعد زيادة عدد القوات الأميركية عام 2007 والتي ساعدت على تقليل أعمال التمرد وأعمال العنف الطائفي في العاصمة العراقية بغداد. وبدأ لاعبو كمال الأجسام في العودة إلى العراق ووجد رجال الأعمال وأصحاب صالات الألعاب الرياضية أنه من السهل شراء واستيراد المعدات الرياضية وملحقاتها. وفي الوقت الحالي، يوجد في صالات الألعاب العراقية تشكيلة أكبر من الأجهزة مقارنة بسلاسل مراكز اللياقة في كاليفورنيا الجنوبية. ويقول صباح: «بدأ الكثير من الأبطال في العودة من جديد إلى صالتي. أشعر بالسرور عندما أقول أن الأوضاع أفضل كثيرا مقارنة بالعام الماضي.» وفي صالة «التنين الدولية» في منطقة الكرادة، يضطر الرواد إلى المرور عبر بئر سلم رطب مظلم قبل أن يدخلوا إلى مركز التدريب المزدحم. وقد طليت حوائط المركز باللون الأصفر، وتعكس العديد من المرايا مجموعة من أجهزة اللياقة الصحية الجديدة. قام صاحب المركز علي عباس، 29 عاما، بتزيين صالة الألعاب بصور ضخمة له وهو يشارك في مسابقات أقيمت في لاس فيجاس، وإلى جانبه عدد من أبطال رفع الأثقال الأميركيين. وتعلو موسيقى البوب الغربية من مكبر صوت صغير في المركز. يقول علي، الذي تخصص في التنحيف، إن من بين رواد المركز عدد من أفراد الشرطة والجيش، بالإضافة إلى مهنيين وطلاب. ويستحوذ الرجال على ممارسة التدريبات في صالات الألعاب العراقية، حيث يُخصص للنساء يوم واحد فقط خلال الأسبوع. ولكن، ربما يتغير هذا الوضع. يقول علي: «ما زال هذا بلد إسلامي، ولكنني آمل في افتتاح صالة ألعاب أخرى قريبا جدا، وسوف تخصص تلك إلى النساء فقط.»

*خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»