«الفاليه».. خدمة لإيقاف سيارات المشاهير

رجل مرور من نوع خاص

يتحدد سعر خدمة «الباركينغ» حسب موقع الحفل وعدد المدعوين («الشرق الأوسط»)
TT

ربما تكون قد رأيته مصادفة في أحد الحفلات أو الأفراح الكبرى في مصر يتجول مرتديا قميصا أبيض وبنطلونا أسود واضعا في أذنه سماعة متصلة بهاتفه المحمول الذي يدير به عمله في ركن سيارات الأثرياء والمشاهير وكبار المسئولين الـVIP.. إنه رجل مرور من نوع خاص، ليس في عنقه صفارة مبحوحة الصوت، أو إشارات تقليدية، فكل شيء مبرمج حسب أحدث نظم الإدارة والتقنية. بنبرة لا تخلو من الفخر يقول ناصر صدقي المشهور باسم «ناصر فاليه»، رئيس شركة «إن إن» لخدمات إيقاف السيارات: «أنا أول من أنشأ شركة مصرية لخدمات الباركينغ للحفلات والأعراس»، مشيرا إلى وجود منافسين له في السوق إلا أن نظام العمل «السيستم» كما يحب أن يقول عنه ناصر يختلف بينه وبينهم فهو يملك مكتبا، يعد مقرا لشركته فيما لا يملك الآخرون شركات مسجلة بشكل رسمي.

لكن يبدو أن المنافسة تصب في صالح كفة ناصر حتى الآن، فقد نجح في تسويق نفسه بشكل جيد ليشارك في حفلات كبرى مثل افتتاح فيلمي «حليم» و«عمارة يعقوبيان» في دار الأوبرا المصرية وافتتاح إحدى القنوات الغنائية المصرية الخاصة الشهيرة في مدينة شرم الشيخ، بالإضافة إلى حفلة شركة سيارات كبرى منذ بضعة أشهر في دار الأوبرا وآخرها حفل افتتاح مبنى الجامعة الأميركية الجديد في القطامية الذي حضرته السيدة الأولى سوزان مبارك.

اشتهر ناصر باسم «ناصر فاليه» Valet وهى كلمة تطلق على من يقوم بتوفير خدمة ركن السيارات في الشركات والمطاعم والمحلات في الغرب. يقول ناصر «نتوجه لرجال الأعمال بالدرجة الأولى ونبحث دائما عن السمعة الطيبة لأن عملنا يعتمد على العلاقات العامة في الأساس.. كلما توسعت في خدمتك وأديتها بشكل ممتاز تحصل على الاحترام والإشادة والنجاح».

ويشرح طبيعة عمله قائلا إن كبار الشخصيات تقصده عند إقامة حفلات خاصة في مناطق مزدحمة أو مناطق نائية كفيلات على الطريق الصحراوي لكي يتولي تنظيم عملية ركن السيارات، حيث يصل عدد الزوار في بعض الحفلات إلى 500 وألف مدعو مما يسبب حالة إرباك مرورية شديدة تستلزم وجود من ينظمها.

ويشير ناصر إلى أن موسم عمله يكون في شهري يوليو وأغسطس، لكنه أحيانا يمر بفترات خمول دون عمل؛ ففي الشتاء على سبيل المثال يفضل الناس إقامة حفلات الأفراح في الفنادق ويتجنبون الفيلات والمناطق المفتوحة تماما خوفا من المناخ السيئ واحتمالات سقوط أمطار تفسد عليهم جو الحفلة.

أما عن البدايات، فيقول ناصر إنه بدأ العمل في خدمات «الباركينغ» في منطقة المهندسين مع عم عاطف عام 1993، ثم انتقل بعدها إلى المركز التجاري العالمي على كورنيش النيل حيث عمل في إيقاف السيارات لأحد المطاعم الشهيرة هناك ثم «أركاديا مول» والزمالك، قبل أن يخرج خارج حدود القاهرة إلى العجمي والساحل الشمالي. ويضيف «في هذه الفترة كنت أسمع الناس يتهامسون حول رغبتهم في إقامة حفلات أعراس في فيلات لكنهم يرون أن ركن السيارات ستكون مشكلة كبيرة».

وبالرغم من أنه اقتنع بحاجة السوق إلى هذه الخدمة، فإنه لم يتخذ أي خطوات جادة في مشروعه إلا عام 2006 عندما توفى عم عاطف الذي كان يعمل معه وتعلم منه «أصول الصنعة» كما يقول. وفى مايو 2007، افتتح ناصر شركته رسميا ومعه عشرة سائقين زادوا لاحقا إلى ستين. وقام بطبع بطاقات تعريف بشركته «بيزنس كارد» وصمم 30 وحدة من الزى الموحد الذي اختاره لطاقم العمل زادوا لاحقا إلى 60 وحدة تتكون كل منها من جاكت نبيتي اللون وبنطلون أسود وحذاء أسود.

