مطار بروكسل يتحول إلى متحف للفن التشكيلي

لوحات ومنحوتات لكبار الفنانين لجذب اهتمام المسافرين

منحوتة برونزية ضخمة من أعمال الفنان البلجيكي بيار لويس فلوكان («الشرق الأوسط»)
TT

قد لا تُعتبر المطارات على رحابتها وضخامتها الأماكن المميزة لعرض الفنون، فأغلبية المسافرين في مطارات العالم الكبيرة، على الأرجح، لا يلتفتون كثيرا إلى اللوحات المعلقة على الجدران العالية، إما بسبب اللحاق برحلاتهم وإما بسبب حالة التوتر التي تخلقها المطارات وزحمتها. لكنهم في مطار بروكسل، العاصمة البلجيكية، التي هي أيضا عاصمة الاتحاد الأوروبي الدائمة، لهم وجهة نظر أخرى.

فالزائر لمطار بروكسل يفاجأ بتحول المساحات الميتة من المبنى الضخم، إلى صالات لعرض لوحات تشكيلية ومنحوتات ضخمة تلفت نظر كل من يمر بجوارها، حتى المسافر الذي يركض للحاق طائرته قبل أن تقلع. فهذه الخدمة الجديدة التي تميز هذا المطار، مخصصة فقط للمسافرين الذي يصلون إلى المطار عن طريق القطار الذي يصل بين العاصمة ومطارها. فهؤلاء المسافرون عليهم الصعود أربعة طبقات للوصول إلى صالة تسجيل المسافرين الكبيرة. فبعد المرور على نقاط التفتيش التي أصبحت مملة وكئيبة جدا في المطارات الأوروبية بفضل التشديدات التي تفرضها القوى الأمنية على كل مسافر، يصبح أمام المسافرين في مطار بروكسل مساحة للراحة البصرية حيث يمكنهم مشاهدة مجموعة كبيرة من اللوحات التشكيلية في كل طابق يصلون إليه، لعل حالة الهدوء التي تفرضها هذه اللوحات تُنسي المسافر كل ما تعرض له في أثناء مروره على أجهزة التفتيش قبل دقائق. مع ذلك فاللوحات معروضة في أماكن غير مضاءة جيدا، وهي بعيدة عن المصاعد الكهربائية مسافة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أمتار، مما يجعل من الصعوبة رؤية التفاصيل الدقيقة فيها، إلا إذا قام المسافر بالذهاب إلى اللوحة التي يريد رؤيتها وتفحصها عن قرب أكثر مثلما هو الحال في لوحات فيليب دوبوا التي تحتوي على تفاصيل دقيقة تصعب رؤيتها عن بعد. في حين أن اللوحة اليتيمة لأنطوان مورتيي والتي هي عبارة عن مسطحات لونية بألوان محايدة تقف وحيدة واضحة بسبب كبر حجمها، لا تستدعي - على رغم أهمية من رسمها في عالم الفن التشكيلي اليوم - أي شخص للاقتراب منها وإمعان النظر في المنعرجات اللونية التي لا تظهر كثيرا عن بعد أمتار. أما لوحة كلود دوميان التي تمثل رأس رجل غير واضح الملامح والتي رسمت في الستينات من القرن الماضي، وتعتبر تحفة فنية بكل معنى الكلمة، فقد علقت على ارتفاع شاهق خوفا من لمسها بالأيدي أو التعرض لها أو حتى سرقتها. وهي من اللوحات الأكثر جاذبية بسبب قوة ألوانها ووضوحها. رحلة الصعود إلى صالة المسافرين تنتهي بالمرور من أمام منحوتة برونزية ضخمة ترتفع إلى نحو خمسة أمتار من أعمال الفنان البلجيكي بيار لويس فلوكان. لتبدأ بعد رحلة الاستمتاع بهذه الباقة الجميلة من الألوان والأشكال المختلفة رحلة البحث عن باب العبور إلى الطائرة. تحلق الطائرات من مطار بروكسل هذه الأيام وفي ذاكرة ركابها لحظات حميمة من الوقوف أمام لوحات لفنانين، يحتاج المرء لرؤية أعمالهم إلى السفر والبحث عن المتاحف التي تحتويها. فالمطار بهذه الخدمة الرائعة لا يحقق البعد الثقافي لبلجيكا فقط، وإنما يسهم من محو حالة التوتر التي تسيطر عادة على المسافرين، خصوصا في المطارات الكبيرة كهذا المطار.