السعودية: تراجع التضخم إلى معدلات مسجّلة قبل 15 شهرا ليلامس 6.9%

خبراء اقتصاديون لـ «الشرق الأوسط»: مستوياته مرشحة لمزيد من الانخفاض ومطالب بإبقائه عند 4.5%

لا توجد عوامل مساندة لعودة التضخم للارتفاع مرة أخرى في الفترة المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

زادت وتيرة انخفاض التضخم في السعودية من خطوات تراجعها حيث هبطت في فبراير (شباط) المنصرم بنسبة نقطة مئوية واحدة لتصل إلى 6.9 في المائة تمثل قفزة ملموسة وتهبط بمعدل التضخم السنوي لمستويات مسّجلة منذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2007 أي منذ قرابة 15 شهرا.

وكشفت الإدارة المركزية للإحصاءات في السعودية أمس أن معدل التضخم السنوي في البلاد انخفض إلى 6.9 في المائة في فبراير (شباط) الماضي من 9.7 في المائة في يناير (كانون الأول) بداية العام، مشيرة على موقعها على الانترنت إلى أن مؤشر كلفة المعيشة في السعودية ارتفع إلى 6.120 نقطة.

أمام ذلك، استبعد الدكتور عبد الرحمن المشيقح عضو مجلس الشورى السعودي عودة مؤشر التضخم إلى الصعود خلال المرحلة الراهنة حيث لا توجد عوامل ممكن أن تساند عودة التضخم للارتفاع، مشيرا إلى أن العكس هو المرشح بقوة للفترة القريبة المقبلة ملمحا إلى أن الفرصة قائمة لمزيد من تراجع التضخم في البلاد.

وذكر المشيقح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن دخول اقتصادات العالم في مرحلة الكساد تمثل سببا رئيسيا وراء تراجع التضخم في وقت يعيش فيه اقتصاد المملكة ازدهارا واستقرارا وتماسكا ملموسا، مبينا أن مرحلة الكساد ستطول وتمتد خلال العام الجاري وهو ما يرشح مزيدا من الانخفاض.

وأفاد المشيقح أن عامل الكساد وارتفاع العرض على الطلب يمثل معادلة مهمة عند استقراء التضخم حيث ستنخفض بذلك عملية الشراء لا سيما في الاقتصادات الكبرى والأسواق العالمية المستهلكة، مما يدفع إلى تراجع طبيعي في قيم السلع ورغبة في التسويق والتصدير وبالتالي انخفاض التضخم.

من ناحيته، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الرحمن الصنيع مستشار اقتصادي وأستاذ التسويق في كلية إدارة الأعمال بجدة إن من بين العوامل المساهمة في تراجع التضخم، تزايد قوة العملة المحلية (الريال السعودي) المرتبط بالدولار، وهو الذي بدأ يستعيد بعض قواه في أسواق العملات مما يرفع من قيمة العملة المحلية وبالتالي يساهم في ارتفاع القوة الشرائية.

وزاد الصنيع أن تزايد القوة الشرائية المتأتية من تزايد قيمة العملة تمّكن المستهلكين من رفع سقف الشراء للحاجيات الضرورية وغير الضرورية، لافتا إلى إيجابية سياسة مؤسسة النقد العربي السعودي المتعلقة بالنقد التي كانت موفقة حيث دفعت إلى موازنة ضمان تدفق السيولة في الوقت الذي تحافظ فيه على عدم إشباع السوق بالكامل.

وأضاف الصنيع أن هناك علاقة بين التضخم وأسعار النفط حيث إن تراجع أسعار النفط أدى بدوره إلى تغيرات اقتصادية على المستوى العالمي فيما يخص قيمة المدخلات وبالتالي المنتج النهائي، مبينا أن نتائج تراجع الأسعار الحالي من شأنه أن يحفّز التجارة الداخلية ويرفع من النمو الاقتصادي ويقويّ شرايين الاقتصاد المحلية.

ولكن الصنيع توقع أن يتجه المستهلكون في السعودية لمزيد من الاندفاع نحو الشراء مع تراجع التضخم باستهلاك كميات أكبر من المنتجات والسلع، في وقت دعا فيه إلى ضرورة إبقاء مستوى التضخم بين 4.5 إلى 5.5 في المائة ليخلق نوعا من التوازن بعدم الإضرار بالقطاع الخاص ومكوناته.

وأضاف المستشار الاقتصادي وأستاذ علم التسويق أنه في حال تراجع التضخم إلى مستويات دون 4.5 في المائة فهو يعني تعرض الشركات والمؤسسات والمصانع إلى خطر نتيجة أنها لن تستطيع بالإيفاء بمديونياتها والالتزام بمصاريفها مما يهدد بتعطل المشاريع وانهيار بعضها وإشهار البعض الآخر الإفلاس.