ويفتخر ناصر بمساعدة أصدقائه له في بداية مشواره مذكرا بأن مقر شركته في مدينة قليوب شمال القاهرة هو هدية من صديق له منحه شقته الخالية لتكون مكتبا.

لكن أكثر ما شجع ناصر على المضي قدما في مشروعه كما يقول كان قرار وزارة الصناعة والتجارة بعدم تحصيل أي ضرائب على المشروعات الخدمية لمدة خمس سنوات، وهى مهلة كافية لناصر كي يبنى ويؤسس شركة قوية تستطيع دفع ما عليها من ضرائب بعد مرور هذه المدة.

ويشير «فاليه» إلى الاهتمام الكبير الذي توليه شركته إلى المظهر والنظافة الخارجية موضحا أن الزى الواحد لا يستخدم سوى مرة واحدة ثم يذهب للتنظيف. ويحرص طاقم العمل من السائقين على توزيع بطاقات التعريف بالشركة في جميع الحفلات التي يعملون فيها لتوسيع دائرة الزبائن.

ويشرح ناصر نظام العمل قائلا «الضيف يأتي إلى الحفلة ليجد مشرفا يستقبله بشياكة ينادى السائق لكي يتسلم منه مفاتيح السيارة ليركنها له ويحصل في المقابل على بطاقة برقم معين، فيما تترك بطاقة مماثلة داخل السيارة، ويترك المفتاح داخل خزينة المفاتيح التابعة لنا، وعند الرحيل يتصل بنا الضيف من داخل القاعة على رقم الموبايل المكتوب على الكارت الذي يحمله ويقول لنا رقمه فنحضر له السيارة أمام المدخل ليخرج فيجدها في انتظاره». أما إذا كان هناك بعض الأشخاص يفضلون الاحتفاظ بمفاتيح سياراتهم، فيوضح ناصر أن السائقين يساعدونهم في إيجاد مكان مناسب للركن. طاقم العمل الذي كونه ناصر صدقي يعرف بعض الكلمات الإنجليزية المطلوبة للترحيب بالضيوف الأجانب، ولا يعرف ثقافة البقشيش حيث لا ينتظر من الضيف أن يعطيه البقشيش فأجرته يدفعها له منظم الحفل.

ويتحدد سعر خدمة «الباركينغ» حسب موقع الحفل وعدد المدعوين الذي سيتم تحديد عدد السائقين المطلوبين للعمل بناء عليه، ويشير ناصر في هذا الصدد إلى أن ارتفاع تكلفة توفير خدمة «الباركينغ» لمحافظات خارج القاهرة لم يمنع بعض كبار الشخصيات من الاستعانة به لتنظيم حفلاتهم في الغردقة والساحل الشمالي والعين السخنة. ويقول ناصر إنه يحتاج إلى أسبوع واحد لعمل الترتيبات اللازمة قبل موعد الحفل، حيث يقوم طاقم العمل بزيارة الموقع ومراجعة أماكن ركن السيارات القادمة بناء على عدد المدعوين الذي سيذكره لهم منظم الحفل، أما يوم الحفل فيصل السائقون قبل موعد انطلاق الحفل رسميا بساعتين.

«لو كانت الحفلة في جحر فإننا قادرون بإذن الله على تنظيمها».. بهذه الثقة الهدف من الزيارات الميدانية لموقع الحفلة مسبقا قائلا إنها تجنبهم أي سقطات يمكن أن تحدث وتسيء إلى سمعتهم، مذكرا بموقف محرج تعرض له في حفل عرس بالمنصورية حين وصلت 1700 سيارة إلى المكان الذي لا يتسع سوى لـ500 سيارة.

الخبرة التي اكتسبها ناصر ليست هينة وأثبتت التجارب أنه يعرف كيف يجد الحل المناسب. «من يمكن أن يتصور أن يقيم حفلا كبيرا في قصر محمد على بالمنيل يحضره 600 مدعو بسياراتهم!»، يتساءل ناصر بفخر مشيرا إلى أنه عمل في خدمات «باركينغ» أربع حفلات في القصر حضر في كل منها 600 ضيف تقريبا. هذه الثقة التي يوليها الزبائن لناصر جعلته يحرص كثيرا عند اختيار من ينضم لفريق العمل، فالأمانة هي العنصر الأول. وعلى حد قوله «لا أقبل أي سائق جديد إلا من كان على معرفة قوية بأحد السائقين العاملين معي.. فلا أستطيع أن أغامر بسمعتي».